حرفة لها تاريخ.. هنا تصنع بهجة رمضان فى الجيزة.. أسرة الجيزاوى: الفانوس الصاج بيكمل فرحتنا وهيفضل طول العمر ثابت وجوده.. لكل فانوس أصل وحكاية.. أشهرها الفاروق وأبو العيال أجملهم.. وأطول فانوس بارتفاع 7.5 متر

داخل ورشة لم يتغير نشاطها منذ عشرات السنين، أسرة تأصلت في صناعة الفوانيس بأشكالها وأحجامها المختلفة في منطقة المنيب، يقضي كبارها وصغارها نهارهم وليلهم وبين أيديهم فوانيس تسحر الأبصار بألوانها وجمال صنعها، يقفون على أهبة الاستعداد لحلول الشهر الكريم، بينما يقصدهم الزبائن من كل حدب وصوب للشراء، استعدادًا لتزيين المنازل والشوارع والساحات.
اعتادت أسرة الجيزاوي في محافظة الجيزة، على تصنيع الفوانيس الصاج، تلك المهنة التي توارثوها أبًا عن جد وتمسكوا بها وحافظوا عليها في ورشتهم وأبدعوا في تصميماتها والتجديد فيها، مع تعاقب الأجيال وتطور الصناعة وتغير أشكال الفوانيس وتصميماتها وخاماتها التي دخلت السوق في السنوات الأخيرة.
تركيب أجزاء الفانوس
تصنيع وتجهيز فوانيس رمضان
وُلد حسام حسن الجيزاوي، وجد والده يعمل في صناعة الفوانيس، وعلى يده تعلم التصنيع، ولتعلقه الشديد بالمهنة كان يذهب إلى الورشة بعد خروجه من المدرسة للجلوس معه ومشاهدته أثناء التصنيع: "والدي شغال في المهنة من سنة 1950، وانا اتعلمتها من طفولتي، كنت ارجع من المدرسة على الورشة أتفرج عليه وهو بيصنع وأساعده، ومع الوقت اتعلمت، وسيبت المدرسة عشان خاطر الصنعة".
وبينما كانت أنامله ترتب وقع خطواتها على قطع الصاج بتناغم وانسجام، يسابق شقيقه أحمد، وأبنائه يوسف وحسن، في تصنيع بهجة رمضان، قال: "أولادي اتعلموا الحرفة بنفس المراحل اللي أنا عديت عليها، عملوا معايا اللي انا عملته مع والدي، نزلوا من طفولتهم واتعلموا واشتغلوا بإيديهم وبدأت اعتمدت عليهم في التصنيع.. الشغلانة عاملة زي خلية النحل، كل واحد موجود في مكانه ليه دور، إحنا عيلة واحدة، كل أفرادها شغالين في المهنة، أولادي وأخواتي وأولادهم".
تصنيع فانوس شهر رمضان
لحام قطع الفانوس
تمر صناعة الفانوس الصاج بمراحل يدوية عديدة حتى يظهر في صورته النهائية، تبدأ بقص المعدن إلى أجزاء، ونقشه وتفريغه، وصولًا لمرحلة اللحام وتركيب الزجاج وتجميع قطع الفانوس: "خاماتنا عبارة عن معدن خام، وزجاج خام، ومادة اللحام القصدير الأبيض، المعدن بييجي يتشكل منه أشكال نقدر من خلالها نكوًن الفوانيس بتصميماتها المطلوبة، وعشان ده يحصل بيمر على مراحل القص والدق والزخرفة واللحام والتجميع، وممكن نصنع 50 فانوس صغير في الأسبوع الواحد".
للفوانيس الصاج تصميمات وأحجام مختلفة مازالت تحتفظ بجمالها ورونقها، ومسميات مميزة ارتبطت بتاريخ الحرفة، وتناقلها روادها عبر الأزمنة: "إحنا بنصنع فوانيس رمضان الصاج بجميع أشكالها وأحجامها، بداية من الفانوس الميدالية وصولًا لفانوس عملناه رمضان اللي فات وصل طوله لـ7.5 متر، والفوانيس منها العِرق، والدلاية، والفاروق، والمربع، وبِلُوَز، والعدل، والفينار، والبطيخة، أما الفوانيس الكبيرة، منها فاروق الكبير، والباكية، والشمامة، وبرج عشرين، وبرج ثلاثين، وبرج خمسين، وبرج ستين، وبرج سبعين".
تصنيع الفوانيس
تصنيع فوانيس رمضان
لكل فانوس أصل وحكاية: "لكل فانوس شكل وتصميم وحكاية ارتبطت بيه، على سبيل المثال فانوس فاروق اتسمى على اسم الملك فاروق سنة 1950 والقديم منه كان ليه باب بيفتح ويقفل، وفانوس تاج الملك تفاصيله ومكوناته وزخرفته كتيرة جدًا، وسبب تسميته إن في حالة عكس جزئه العلوي والسفلي في مرحلة التجميع والتقفيل هيكون شكل تاج الملك، وفانوس البرج بأطواله المختلفة شبه البرج في تكوينه وتصميمه، أما أقدم أنواع الفوانيس وأجملها تصميمًا وأكثرها شهرة، فهو فانوس أبو الولاد، وهو عبارة عن فانوس كبير وحوله ستة فوانيس أصغر منه حجمًا".
رغم انتشار الفوانيس الحديثة، إلا أن الفوانيس الصاج مازالت تحتفظ برونقها وجمالها الذي قلما تجده في أنواع أخرى: "المهنة على أد ما تبان بسيطة، إلا إنها فنية من الدرجة الأولى، عاملة زي المغناطيس اللي يقرب منها بيكمل فيها حبًا وشغفًا، والفانوس المصري المصنوع بأيادٍ مصرية هيفضل موجود طول ما فيه شهر رمضان، والفانوس الصاج القديم، والتصميمات اللي احنا شغالين عليها، واللي بتطوًر كل سنة سواءً في الأشكال أو الأحجام".
حسام الجيزاوي
ورشة تصنيع فوانيس رمضان
وبينما كان أحمد الجيزاوي، الابن الأوسط لحسن الجيزاوي، يقوم بلحام قطع المعدن مع بعضها البعض يدويًا باستخدام النار والقصدير الأبيض، بعد تعشيقها بزجاج مختلف ألوانه بين الأخضر والأحمر، ارتسمت على محياه ابتسامة خجولة، متذكرًا سنوات عمله الأولى وما تخللته من ذكريات: "رحلتي مع المهنة بدأت بعلقة، في يوم والدي بيصحيني أروح المدرسة قولتله مش عاوز أروح، أخدني على الورشة اشتغل، ومن هنا بدأت رحلتي مع المهنة، ماكنتش حابب أتعلم في الأول، ومع الوقت اتعلمتها وأتقنت صناعتها ووالدي بقى يديني مكافآت، وكانت أول مكافأة ليا بعد سنتين تعليم وشغل سبعة جنيه".
لم تكن الورشة مجرد مكانًا تقليديًا لتصنيع الفوانيس، بل شاهدة على تاريخ أسرة احترف كل من فيها صناعة لها تاريخ: "والدي علمني واخواتي الصنعة، واحنا علمنا أولادنا، وكلنا بننزل نشتغل مع بعض كبار وشباب وأطفال، بنجهز خاماتنا طول السنة، والتصنيع بيبدأ قبل شهر رمضان بثلاثة شهور، بننزل الورشة كل يوم من بدري، كل واحد ياخد مكانه ويبدأ مرحلته في التصنيع، وبفضل الله ما فيش حاجة صعبة في التصنيع حبنا للمهنة والشغل اللي بننتجه وفرحة الزبون بالفانوس عندنا بالدنيا كلها، الصعوبة اللي بتواجهنا ممكن تكون في فترات التصنيع الطويلة، يعني ممكن أفضل قاعد 24 ساعة أو يومين متواصلين أصنع فوانيس، والحمد لله ربنا بيهونها".
تصنيع الفوانيس
تصنيع فوانيس شهر رمضان
تحافظ أسرة الجيزاوي على مهنتها التي تأبى النسيان، لعشقها وتقديرها لها، وارتباط الفانوس الصاج بالعادات والتقاليد القديمة، فهم يؤمنون أن الفوانيس ليست صناعة أو تجارة فقط، بل بهجة ترتبط بالشهر الكريم: "صنعتنا كلها بهجة وفرحة، وطول ما انت مهتم بأكل عيشك ومراعي ربنا في شغلك ربنا هيكرمك، بفضل الله، بقينا من أحسن الصنايعية وورشتنا من أكبر ورش تصنيع الفوانيس، وشغلنا بيروح كل أنحاء مصر".
لم تتأثر الفوانيس الصاج كثيرًا بدخول الفوانيس المصنوعة من خامات أخرى كالبلاستيك، والقماش، والخشب، وتطورت شكلًا وحجمًا، محتفظة بزخارفها ونقوشها وتفاصيلها المرتبطة بالتراث الشعبي القديم: "الفانوس الصاج يتميز عن الفانوس الصيني والخشب والخيامية، بصناعته اليدوية، اللمسة اللي فيه مش موجودة في أي فانوس تاني، وهيفضل طول العمر ثابت وجوده".
أحمد حسن الجيزاوي
تجهيز فوانيس رمضان
تجهيز فوانيس شهر رمضان
تجهيز
تصنيع الفوانيس
تصنيع فوانيس شهر رمضان
حسام حسن الجيزاوي
فوانيس
مراحل تصنيع أجزاء الفانوس
ورشة التصنيع في المنيب
ورشة التصنيع
ورشة تصنيع الفوانيس
فوانيس شهر رمضان
فرحة الأطفال بالفوانيس
Trending Plus