الصورة لا تعكس كل شيء

في عالمٍ سريع الخطى، يبدو أن البعض يعيشون حياة مثالية أمام أعيننا، صورهم اللامعة على وسائل التواصل الاجتماعي، الكلمات البراقة التي يلقونها، والمظاهر التي تسر الأنظار، ولكن خلف كل صورة جميلة، هناك حكاية لم تروَ بعد، قصة لم تلتقطها عدسة كاميرا، وأسرار مخفية وراء الابتسامات، فما من أحدٍ نراه يعيش في الرفاهية، إلا وله ثمن يدفعه، وإن كان الثمن في بعض الأحيان أكثر مما نتصور.

قد تراه يحمل هاتفًا جديدًا، يبدو لك كما لو أنه يمتلك كل شيء، لكن لا تعرف أن هذا الهاتف جاء بتقسيط، وأنه لا يملك سوى الفاتورة المعلقة التي تثقل قلبه، هو متزوجٌ حديثًا، يبهرك حديثه عن الحياة الزوجية، لكنك لا تعلم أن أهله قد باعوا بعضًا من ممتلكاتهم في سبيل أن يراه سعيدًا في يومه الكبير.

ويأتيك وهو متفاخرٌ بسيارته الجديدة، ولكنك تجهل أن الأقساط التي عليه تتراكم يومًا بعد يوم، حتى باتت السيارة أكثر عبئًا من نعمة، وهو يلبس أفخم الملابس، تتباهى ألوان قميصه في الشمس، ولكن لا تدري كيف حرَمَ نفسه من أشياء كثيرة لكي يشتري ذلك الطقم، وماذا عن دراسته؟ أليس هو من حصل على درجة عالية في الامتحان؟ نعم، ولكن لا تعلم كم من الساعات قد أمضاها يذاكر في صمت، وكيف كانت تلك اللحظات من العرق والإرهاق أضعاف لحظات الفرح التي رآها الجميع في ذلك اليوم.

الحياة مليئة بالقصص غير المروية، والمعارك التي تخوضها النفوس في صمت، قد تظن أنك ترى الصورة كاملة، لكن الحقيقة أن هناك دائمًا ما هو خلف الكواليس، ما تقدره أنت كنجاح، قد يكون هو بالنسبة له مجرد بضع خطوات على طريقٍ طويل ومؤلم.

لذا، حينما ترى شيئًا يعجبك في حياة الآخرين، تذكر أن كل نجاح له ثمن، وكل حلم له تضحية، وكل ابتسامة قد تكون خلفها معركة خفية، فلا تنخدع بالصورة الجذابة، لأنك لو رأيت ما وراءها، ربما لن تحسد، بل ستشفق.