دفن الحيوانات في بلاد الرافدين.. هل كان له معنى؟

حضارة بلاد الرافدين
حضارة بلاد الرافدين
أحمد إبراهيم الشريف

حضارة بلاد الرافدين واحدة من أقدم الحضارات التي كان شأن في العالم القديم، وكان لها اهتمام كبير بالحيوانات لأنها حضارة معتمدة على الزراعة، وتم العثور على دفنات لحيوانات فما معنى ذلك؟

يقول كتاب "العبادة الحيوانية بين الدفن والرمزية فى مصر وبلاد الشام والعراق.. فى عصور ما قبل التاريخ" لـ زينب عبد التواب رياض:
 

دفنات الثيران والأبقار

إذا كانت دفنات الثيران والأبقار قد عُثر عليها في مصر بدءًا من العصر الحجري القديم، وفي بلاد الشام بدءًا من المرحلة النطوفية، فإنها في بلاد الرافدين لم تكن على غِرار ما كان عليه الوضع في مصر وبلاد الشام؛ فمنذ العصرِ الحجريِّ النحاسيِّ بدأ ظهور العديد من الحضارات التي كان منها حلف والعبيد والوركاء. وفي هذا العصر احتلَّت الحيوانات مكانةً هامةً، ونشأت في تلك الفترة عبادة الخصب المميزة للمزارعين، المتصلة بعبادة الثور والمرتبطة بتقديس الأمومة، وهي من البوادر الفكرية الهامة للمجتمعات الزراعية، التي بقيت ملازمةً لمواقع هذا العصر.
ففي العرباجية اعتُبرت جماجم الثيران من الرموز الدينية الهامة التي كانت شائعة، والتي كانت لها قدسيتها آنذاك،  فقد عُثر على جمجمةٍ حيوانيةٍ وأجزاءٍ من عظام فقرات الظهر في واحدةٍ من الدفنات الآدمية التي تُؤرَّخ بعصرِ حضارةِ العبيد، كانت الجمجمة الحيوانية قد وُضِعت أسفل رأس المتوفَّى.


وفي المقبرة رقم G.47 بجبَّانة الأرباخية أيضًا، عُثر على فكٍّ لحيوانٍ من فصيلة الماشية، كان قد وُضِع أعلى عظامِ فكِّ دفنةٍ آدميةٍ كان قد عُثر عليها بالمقبرة، ويُحتمل أن يكون هذا الفك نوعًا من القربان الحيواني، هذا، ولقد كانت أغلب الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالجبَّانة مزودةً بأجزاءٍ حيوانيةٍ.


وعُثر على الكثير من البقايا العظمية لحيواناتٍ من فصيلة الماشية، كانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها أسفل أرضيات منازل هذا الموقع، ومن دراستها تبيَّن أنها كانت بمثابةِ نوعٍ من القربانِ الحيوانيِّ كطعامٍ للمتوفَّى.
ولقد كان للثور لا سيما في حضارة حلف دورٌ هامٌّ في معتقدات أهل هذا العصر؛ إذ كثيرًا ما عُثر على جماجمِ ثيرانٍ كانت قد دُفنت في بعض المناطق، ليس فقط في المقاﺑر، بل وبالمعابد أيضًا، هذا بخلاف كثرةِ ما عُثر عليه من بقايا عظميةٍ للثيران في مواقعَ عدةٍ عكست قيمته الاقتصادية. ففي الوركاء، عُثر على الكثير من بقاياه العظمية التي جاءت مختلطةً ببقايا عظميةٍ لحيوانات أخرى.


ولقد ظهر ما يُعرف بالقربان النذري في العديد من المقابر التي تُؤرَّخ بعصر حضارة العبيد بجبَّانة أريدو؛ إذ عُثر على هيئاتٍ حيوانيةٍ من الفخار، لا سيما لأبقارٍ، وذلك في دفنات عدة وكان في وجودها دليلٌ على ثراء تلك المقابر؛ ففي تبَّة ياريم عُثر على الكثير من البقايا العظمية الحيوانية، لماشيةٍ ومَعْزٍ وقرونِ ثيرانٍ، كانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالموقع، هذا بخلافِ ما عُثر عليه بين تلك الدفنات الآدمية، من حُفرٍ صغيرةٍ بها عظامٌ حيوانيةٌ وآثارُ احتراقٍ، وبعض الكِسَر الفخارية، ولم يُستطع بعدُ تفسيرُ الغرضِ منها.


ولربما كان للقرون الحيوانية مغزاها الطقسيُّ؛ إذ إنه كما عُثر على قرونٍ حيوانيةٍ في بعض دفنات تبَّة ياريم، فقد عُثر في أساس المعبد الأبيض على قرنِ حيوانٍ يحمل آثارًا لبعض الألوان، وكأنه عملٌ فنيٌّ نُفِّذ من هذا القرن الحيواني.
وفي عصرِ ما قبل وبدايةِ الأسرات،  كانت الحيوانات قد اتَّخذت مكانةً وأهميةً كبرى؛ إذ زادت الرمزية واتسعت التخيُّلات والأساطير المرتبطة بالحيوانات، فأصبح للحيوان دوره الدينيُّ الذي انقسم إلى دورٍ سلبيٍّ وآخرَ إيجابيٍّ؛ ففيه الشرُّ وفيه الخير، وأصبح الحيوان في ذلك العصر بمثابة حلقة الوصل التي ربطت ما بين عالم الإنسان وعالم الآلهة.


وتوقَّفت صلةُ الإنسان بالحيوان وبعالم الآلهة من خلالِ ما كان يقدَّم من أضاحٍ حيوانيةٍ، قصدوا بها أحيانًا القضاءَ على الشر، وأحيانًا أخرى إرضاءَ أرواح الموتى وأرواح الآلهة. 


وقد ظهرت في المقابر الملكية إحدى عادات الدفن الغريبة، التي تمثَّلت في دفن الخَدَم والأتباع، بل والحيوانات، مع الملوك، باعتبارهم متاعًا جنائزيًّا.


ففي أور  عُثر على العديد من المقابر الملكية التي دُفن فيها الخَدَم، والعربات الحربية التي تجرُّها الثيران، مع الملوك؛  ففي المقبرة الملكية رقم PG/580 بأور، عُثر على هيكلٍ عظميٍّ لثورٍ، كان في حالةٍ سيئةٍ من الحفظ، وعُثر إلى جواره على بقايا خشبيةٍ لعربةٍ، وبالقرب من هذه المقبرة، عُثر على ما يُعرف بحُفَر الموت.


وفي واحدةٍ من تلك الحُفَر عُثر على ثلاثٍ من جماجم الثيران. ويرى Woolley أنَّ هذه الحفرة بجماجم، إنما هي حفرةٌ خاصةٌ بتقديم الأضاحي الحيوانية.


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الخارجية الأمريكية توافق على صفقة محتملة لبيع أنظمة صواريخ هيمارس للبحرين

بتروجت يصطدم اليوم بكهرباء الإسماعيلية بحثا عن الفوز الأول في الدورى

من البطاطس إلى القهوة.. موجة الغلاء تضرب موائد العالم.. الأرز والكاكاو وزيت الزيتون ضحايا جديدة للتغير المناخى.. ارتفاع الأسعار تصل حتى 280%.. سعر القهوة يزيد 100%.. والزيتون يواصل الصعود بنسبة 50% سنويا

عمر مرموش يتصدر أغلى اللاعبين الأفارقة في الدوري الإنجليزي الموسم الجديد

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور


المقاولون العرب يختتم استعداداته لمواجهة الزمالك بالدوري

حمدي فتحي في اختبار صعب مع الوكرة ضد العربي في الدوري القطري

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

مشهد مرتبك فى لبنان.. مساع لتوحيد المواقف بشأن حصر السلاح قبل زيارة مبعوث ترامب لبيروت.. مسئول إيرانى يبث رسائل طهران من بيروت.. عون يرد: نرفض التدخل فى شئوننا ولا استثناءات فى حمل السلاح.. وترقب لخطة نزعه

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو اليوم الجمعة فى الدوري المصري والقناة الناقلة


شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور

منتخب السلة راحة اليوم ببطولة الأفروباسكت لكرة السلة

موعد مباريات اليوم الجمعة 15 -8 -2025 في الدورى المصرى

تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك ينهى أزمة مستحقات البرتغالى جوزيه جوميز بالتراضى

الأقصر تدعم المزارعين.. علاج 40 فدانا من دودة القصب الكبيرة.. الانتهاء من زراعة 16 حقلا إرشاديا بمحصول الذرة الرفيعة.. 20 رخصة لمحال الاتجار في الأعلاف.. ومقاومة حشرة النمل الأبيض بـ 19 منزلا بالمجان.. صور

محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

خطوات جديدة بعملية إعادة التوازن البيئى لبحيرة قارون.. إنزال كميات من يرقات الجمبرى.. تزويد البحيرة بـ 5 ملايين وحدة جمبري.. والتحسن النسبي في مياه البحيرة ساهم في النمو السريع لليرقات في الموسم الماضى.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى