أفكار أسيرة

حقًا من أصعب مشاكل الإنسان مع نفسه تقوقعه داخل أفكاره، بحيث لا يسمح لها بالانطلاق خارج حيز عقله، وكأنها أسيرة مُحاطة بجُدران فولاذية ليس لديها القدرة على الحركة أو التحليق خارج هذا الإطار، فهذا هو الأسر بعينه، فأن تجعل أفكارك حبيسة تتحرك جيئة وذهابًا فى حيز واحد، فهذا لا يعنى سوى أمر واحد، وهو القمع الذى يقتل مشاعر الحرية، والفكرة التى يتم أسرها تصبح والعدم سواء، فلا معنى لها ولا جدوى منها، وربما يكون هذا هو السبب المُباشر فى تعجب الآخرين من وقوفهم أمام مشاكلهم عاجزين تمامًا، ولا يُدركون أن هذا يرجع فى الأساس إلى سلبيتهم فى طرح أفكارهم وإخراجها إلى النور، فهم يكتفون بالتفكير ثم التفكير، ولكنهم يقفون عند هذه المرحلة فحسب، ويتراجعون مئات المرات عند دخولهم حيز التنفيذ، ربما لخشيتهم من فشل أفكارهم، وهناك أشخاص لديها فوبيا شديدة من الفشل، لدرجة أنهم يُؤثرون الوقوف فى موقف العاجز الذى لا يفعل شيئًا على أن يُغامروا بدخولهم فى تجربة قد تُصاب بالفشل، فهذا الأمر ليس لديهم القدرة على مواجهته، فهو فوق قدرتهم على الاحتمال.
ولكن أيًا ما كان الأمر، فلا بد أن يتحرر الإنسان من فكرة الخشية من عرض أفكاره وطرحها على أرض الواقع، لأن الفكرة هى النبتة التى تصنع المُعجزات، ولولاها ستتوقف الحياة عن التطوير والإبداع، بل وستقف المشاكل عند مرحلة المُناقشة دون أن يُصبح لها حلول، فكيف نُجهد عقولنا فى التفكير، ومُحاولة إيجاد أفكار جديدة، وفى النهاية تجعلها حبيسة عُقولنا، وكأنها مُجرد جماد غير مُجْدٍ وبلا فائدة.
وأخيرًا، حرروا أفكاركم، وأخرجوها إلى النور، وأخضعوها للتجربة وتقبلوا نتائجها مهما كانت، لأنها المُحرك الرئيسى لكل خلايا العقل، وبدونها سيتوقف الأخير عن الإبداع، بل وستتأكسد وأيضًا ستعجز المشكلات عن إيجاد الحلول، وستفقد الحياة مُتعة التجربة، فلولا الأفكار ما كان الإنسان شعر بالحرية والأمل، فالأسير يتحرر من أسره بأفكاره، فكيف للحُر أن يأسر أفكاره؟!
Trending Plus