الوسائل والغايات..ولا خلاف على «محرقة غزة»

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم : أكرم القصاص

كالعادة يحدث غالبا ما نحذر منه، حيث ينخرط المثقفون - أو لنقل بعضهم - فى جدال لا ينتهى حول تقديرات المواقف والتحليلات والوسائل رغم اتفاق الغايات، نقول هذا بمناسبة جدل ومزايدات لا تزال مشتعلة بين أطراف مختلفة، يحاول كل فريق البرهنة على صحة وجهة نظره وموقفه مما جرى فى غزة، ومدى صحة أو خطأ ما جرى فى 7 أكتوبر 2023 «طوفان الأقصى» من عمليات هجوم وخطف فى غلاف غزة، وهى عملية بالفعل مثلت صدمة للنظام الأمنى الإسرائيلى، لكنها أيضا قادت إلى واحدة من أكبر حملات الانتقام فى التاريخ، شملت دمارا شاملا لغزة، ومبانيها وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ومئات الآلاف من الجرحى، ومثلهم من المفقودين، ما يجعلنا أمام محرقة لا تقل عن محرقة النازى ضد اليهود، وهو ما يجعلنا نطالب بإدانة محرقة غزة مثلما نفعل مع محرقة النازى ضد اليهود.


الخلاف حول صحة أو خطأ أى عملية، وارد، بين أطراف السياسة والسلاح، مع الأخذ فى الاعتبار أن غزة وإن تعرضت لدمار شامل، فقد صمدت فى مواجهة مخططات تهجير كانت واضحة، وبالتالى فإن من يدعم حل التفاوض هو فى الواقع يرمى لحساب معادلات الخسارة مقابل ما يتحقق من أهداف، وقد فتحت عملية طوفان الأقصى فرصة لنتنياهو ليسوق حرب إبادة، بزعم حماية الأمن ومنع تكرار ما جرى، وهو ما يجعل إعادة التقدير أمرا واجبا.


هذا الحجم من الخسائر بجانب ما نتج عنه من تحولات فى جبهات متعددة فى لبنان وغيرها، يشير إلى أن هذه الجولة تمثل تحولا غير مسبوق فى تاريخ المواجهات، حيث لم تكن الحرب تتجاوز أسابيع، لكنها هذه المرة تجاوزت الخمسة عشر شهرا، وأنتجت تحولات فى موازين القوة، بل إنها كشفت عن ضعف شديد فى جبهات الإسناد، بجانب تراجع واضح لما سمى «تيار الممانعة»، ممثلا فى إيران وحزب الله وسوريا، حيث ظهرت إيران ضمن حملات التباهى بعد عملية طوفان الأقصى، لكن سرعان ما أعلنت أنها لن تدخل فى حرب شاملة، ومن حيث أراد حزب الله أن يساند جبهة غزة، وجد نفسه فى مواجهة هى الأخطر فى تاريخه، والتى أثرت على كل التفاصيل الاستراتيجية فى المنطقة، حيث شن الاحتلال حربا على جنوب لبنان وحزب الله، ونفذ خطة تصفية قيادات الصفين الأول والثانى ونوابهم وخلفائهم، وعمليات الاغتيالات الممنهجة التى بدأت بفؤاد شكر، ولم تنته بالأمين العام السيد حسن نصر الله، وأكثر من 400 قيادة للحزب، بجانب عمليات اختراق وتفجيرات، أشهرها عمليتا «البيجر، والتوكى ووكى»، مثلت ضربات استخبارية وتقنية موجعة.


قبلها دخلت إسرائيل فى مواجهات مباشرة مع إيران باستهداف القنصلية الإيرانية فى دمشق، وتنفيذ اغتيالات لقيادات إيرانية فى جنوب لبنان، ثم تنفيذ اغتيال إسماعيل هنية داخل طهران، الأمر الذى كشف عن ثغرات واضحة فى جبهات بدت فى أعقاب عملية طوفان الأقصى متماسكة، بل إن هذه المواجهات أنهت عقودا من الحروب بالوكالة والتهديدات والدعايات.


كل هذه التفاصيل تشير إلى تحولات بالفعل وانكشاف فى جبهات، بجانب أخطر ما كشفت عنه هذه الحرب أو العدوان، هو سعى إسرائيل لتنفيذ عمليات تجعل غزة غير قابلة للحياة، وكان الحديث مباشرة عن تهجير الغزاوية إلى سيناء أو الضفة إلى الأردن، وهو مخطط تصدت له مصر بوضوح منذ اللحظات الأولى، وكشرت عن أنياب تعرفها إسرائيل جيدا، بل إن مخططات التهجير، بدت قريبة لدرجة أن تنظيم الإخوان - بقنواته - تبنى المخطط الإسرائيلى، بل إن بعضهم نشر تقارير أو أوراقا مزيفة، حيث كان الموقف المصرى حاسما فى مواجهة مخططات التهجير، وأيضا مخططات التصفية، وتفويت كل فرصة لتنفيذ هذه الخطط، والحقيقة فقد خاضت مصر حروبا داخل هذه الحرب، واجهت أكاذيب الاحتلال، ومحاولات استدراج توسع الصراع بلا هدف، تمسكت مصر بقدرتها على المناورة فى مواجهة مناورات متنوعة مدعومة من الولايات المتحدة، وانتهت إلى أن دعمت اتفاقا كاد أن يتعثر ويفشل.


وبالعودة إلى النقطة الأساسية، وهى أن الاختلاف حول أولويات المقاومة السلمية والعسكرية، أو الغايات والوسائل فإن الأمر وارد، وتقديرات المواقف والقوة والأهداف، لكن الاختلاف لا ينفى أن الاحتلال ارتكب مجازر وجرائم حرب ومحرقة ضد الأطفال والنساء، وهناك قضية امام محكمة العدل الدولية عن ارتكاب جرائم إبادة، تستحق أن نلتفت لها ونلتف حولها، وندعم هذا النوع من المساعى لتوثيق جرائم الاحتلال، ونتذكر أن «صورة محمد الدرة» كانت لها نتائج فى العالم أضعاف عمليات أخرى عسكرية، والانتفاضات خدمت القضية مثلما فعلت المقاومة.


الشاهد أن الاختلاف فى الغايات والوسائل، لا ينفى أهمية الدفع نحو تقارب فلسطينى للفصائل، ودعم لتوثيق جرائم حرب وإبادة ومحرقة فى غزة.


 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بطل من الحماية المدنية.. يصر على عدم النزول من السلم حتى إخماد حريق سنترال رمسيس

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

موتُ الفجأة لا يُحزِن.. وزارة الأوقاف: تذكرة للأحياء بحتمية الموت وقصر الأمل.. الموت المفاجئ ليس حدثاً محزناً.. رحمة للمؤمن المستعد ونقمة للعاصي الغافل.. وموت الفجأة إنذار لخلع ثوب الغفلة

صوت أمير عيد بأغنية نقطة بيضا فى الحلقة السابعة من مسلسل مملكة الحرير

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025


رابطة الأندية تحدد 20 يوليو موعدا مبدئيا لسحب قرعة الدورى الجديد

موعد مباراة مصر وتونس بنهائي البطولة العربية لسيدات السلة

رضا هيكل ينهي اتفاقه للاحتراف في دوري الطائرة الإماراتي

محمود عماد لاعب فاركو على رادار المصري في الميركاتو الصيفي

اتحاد الكرة: لا صحة لتحفظ النيابة العامة على عقود اللاعبين بسبب زيزو


محمد صلاح يظهر في ليفربول لأول مرة بعد وفاة جوتا

كرايوفا الرومانى يصدم الأهلى ويعلن تعاقده مع أسد الحملاوى.. فيديو

حريق سنترال رمسيس يؤثر على خدمات الاتصالات.. عمرو طلعت: عودة الخدمة تدريجيا خلال 24 ساعة.. تعويض المستخدمين من تأثر الخدمة.. وخدمات "النجدة" و"الإسعاف" و"الخبز" بالمحافظات لم تتأثر بالحادث

ترتيب الكرة الذهبية 2025.. صدارة فرنسية ومحمد صلاح رابعًا

معلومات الوزراء: مصر تتطلع للاستفادة من خبرات دول تجمع البريكس فى5 مشروعات

اتحاد الكرة: لن نستدعى زيزو والأهلى إلا بعد حضور محامى الزمالك لجلسة الاستماع

استشهاد 13 فلسطينيا فى قصف إسرائيلى استهدف منازل ومراكز إيواء فى غزة

أجواء شديدة الحرارة ورطوبة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

أبو عبيدة: عملية بيت حانون ضربة سددها مجاهدونا لجيش الاحتلال الهزيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى