هبة مصطفى تكتب: الكومبارس

الحياة ليست مجرد مشهد واحد، بل هي سلسلة من الأدوار المتنوعة، حيث لا يوجد دور غير مهم، حتى لو كان البعض منهم كومبارس، ففي كل لحظة نعيشها، قد نكون الكومبارس في حياة شخص آخر، لكن ذلك لا يعني أننا أقل أهمية، كل منا له دور في الحياة ولو كان غير مرئي، الكثيرون في حياتنا ليسوا أبطالًا، لكنهم كومبارس في قصتنا، وقد نكون نحن كومبارس في قصص أخرى، هكذا الحياة "وما الدنيا إلا مسرح كبير" نجد هناك تشابه بين الكومبارس في الحياة والكومبارس في المسرح أو السينما، فكلاهما يؤدي أدوارًا ثانوية لكنها ضرورية لتحقيق توازن كامل في الحدث أو المجتمع، لتكتمل الصورة العامة وتظل علي قيد الحياة.
ويختلف مفهوم الكومبارس في الحياة ممكن أن يكون تشبيه لأشخاص أو أفكار أو مشاعر تشاركنا حياتنا اليومية بطريقة غير فاعلة أو سلبية، تعيق تقدمنا أو تؤثر سلبًا على حالتنا النفسية أو أفكارًا سلبية تدور في أذهاننا، أو تجارب فاشلة ماضية، أو حتى علاقات غير بناءة، هذه العوامل غالبًا ما تشعرنا بالعجز وتقلل من ثقتنا بأنفسنا وقدراتنا، ولكن يمكن تحويلها إلى أداة للنجاح والنمو إذا تم التعامل معها بشكل صحيح. ويمكن أن يكون أشخاص، تجارب، أو حتى أفكار تساهم في دفعنا للأمام. هؤلاء "الكومبارس" يمكنهم أن يكونوا مصادر إلهام أو حوافز لنا.
الكومبارس سواء كان سلبيًا أو إيجابيًا، هو جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، الفرق يكمن في كيفية تعاملنا مع هذا الكيان، إذا تعلمنا كيفية ترويض الكومبارس السلبي وتحويله إلى قوة دافعة للتغيير، فإننا نتمكن من خلق حياة مليئة بالفرص والنمو الشخصي. وفي الوقت نفسه، إذا استفدنا من الكومبارس الإيجابي واحتفظنا بعلاقات صحية وأفكار بناءة، سنكون قادرين على تحقيق أهدافنا والوصول إلى أعلى مستويات النجاح الشخصي.
وكعهدكم بي يجرنا هذا السياق إلي كومبارس المشهد ومثله كثير ولكن بدرجات متفاوتة لأنه يمثل الأفراد الذين يشغلون وظائف إدارية أو قيادية في المنظمات دون أن يكون لهم تأثير حقيقي أو دور فعال في اتخاذ القرارات أو تحسين الأداء. هؤلاء الأفراد عادةً ما يكون وجودهم شكليًا أو للظهور فقط، ويمكن أن يكون لهم تأثير سلبي علي المنظومة لأنه يعتمد علي من يقدس دوره حتي لو كان هذا التقديس وهمي للمصالح الخاصة وتكرار هذا الكيان يكون بسبب المحسوبية أو ضعف المعايير في اختيار الموظفين وغياب الشفافية يزيد احتمال ظهور أفراد غير أكفاء في المناصب القيادية، التسيب الإداري والتركيز على المظاهر و تصدير صورة مهنية بحتة دون النظر إلى فعالية الموظفين وقدرتهم على الأداء الفعلي.
عزيزي القارئ إعادة بناء صورة الكومبارس من خلال تفعيل الدور الإعلامي والتركيز على التقدير والإشادة للأدوار الثانوية لدعم صناعة الإنسان انكفئ من خلال إتقان الدور الذي يقوم به وتحقيق الرضا المكاني بدلا من أن يُنظر إليهم كعنصر ثانوي أو غير مهم، وقد يكون العكس.
وفي الختام، لابد من تعزيز الأدوار الثانوية واحترامها في مختلف مجالات الحياة فهي ركيزة أساسية لبناء مجتمع متوازن، فكل دور، مهما كان صغيرًا أو غير ظاهر، له قيمة كبيرة في تحقيق النجاح الجماعي. من خلال تقدير هذه الأدوار، يمكننا تقليل التهميش والصراعات التي قد تضعف من قدرة الأفراد على الوصول إلى المناصب القيادية، ما يعزز بيئة من التعاون والتفاهم. فالقوة الحقيقية لا تكمن في تهميش الآخرين أو التقليل من دورهم، بل في العمل الجماعي الذي يساهم فيه الجميع، بغض النظر عن حجم الدور.
وقد جاءت الأديان السماوية لتؤكد أهمية التعاون والتقدير لجميع الأفراد. ففي القرآن الكريم، يقول الله سبحانه وتعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ" الآية تعكس أهمية الاحترام المتبادل والعمل على تقدير الأدوار المختلفة بعيدًا عن الانقسامات أو التمييز.
وفي الكتاب المقدس، “فَمَنْ يَرْتَفِعْ، يَنْحَطُّ وَمَنْ يَنْحَطُّ يَرْتَفِعْ”، وهو تذكير بضرورة التواضع وتقدير كل جزء من الحياة، صغيره وكبيره، لتحقيق التوازن والعدالة.
وفي التوراة “فَفِي تَفَاوُتِ الأَشْيَاءِ نَفْعٌ”، مما يشير إلى أن تنوع الأدوار والوظائف في المجتمع يؤدي إلى تكامل أكبر وفائدة مشتركة.
إن تحقيق المجتمعات المتعاونة والمزدهرة يبدأ من تقدير جميع الأدوار، والتخلي عن فكرة التهميش، لتكون القيادة والتقدم ملكًا لكل من يسهم بجد واجتهاد في بناء هذا المجتمع من اجل تقدم وطن لا يقدر بثمن .
Trending Plus