حارة درب الحافرى.. قصة المودة التى لا تموت.. فيديو

رصدت عدسة تليفزيون اليوم السابع في تقرير من إعداد نغم أسامة وتصوير أحمد معروف تلك الأجواء المبهجة وتناولت كواليس هذه اللحظات السعيدة التي تكشف عن المعدن الأصيل للحارة المصرية منذ عشرات السنين .
منذ الوهلة الأولى، تبدو حارة درب الحافري في قلب إمبابة القديمة كأي حارة مصرية عادية، بأزقتها الضيقة وأهلها البسطاء، ولكن بمجرد أن تدق الساعة العاشرة صباحًا، تتحول الحارة إلى مشهد لا مثيل له، يُجسد أسمى معاني الترابط والمودة التي لم تعد شائعة في كثير من الأماكن في عصرنا الحالي.
داخل هذه الحارة، تتجاوز العلاقة بين الجيران حدود الصداقة والقرابة، هم ليسوا مجرد جيران، بل أسرة واحدة تجمعهم طاولة الفطور اليومية كل صباح، يحمل كل بيت ما أعده من طعام ليتشاركوه مع الآخرين في قلب الشارع، حيث يجتمعون لتناول الإفطار معًا وسط الحارة، مشهد بسيط لكنه يحمل في طياته قصة طويلة من الحب والتآلف الذي يوضح الروح المصرية العظيمة.
تقول أم كريم، إحدى أقدم سكان الحارة: "إحنا هنا زي السمك، لو خرجنا من الماية نموت. حتى اللي بيمشي من الحارة لازم يرجع كل يوم عشان يفطر معانا"، ولعل ذلك ما يجعل البعض يقطع أكثر من 25 كيلومترًا يوميًا ليشارك في هذه الوجبة اليومية التي تحولت إلى طقس مقدس لا يمكنهم الاستغناء عنه.
البداية: من جيل لجيل
عندما سألنا أم كريم عن أصل هذه العادة، أجابت بابتسامة مصرية أصيلة: "من أيام جدي وجدتي، الله يرحمهم. كلنا كنا بنتجمع من زمان. اللي بيجيب العيش، واللي بيحضر البطاطس، واللي بيعمل الجبنة والبتنجان. نجتمع كعائلة واحدة، وده مكمل مع أولادنا وأحفادنا لحد النهاردة".
أم كريم أوضحت أن عدد المشاركين في الإفطار لا يمكن إحصاؤه وعادة يكون هناك بعض الأشخاص من غير الحارة. "أي حد ما فطرش، أهلًا وسهلًا بيه، سواء من الحارة أو حتى من برا حتي السواقين اللي معديين ف الشارع اهلا وسهلا بالكل لقمة بتجمعنا كلنا".
الشاي والحلوى: تكملة الفطار
وبعد الإفطار، يتولى "أبو أية"، صاحب القهوة في الحارة، تقديم الشاي والقهوة للجميع، بينما يخرج أهل البيوت ما لديهم من حلويات ليتشاركوا بها. هذه التفاصيل الصغيرة تجعل الإفطار أكثر من مجرد وجبة، بل لحظة تُعبر عن أسمى معاني المشاركة. في كل شيء كما ذكر إحدي سكان الحارة أنه قديما عندما كانوا أطفال كان جداتهم يقومون بخبز بعض الفطائر وتجميع كل أطفال الحارة بالشارع علي طاولة واحدة والأكل سويا.
"الطبق الداير": عادة لا تزول
ومن بين العادات التي لا تزال متأصلة في الحارة هي "الطبق الداير"، حيث يرسل الجيران أطباق الطعام لبعضهم البعض. تقول أم كريم: "إحنا كبرنا على كده. البيت ده هو ده، مافيش فرق بينا. دي اللمة والجيرة اللي بنفتخر بيها، وده هو معنى مصر القديمة".
رسالة الحب من إمبابة
حارة درب الحافري ليست مجرد مكان، بل هي مثال حي لما يمكن أن تكون عليه الجيرة في أبهى صورها. وسط زحام الحياة وتغيراتها، تُثبت هذه الحارة أن الحب والمودة قادران على الصمود، وأن القيم الجميلة لا تزال تجد من يحفظها وينقلها من جيل إلى جيل.
Trending Plus