سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يناير 1905..مولد الأديب يحيى حقى سليل الأتراك الذى خالط الفلاحين والبسطاء فأهدى الأدب العربى روايات وقصصا رائعة.. وشغف برشاقة اللفظ فى مؤلفاته

الأديب يحيى حقى
الأديب يحيى حقى

فى أوائل القرن التاسع عشر قدم إلى مصر من مسلمى المورة شاب اسمه إبراهيم حقى، وكانت خالته الست حفيظة تعمل خازندارة لقصور الخديو إسماعيل، وبواسطتها التحق موظفا فى الحكومة، وتدرج حتى أصبح مديرا لمصلحة فى بندر المحمودية بمديرية البحيرة، ورزق إبراهيم حقى بثلاثة أبناء هم، محمد ومحمود طاهر وكامل، واستطاع أن يقتنى نحو مائة فدان.


فى «المحمودية» تزوج الابن الأكبر محمد من أسرة أصلها تركى، وأنجب أبناء من بينهم «يحيى» المولود فى7 يناير، مثل هذا اليوم، 1905، بحارة الميضة وراء مقام السيدة زينب فى بيت ضئيل من أملاك وزارة الأوقاف، حسبما يذكر «يحيى حقى» فى سيرته «كناسة الدكان»، وأصبح يحيى أحد أكبر أدباء مصر، وقدم روايات خالدة أشهرها «قنديل أم هاشم»، و«صح النوم»، و«أم العواجز»، و«خليها على الله» التى نشرت مسلسلة فى جريدة «الجمهورية» عام 1959، وكان جمال عبدالناصر يقرأها، وكتب مجموعة قصص «دماء وطين» وفيها قصة «البوسطجى» التى تحولت بنفس الاسم إلى فيلم من روائع السينما المصرية.

عاش يحيى حقى طفولته فى مناخ أسرى يقدر القراءة والإبداع كثيرا، ويوضح ذلك فى «كناسة الدكان»، قائلا إن والده محمد التحق بالأزهر لسنوات ثم انتقل للدراسة بمدرسة فرنسية، ولم يصبر فتركها للالتحاق بوظيفة بوزارة الأوقاف، لكنه ظل شغوفا بالقراءة ومغرما بحفظ روائع الأدب العربى القديم، وخلال مجاورة الأب بالأزهر كان يصلى الجمعة ذات مرة فى مسجد غاب عنه إمامه، ولأنه كان معمما دعاه المصلون إلى ارتقاء المنبر وإلقاء الخطبة، فلم يجد مخرجا من تلك الورطة إلا أن يتلو عليهم جزءا من مقامات الحريرى أوله «أيها السادر فى غلوائك»، فدهش المصلون لفصاحته وحضور بديهته، وإن لم يفهموا من الخطبة شيئا.

يضيف يحيى: «كان أبى مفتونا بالمتنبى يحفظ كثيرا من شعره ويلقيه علينا فى جلساتنا المسائية، وكان مغرما بالقراءة حتى أنه كان يقرأ وهو يسير فى الطريق، وما زلت أذكر كيف عاد ذات يوم وجبهته مبطوحة نبت فيها حبة زرقاء، فقد صدم عمود الترام وهو سائر يقرأ فى صحيفة»، أما والدته فيقول عنها: «كانت شديدة التدين، مغرمة بقراءة القرآن الكريم وكتب الحديث والسيرة النبوية، وتختار أسماء أبنائها من صفحات القرآن، فإذا اقترب موعد الوضع فتحت المصحف على أى صفحات، واختارت أول اسم يقابلها، وكثيرا ما كانت تقرأ علينا صفحات من البخارى والغزالى ومقامات الحريرى».
كانت مكتبة أخيه الكبير إبراهيم الذى شارك فى تحرير جريدة «السفور» أول معين له، ويذكر أن أخيه إسماعيل «ألف مسرحية لم تمثل»، أما عمه محمود طاهر حقى فاتجه إلى الكتابة والتأليف، ومن أهم مؤلفاته رواية «عذراء دنشواى» التى نشرها مسلسلة سنة 1906 فى صحيفة كان يصدرها اسمها «المجلة الأسبوعية»، وكان الشاعر أحمد شوقى ينشر فيها بعض قصائده بأسماء مستعارة.

يضيف: «حينما كانت تظهر قصيد لأحمد شوقى بالصفحة الأولى من الأهرام، كان البيت يقف على رجل، نقرأها بصوت عال ونحفظها ونرددها فى مختلف المناسبات، وكان عمى محمود طاهر على صلة وثيقة بشوقى، وعن طريقه أتيح لى الجلوس إلى شوقى عدة مرات، وفى إحدى تلك المرات أعطانى قصته «أميرة الأندلس» وهى مخطوطة لأبدى فيها رأيى، وكنت وقتها لا أزال شابا فى السادسة عشرة، ومع ذلك تجرأت ونقدتها بشىء من العنف، وكان ذلك غرورا منى ندمت عليه فيما بعد».

هكذا نشأ يحيى حقى فى بيت تحكمه ثلاثة مظاهر، يذكرها قائلا: «الأول، شغف برشاقة اللفظ، والابتهاج بالتوفيق فى العثور على الكلمة المناسبة للمعنى، لذلك كانت الخطابات التى نتبادلها تكتب بأسلوب متأنق، والثانى، نوع من الحياء يتنبه لزلة اللسان مهما كانت طفيفة، والمظهر الثالث يتمثل فى قدر من الانطوائية لأننا كنا أسرة موظفين من أصل تركى وليست لنا أملاك تذكر، بعد أن أساء الأبناء إدارة الأراضى التى ورثوها عن جدى، حتى أصبح وجودها كعدمه، ثم ما لبثت أن تبددت». 

بدأ يحيى حقى تعليمه فى كتاب السيدة زينب، ثم التحق بمدرسة «والدة عباس» وكانت مجانية من أوقاف إلهامى باشا يلتحق بها أبناء الفقراء، وحصل منها على الابتدائية عام 1917 ثم حصل على البكالوريا من المدرسة الخديوية عام 1921، والتحق بمدرسة الحقوق العليا فى وقت كانت تمثل قمة التعليم العالى، وخلال ذلك تشبع بمبادئ الحزب الوطنى.

فى أول يناير 1927 تسلم عمله الجديد معاونا للإدارة بمركز منفلوط، ويؤكد أنه قضى فيها أهم سنتين فى حياته، حيث أتيح له أن يعرف بلاده ويخالط الفلاحين عن قرب، ويعيش فى الحقول، ويذكر أن هذه المرحلة حضرت بقوة على المستوى الوصفى فى «خليها على الله»، وجعل محورها تأمل أسباب تلك الهوة التى تفصل بين الحكومة والفلاحين، أما المستوى الثانى فهو التصوير القصصى فى مجموعة «دماء وطين».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الإجهاد الحرارى يهدد حياة الملايين.. الأمم المتحدة: نصف سكان العالم يعانون من آثار سلبية من ارتفاع درجات الحرارة.. والعمل الدولية: 2.4 مليار عامل يتعرضون للحرارة المفرطة وأكثر من 22.85 مليون إصابة مهنية كل عام

المقاولون العرب يدخل معسكرا مغلقا استعدادا لمواجهة بتروجت بالدوري

رادار المرور يلتقط 1005 سيارات تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة

"دولة التلاوة".. اختتام التصفيات الأولى بالقاهرة وانطلاقها بالدقهلية

The Penguin وThe Studio يفوزان بجوائز نقابة مديرى المواقع الدولية LMGI


نقابة مديرى المواقع الدولية LMGI تمنح كيفن كوستنر جائزة إيفا مونلى

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم الأحد

بهاء الخطيب.. ذبحة صدرية أودت بحياة الفنان الشاب

سيدات الطائرة أمام هولندا ببطولة العالم بتايلاند

السيناريست جامايكا يعلن وفاة الممثل الشاب بهاء الخطيب


مصر تدافع عن حقوقها وفق القوانين الدولية لاتفاقيات فيينا .. تفاصيل

إعلام فلسطيني: سماع دوي انفجارات ضخمة جراء تفجير روبوتات مفخخة في مدينة غزة

الأهلى يدخل معسكرا مغلقا اليوم بكفر الشيخ استعدادا لمواجهة غزل المحلة

"زيزو طار من الصدارة".. اعرف ترتيب هدافى الدوري قبل إنطلاق الجولة الرابعة

تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الأحد

مواعيد مباريات اليوم في الجولة الرابعة بالدوري المصري

عادل العتر ينتقل إلى دورى اليد البرتغالى

حسام حبيب: شيرين عبد الوهاب بخير ومرورها بوعكة صحية كذب

ملخص وأهداف مباراة النصر ضد الأهلى فى نهائى كأس السوبر السعودى

الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة خلال آخر أسبوع فى أغسطس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى