المفتى:الأخلاق لا تستقيم بغير الدين وضعف الالتزام بالقيم الدينية والعرفية هو بداية الانهيار في أي مجتمع

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء
​كتب لؤى على

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي يمثلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق الأمن الفكري وصيانة الهوية الوطنية والإنسانية، مشددًا على أن التجديد ليس خروجًا عن الأصول، ولا تفلتًا من الثوابت، وإنما هو تفعيل للعقل المستنير في فهم النصوص ومواكبة الواقع، بما يحقق مقاصد الشريعة ويحفظ استقرار المجتمعات ويصون هويتها من العبث والتزييف.

جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمه معهد إعداد القادة ،أمس بحضور الدكتور كريم همام، مدير المعهد ومستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي للأنشطة الطلابية، والإعلامي الدكتور خالد سعد كبير مذيعي القناة الأولى وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعدد من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس ووفود طلابية من مختلف الجامعات المصرية، في لقاءٍ اتسم بالثراء الفكري والحوار البنّاء الذي يجسّد روح التواصل بين العلماء والشباب.

وفي مستهل كلمته، استعرض المفتي أبرز المحطات المؤثرة في مسيرته العلمية والإنسانية، موضحًا أن نشأته الريفية في كنف والدين كريمين كانت البداية الحقيقية لتكوينه العلمي والخلقي، حيث تفتّحت مداركه بين رحاب المسجد، وتشرّب من بيئته الريفية قيم البساطة والصدق والاعتماد على النفس. وأكد أن الفضل بعد الله تعالى يعود إلى والديه في غرس القيم الأصيلة في نفسه، ثم تحدث عن مرحلة عمله معيدًا بالجامعة، وتأثره بأستاذيه الجليلين الدكتور حامد علي الخولي والدكتور محمود عثمان، اللذين شكّلا في حياته نموذجين راسخين في العلم والقدوة، ثم  التواصل الذي جمعه بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،  شيخ الأزهر، الذي كان له أثر عميق في مسيرته ورؤيته للتجديد والفكر الإسلامي.

وأوضح أن تجديد الخطاب الديني في عصر الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا فكريًّا، بل أصبح ضرورة حضارية لحفظ الدين وصيانة العقول، مؤكدًا أن الخطاب الديني ليس جمودًا عند ظاهر النصوص دون فهم ولا انسلاخًا عن الدين تحت دعوى المعاصرة، بل هو توازن دقيق بين الثابت والمتغير؛ فالإسلام عقيدة وعبادة وأخلاق، وكلها تحتاج إلى عرض رشيد يواكب لغة العصر وأدواته، ويستفيد من منجزاته دون أن يهدم النص أو يغيّر جوهر الدين. وأضاف أن العلم الصادق يقود إلى الإيمان، وأن العقل والدين جناحان لا تقوم الحياة بدونهما، مستشهدًا بقوله تعالى «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» [الإسراء: 85].
مشيرًا  إلى أن الإنسان مهما بلغ من العلم يظل بحاجة إلى الإيمان الذي يمنحه التوازن والسكينة.

وفي حديثه عن الأمن الفكري، شدّد المفتي، على أن حماية الفكر من الانحراف والانغلاق ضرورة كبرى لبناء الأوطان، فالأمن الفكري ـ كما قال ـ يبني ولا يهدم، ويغرس الطمأنينة والاستقرار في النفوس، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب» موضحًا أن الفكر المنحرف مصدر اضطراب وهدم، بينما الفكر المستنير سبيل إلى الرشاد والسلام الاجتماعي.

وتناول دور الشباب في حماية الفكر الديني وبناء الشخصية الوطنية، مؤكدًا أن الشباب هم طاقة الأمة وسر نهضتها، وأن الأنشطة الطلابية تمثل وسيلة فاعلة لتنمية الوعي وتعزيز الثقة بالذات وبالقدرات، مشيرًا إلى أهمية إحياء دور المؤسسات الدينية في التثقيف والتوجيه، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية تنظم العديد من الدورات التدريبية الموجهة للشباب، تتناول قضايا علم النفس والاجتماع والتطرف الفكري، مبينًا أن التطرف لا يقتصر على الدين وحده، بل يمتد إلى التطرف المضاد الذي يسعى إلى تفريغ الدين من مضمونه وقيمه الأصيلة.

وفي الجلسة الحوارية، استمع المفتي إلى أسئلة الطلاب، موضحًا الفرق بين التبليغ والدعوة والفتوى، مبينًا أن المبلّغ عن الله لا بد أن يمتلك أدوات العلم والرؤية والبصيرة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية» لا يعني النقل دون فقه أو وعي، بل يتطلب سلوكًا راقيًا وقدوة حسنة. كما دعا إلى التعامل الواعي مع وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها سلاحًا ذا حدين، يمكن أن يكون منبرًا للخير كما يمكن أن يتحول إلى أداة للانحراف والتضليل، مؤكدًا أهمية الثقة في المؤسسات الدينية والوطنية، ومحذرًا من حملات التشكيك التي تستهدف النيل منها بزعم تبعيتها، قائلاً إن من يطعن في المؤسسات الدينية إنما يفعل ذلك لأنه يرفض الاعتدال، ولا يرى إلا فكره الضيق وأهواءه الشخصية.

وفي حديثه عن السلام الإنساني، ثمّن الجهود الوطنية والعالمية المبذولة في صناعة السلام، معتبرًا أن السلام ليس شعارًا يُرفع، بل فنٌّ وإرادة تتطلب عملًا مستمرًّا وصبرًا طويلًا، داعيًا الله تعالى أن يبارك في كل من يسعى إلى إحلاله وترسيخه. كما أكد أن العالم المعاصر يواجه أزمة أخلاقية خانقة، وأن إصلاح الأخلاق هو المدخل الحقيقي لإصلاح المجتمع بأسره، مشددًا على ضرورة إدراج مادة القيم والأخلاق في المناهج الدراسية لترسيخ السلوك القويم في نفوس الناشئة.

وأكد المفتي أن الأمة تواجه حربًا فكرية شرسة تستهدف القضاء على الهوية الدينية والوطنية والتاريخية واللغوية، محذرًا من الذوبان والانفصال عن الجذور، داعيًا إلى الاعتزاز بالهوية المصرية والعربية والإسلامية ومقاومة محاولات تفكيكها، ومشيرًا إلى أن بعض الجهات تحاول التقليل من قيمة الوطن والدين والتاريخ، في حين أن الحفاظ على هذه الثوابت هو الضمان الحقيقي للأمن الفكري والاجتماعي. وأضاف أن العقل والعلم والدين إذا اجتمعوا صلح الفكر واستقام الوعي، مؤكدًا أن الحرب الفكرية الراهنة أخطر من أي حرب مادية لأنها تستهدف العقول والضمائر قبل الأجساد.

وفي ختام كلمته، وجَّه المفتي نصيحة أبوية للشباب بألا ينخدعوا بالمظاهر الزائفة أو ما يسمى “التدين المغشوش”، داعيًا إلى تحرّي الصدق في طلب العلم والأخذ من المصادر الموثوقة، وتوقير الوالدين، وتعظيم القدوة الحسنة، والحذر من الانسياق وراء الشائعات والمحتوى الهابط عبر وسائل التواصل الاجتماعي مهما حظي من انتشار، مؤكدًا أن العلاقة الصادقة بالله هي الحصن المنيع من الفتن والانحرافات، مصداقًا لقوله تعالى: «إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا» [الأنفال: 29].

من جانبه، رحّب الدكتور كريم همام بفضيلة مفتي الجمهورية، مثمنًا الدور الرائد لدار الإفتاء المصرية في نشر العلم وترسيخ القيم وبناء الوعي الوطني والفكر المستنير، ومشيدًا بجهود المفتي المشهودة في خدمة الدين والفكر والوطن، وقدّم في ختام اللقاء درع المعهد؛ تقديرًا لعطائه وجهوده المخلصة في خدمة الفكر والدين والوطن.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة بالفوز على كارديف سيتي

مصدر مقرب من أحمد حمدى يكشف كواليس أزمته مع أحمد عبد الرؤوف

عمر كمال وأحمد بيكام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور

شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025

فيفا يسدل الستار على جوائز ذا بيست 2025.. عثمان ديمبيلى أفضل لاعب فى العالم.. بونماتي لاعبة برشلونة تخطف لاعبة العام.. الكشف عن تصويت حسام حسن ومحمد صلاح.. و22 قائدا يدعمون الفرعون فى السباق العالمى


أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

تعرف على جميع الفائزين فى جوائز ذا بيست 2025

نتيجة مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية بعد مرور 15 دقيقة.. صور

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى


كبيرة موظفى البيت الأبيض: ترامب لديه شخصية مدمن كحول وماسك يتعاطى كيتامين

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

رحلة محمد صلاح مع جائزة THE BEST.. أسطورة مصرية على الساحة العالمية

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

تعرف على رسالة حمزة عبد الكريم إلى الأهلى بسبب عرض برشلونة

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

غيابات الزمالك أمام حرس الحدود بكأس عاصمة مصر

برشلونة يشيد بموهبة حمزة عبد الكريم: نجم واعد للمستقبل

مفاجأة فى مستقبل محمد صلاح مع ليفربول قبل أمم أفريقيا 2025

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى