أرملة الشهيد محمد حبشي في أول حوار لليوم السابع: قرار تعييني بمجلس الشيوخ شرف لى ولأسر الشهداء جميعا.. الرئيس السيسي لا ينسى من ضحى.. شهادة زوجي وسام أعلقه على صدري.. مصر تعيش عصرها الذهبي.. ولدي أحلام كثيرة
في لحظات لا تُنسى من العمر، حين يمتزج الحزن بالفخر، والغصة بالعزة، تقف أسماء بعينها شاهدة على معاني العطاء المجرد من كل مصلحة، والبطولة التي لا تنتظر تصفيقًا.
واحدة من هذه الأسماء التي تكتمل بها سيرة الكرامة الوطنية، هي ريم حسين، أرملة الشهيد البطل العقيد محمد وحيد حبشي والتي اختارتها الدولة لتكون عضوًا بمجلس الشيوخ، تقديرًا لما تمثله من نموذج نسائي وطني، وعرفانًا لتاريخ زوجها المضيء بدم الشهادة.
ريم حسين، التي تسلمت مؤخرًا كارنيه عضويتها بمجلس الشيوخ ضمن التعيينات الرئاسية، خصّت "اليوم السابع" بأول حوار صحفي لها بعد صدور القرار، لتبوح بمشاعرها، وتفتح نافذة على حياة الشهيد الإنسان، وتؤكد أن مصر لا تنسى أبناءها الذين قدموا أرواحهم فداءً لترابها.
تقول النائبة الجديدة: "قرار تعييني ضمن أعضاء مجلس الشيوخ كان مفاجأة أثلجت صدري وأدخلت على قلبي شعورًا عظيمًا بالعرفان.
شعرت بالفخر كوني أمثّل زوجي الذي شرّفني حيًا وميتًا، لقد شعرت أن الدولة لا تنسى شهداءها، وأن هناك من يتذكر دائمًا من ضحوا بأغلى ما يملكون".
وتتابع: "الرئيس السيسي قائد عظيم يرعى الجميع، يقدّر التضحيات، ويدرك قيمة من قدّموا أرواحهم ليبقى هذا الوطن. نشعر في وجوده بالأمان، ونفخر بتمثيله لمصر في كل المحافل الدولية، نحن نعيش في عهده إنجازات حقيقية، وعلى كل الأصعدة".
تربط ريم حسين بين تاريخ زوجها الشهيد، وما تشهده مصر من إنجازات في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن احتفالات أكتوبر هذا العام تأتي ومصر تسطر انتصارات جديدة، سواء على صعيد السياسة الخارجية، أو إنهاء الحروب، كما في الملف الفلسطيني، أو في تمثيلها المشرف في منظمة اليونسكو، أو صعود منتخبها إلى كأس العالم.
وتقول إن كل هذه النجاحات تثبت أن مصر تسير بخطى ثابتة تحت قيادة واعية، جعلت من الحلم واقعًا ومن الطموح خطةً تُنفذ كل يوم.
وفي ما يتعلق برؤيتها المستقبلية في مجلس الشيوخ، تقول: "أشعر بالفخر والمسؤولية لكوني عضوًا في هذا المجلس العريق، وأحمل في قلبي طموحات كبيرة لخدمة الوطن والمواطن، أضع على رأس أولوياتي ملفات التعليم والصحة والزراعة، وسأسعى لأن أكون صوتًا حقيقيًا لكل من لا صوت له".
ثم تنتقل ريم حسين للحديث عن زوجها الشهيد، وتبدأ باستحضار لحظة وداع لم تكن تدري أنها الأخيرة، فتقول: "الشهيد محمد حبشي لم يخبرني أنه في مأمورية يوم الواحات، وهذه كانت من المرات القليلة التي يخفى عني أمرًا كهذا، قال لي فقط إنه ذاهب في مشوار، وسيتصل بي بعد صلاة الجمعة بسبب ضعف الشبكة، انتظرت كثيرًا ولم أتلق اتصالًا، وعندما حاولت الاتصال به، لم يجب، بعدها وصلتني رسالة منه كتب فيها: ’ادعيلي.. أنا بحبك‘، وكانت آخر كلماته لي".
ولد الشهيد محمد حبشي بمحافظة المنيا عام 1979، وهو نجل اللواء وحيد حبشي، أحد الضباط الذين تعقبوا قتلة الرئيس أنور السادات، فقد والدته أثناء دراسته الثانوية، وكان لتلك الحادثة أثر عميق في نفسه، دفعه للالتحاق بكلية الشرطة عام 1996، وتخرج منها عام 2000، خدم في صعيد مصر، ثم التحق بقطاع مباحث أمن الدولة، وتخصص في مكافحة التطرف الديني، وبعد زواجنا رزقنا بطفلين هما جودي وأحمد.
في عام 2011، نُقل الشهيد إلى مطار القاهرة، وهناك أتيحت له فرصة دراسة الفكر المتطرف عن قرب، ما ساعده على تعميق فهمه لطرق المواجهة، عاد في 2014 إلى جهاز الأمن الوطني.
تتحدث ريم عن شخصية زوجها فتقول: "كان متواضعًا، دمث الخلق، علاقته طيبة بالجميع، لا يحب استعراض عمله، ولا يتحدث عن مأمورياته، كان يكتفي بالخطوط العريضة، وكان يحذر دومًا من الفكر التكفيري، ويدرك كيف يفكر هؤلاء، وكيف يجب التصدي لهم بالفكر كما بالسلاح".
قبل استشهاده بـ40 يومًا، قرر الشهيد محمد حبشي أداء فريضة الحج، وأصر أكون برفقته، في المدينة المنورة، وقف أمام قبر الرسول ودموعه تملأ عينيه، وفي يوم عرفة، صعد جبل الرحمة بمفرده، وظل يدعو لنيل الشهادة، كان مسؤولًا عن مجموعة من الحجاج، ولم يبخل عليهم بأي جهد أو عناية، وكأن قلبه كان يتهيأ للقاء المنتظر.
وتواصل زوجته الحديث عنه، وقد بدا صوتها مثقلًا بالشجن: "في آخر ثلاث سنوات من حياته، كان شديد الحرص على تربية أولادنا على حب الوطن، كان يشتري لهم أشياء تحمل علم مصر، ويحدثهم عن مستقبل بلدنا، ويقول لهم إن مصر جميلة، وإننا نحن من يجب أن نصونها، كان يحاول أن يهيئهم لرحيله دون أن يقولها صراحة.. كأنه كان يعلم أن الرحيل قريب".
قصة الشهيد محمد حبشي ليست فقط قصة بطولة، بل قصة إنسانية عميقة، جمعت بين الوطنية والإيمان، بين التضحية والصمت، وبين الحلم والشهادة.
أما زوجته، النائبة ريم حسين، فهي اليوم تكمل مسيرة العطاء، في موقع مختلف، ولكن بنفس الروح.
في كلماتها إيمان راسخ بأن هذا الوطن لا ينسى من ضحى، وأن لكل تضحية صدى، وأن الدم الذي سال على أرض الواحات، لا بد أن تُكتب به حكايات جديدة من البناء، تبدأ من البرلمان، وتمتد إلى كل بقعة من أرض مصر.
Trending Plus