البعثة البولندية للآثار تحدد مقر إقامة جيش أحمس خلال محاربة الهكسوس فى الأقصر

منطقة معسكر جيش أحمس

الأقصر – أحمد مرعى

الإثنين، 06 أكتوبر 2025 12:00 م

واحدة من أهم المناطق الأثرية البكر في جنوب الأقصر، وهى منطقة بين الجبلين الأثرية التابعة لمدينة إسنا، والتى تبعد حوالى 55 كيلو مترًا عن مدينة الأقصر، وتعتبر من أهم المناطق الأثرية التى يرجع تاريخها للعصور الفرعونية الأولى، وبها مقابر من عصر ما قبل التاريخ وحتى العصر اليونانى الرومانى، والتى أخرجت منها أشهر مومياء فى التاريخ "جنجر" ووضعت بالمتحف البريطانى وهى المومياء القرفصاء.

ومن جانبه يتابع الدكتور وجدى عبد الغفار مدير عام آثار الأقصر، بصفة دورية العمل داخل المنطقة، حيث ينقسم الموقع الى منطقتين رئيسيتين الجبل الشرق (جبل الشيخ موسي)، وتعتبر الجبلين من اهم المناطق الاثرية نظرا لأهميتها الدينية عند القدماء المصرين حيث ازدهرت عبادة حتحور خلال العصور الفرعونية المتعاقبة، وكان للموقع أهميته الاستراتيجية حيث كان معسكرا لجيش الملك أحمس في حروبه ضد الهكسوس، وتزخر الجبلين بمواقع اثرية عديدة تمتد اثارها من عصور ما قبل الاسرات حتى العصر اليوناني الروماني.

وقد توالت أعمال البعثات والبحوث الأثرية عن الجبلين، والتي أدت الى اكتشافات كبيرة والتي تزخر متاحف العالم بأثارها، وما زالت إلى وقتنا هذا تتم أعمال البحوث الأثرية والبعثات الأجنبية بالتعاون مع وزارة الآثار والتي تدل المؤشرات الأولية لها أن هناك العديد من الآثار التي لم تكتشف بعد، حيث أن أقدم مومياء تم العصور عليها بالجبلين وهي مومياء "جنجر"، وتعمل حاليا بمنطقة الجبلين البعثة البولندية باستكمال أعمال الحفائر والمسح الأثري الميداني والكتابي بمنطقة الجبلين، والتصوير الفوتوغرافي والتصوير ثلاثي الأبعاد 3D والمسح التصويري بهدف التوثيق للموقع الأثري، واستكمال أعمال الدراسة وتوثيق اللقي الأثرية ناتج مكتشفات البعثة من منطقة الجبلين.

وتعمل البعثة البولندية في منطقة بين الجبلين بالأقصر، في منطقة مدينة باثيريس البطليمية فالجزء الأول من موسم العمل الميداني هذا مخصص للمستوطنة البطليمية من باثيريس، العرض اليوناني لبير حتحور ("بيت/قلعة الإلهة حتحور")، حيث إنه في القرن الثاني قبل الميلاد، أصبحت عاصمة الحي المحلي بإسم "باثيرايت" ويوجد حوالي 1300 وثيقة ديموطيقية ويونانية من هذه المنطقة، مما يقدم رؤى رائعة عن الحياة في مدينة مصرية محافظة تحت الحكم البطليمي، ومع ذلك، من الناحية الأثرية، لا تزال المدينة نفسها معروفة بشكل ضعيف، وتقوم البعثة بجلب ملاحظات وصور من علماء سابقين، وستقوم في الأسابيع القادمة باستطلاع ما تبقى من أجل إعادة بناء مخطط المدينة والحياة اليومية لسكانها.

كما كشفت دراسات البعثة البولندية تاريخ جبيلين الأول والتي تنتقل إلى بقايا السلالة قبل وبكر، وكشفت الدراسات الاستقصائية العديد من الأدوات النحاسية إلى جانب المصنوعات اليدوية المبكرة، مما يشير إلى دليل على إنتاج المعادن القديم، كما يجرى دراسية المجموعة الغنية من صناعة الفخار لفهم التقاليد الحرفية المحلية بشكل أفضل، ويتضمن عمل البعثة أيضاً توثيق المقابر المقطوعة الصخرية من المملكة القديمة والفترة الأولى المتوسطة، والتي تحمل إمكانات كبيرة لفهم التغييرات الإدارية خلال أزمة الدولة الكبرى الأولى في مصر، بالتوازي مع ذلك، يعملون على الحفاظ على كنيسة حتحور المقطوعة الصخري، "سيدة جبلين"، التي خضعت للحفظ منذ سنوات قليلة.

وعن تاريخ تلك المنطقة الغنية البكر في جنوب الأقصر، يقول الطيب غريب، مدير سابق بمعابد الكرنك، أن منطقة "بين الجبلين" الأثرية بمدينة إسنا لها تاريخ فرعونى وإنجازات كبيرة لسكانها فى الماضى، فهى تقع فى شمالى غرب إسنا وكانت عبارة عن حد يفصل بين الإقليم الثالث والإقليم الرابع من أقاليم مصر الجنوبية، وكان يطلق عليها خلال تلك الفترات مدينة "التلين"، وذلك لوقوعها بين الجبل الشرقى والجبل الغربى على ضفة نهر النيل الغربية، حيث إنها من أقدم المناطق الاثرية وكانت تتبع الإقليم الثالث من أقاليم مصر العليا.

ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أن تلك المنطقة كانت تعتبر معبدًا ضخمًا ومقرًا للإلهة "حتمور" بالأسرة الثالثة، وتم فيما بعد نقش هذا المعبد بما حدث فى عصور الاضطراب الأولى فى عهدى الملكين "منتوحتب" و"بنحتب رع" بالأسرة 11، وكذلك أسماء "نفر رع" و"جد عنخ" و"منتو أم" و"حبت رع" من ملوك ونبلاء الأسرة الـ13 الفرعونية، كما ظهرت فيها نقوش للأسرة الـ15 من ملوك الهكسوس كل من "أبوقيس" و"خيان أوس رع"، ومن أبرز الاكتشافات التى ظهرت بمنطقة "بين الجبلين الأثرية" بمدينة إسنا، مقبرة "إتى" المتواجدة حالياً فى متحف تورينو الايطالية بالجناح المصرى، واكتشفت البعثة الإيطالية أيضاً سوراً ضخماً أغلب الظن أنه كان مخصصاً لحماية المنطقة من أية هجمات عليها خلال عصور مختلف الملوك الذين توالوا عليها.

ومن أهم الاثار المكتشفة بمنطقة الجبلين خلال العصور الفرعونية المتعاقبة، هي ما يلي:- (مقبرة إتي - مقبرة إني - اثار الجبلين بالمتحف البريطاني - اثار الجبلين بمتحف المتروبوليتان - اثار الجبلين بمتحف بترى - اثار الجبلين بمتحف برلي)، ومن أهم البقايا الاثرية لمنطقة الجبلين معبد الملك منتوحتب نب حبت رع بالجبل الشرقي، ومعبد الاله حتحور المقطوع بالصخر.

أما أبرز المشاهير الذين خرجوا من تلك المنطقة خلال العصور الفرعونية، هو "إيموحتب" المهندس الكبير والذى كان يعد واحداً من أعظم البنائين والأطباء النوابغ فى الطب والحكماء، والذى كان منصبه كاهن للملك زوسر ووزيره، حيث ظهرت قدرته وعظمته للإغريق بعد ذلك، فأطلقوا عليه أول حكماء الدنيا وأطبائها، وظلوا يقدرون قدراته الطبية وتعلموا كثيراً من قدراته الهندسية التى ظهرت فى أعمالها خلال فترة الملك زوسر، وساووا بينه وبين إله الإغريق "إيكايبيوس" وقدروه باعتباره ابن للإله "بتاح".

وظلت منطقة "بين الجبلين الأثرية" خلال السنوات الماضية أبرز المواقع التى تم التعدى عليها بالحفر والتنقيب عن الآثار، ودخلت الشرطة ورجال الآثار فى مواجهات مختلفة مع هؤلاء اللصوص، حيث كان عدد من رجال الآثار من العاملين بتلك المنطقة قد حرروا عشرات المحاضر ضد لصوص التاريخ الفرعونى، كما تعرض فى السابق مفتشو آثار بالمنطقة للاعتداء خلال محاولتهم مواجهة لصوص أحضروا معدات ثقيلة للحفر والتنقيب بتلك المنطقة.