المركزى للمحاسبات يطرح مبادرة لتطوير أجهزة الرقابة باستخدام الذكاء الاصطناعى

فى إطار حرص الأجهزة العليا للرقابة على مواكبة التحول الرقمي وتعزيز الكفاءة في العمل الرقابي، عرض الجهاز المركزي للمحاسبات خلال جلسة خاصة ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الإنتوساى" مبادرته الجديدة بعنوان "مَاعت"، وهي مبادرة استراتيجية مبتكرة تهدف إلى الارتقاء بعمل الأجهزة الرقابية من خلال توظيف أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة المراجع وتيسير مهامه.

وانطلقت مبادرة “المركزي للمحاسبات” من رؤية شاملة مفادها أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل المراجع البشري، وإنما يمكنه ويعزز قدرته على أداء مهامه بكفاءة أعلى، من خلال أدوات ذكية، ووكيل رقمي مساعد، ومنصة معرفية متخصصة.

وأوضح العرض أن مبادرة “ماعت” تمثل نقلة نوعية في عمل الأجهزة العليا للرقابة، كونها توفر منظومة متكاملة يمكن تطبيقها داخل بيئات العمل الرقابية المختلفة وفق ثلاثة نماذج رئيسية: التكامل مع أنظمة الـWorkflow القائمة، أو توفير نظام إدارة عمل رقابي متكامل في حال عدم وجوده، أو إتاحة أدوات “ماعت” بشكل مستقل عبر قاعدة بيانات منفصلة.

وأكد القائمون على العرض أن المبادرة ترتكز على ثلاث ركائز تقنية ومعرفية رئيسية هي:

أولاً – RAQEEB AI Tools: وهي مجموعة أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة صُممت خصيصًا لدعم المراجع في جميع مراحل عمله الرقابي. وتشمل منظومة لتحليل المخاطر وتحديد أولويات المراجعة، وأنظمة لاكتشاف الاحتيال وأنماط الإنفاق غير المعتادة، وأدوات لتوليد أوراق العمل تلقائيًا، وتلخيص المستندات، وبناء خطط مراجعة ديناميكية تتكيف مع النتائج الفعلية أثناء التنفيذ.

ثانيًا – RAQEEB Agent: الوكيل الذكي للمراجع، وهو زميل عمل رقمي يعمل بجانب المراجع لتقديم دعم فوري أثناء أداء المهام، وتحليل المستندات، وتقديم تفسيرات للمعايير المحاسبية والقانونية، واقتراح التحسينات، والتنبيه إلى أي تناقضات أو نواقص في التقارير. ويتيح الوكيل للمراجع تفاعلًا مباشرًا وسلسًا مع المعلومات والبيانات دون مغادرة بيئة العمل الخاصة به.

ثالثًا – RAQEEB Knowledge Hub: مركز المعرفة في الذكاء الاصطناعي، وهو منصة تفاعلية متخصصة تهدف إلى بناء القدرات ونشر الوعي التقني بين المراجعين. توفر المنصة مواد تعليمية ودراسات حالة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الرقابي، إضافة إلى لوائح ومعايير لاستخدامه بصورة مسؤولة وآمنة، وتحديثات دورية حول أحدث الابتكارات والاتجاهات العالمية في هذا المجال.

وشدد العرض على أن مبادرة “ماعت” تمثل نقلة فكرية قبل أن تكون تقنية، إذ تترجم رؤية الأجهزة العليا للرقابة نحو بناء منظومة رقمية متكاملة تحافظ على استقلالية المراجع وتعزز فعالية الدور الرقابي، مع ضمان حماية البيانات والخصوصية الكاملة في جميع مراحل العمل. كما تتميز المبادرة بقدرتها على الدمج مع أي نظام رقابي قائم أو العمل بشكل مستقل، إلى جانب إشراف لجنة متخصصة من منظمة الإنتوساي لضمان الحوكمة والجودة، بما يعزز التعاون وتبادل الخبرات بين الأجهزة الرقابية على المستويين الإقليمي والدولي.

وخلال النقاش، تمت دعوة الأجهزة الأعضاء في الإنتوساي إلى تبادل خبراتها ومقترحاتها الفنية لضمان مواءمة المبادرة مع احتياجات كل جهاز رقابي، حيث طرحت مجموعة من الأسئلة للمشاركين حول الأدوات الرقمية المماثلة المستخدمة حاليًا، والمجالات التي يمكن أن تسهم فيها مبادرة “ماعت” في دعم أعمالهم، وأوجه التعاون الممكنة لتطوير النماذج الذكية وتبادل البيانات غير الحساسة.

واختتم العرض بالتأكيد على أن “ماعت” ليست مجرد منظومة تقنية، بل شراكة استراتيجية تستهدف بناء جيل جديد من المراجعين الرقميين، وتعزيز قدرة الأجهزة العليا للرقابة على أداء مهامها في بيئة عالمية تتسارع فيها الابتكارات والتحديات الاقتصادية، بما يدعم تحقيق مبادئ الحوكمة والشفافية والمساءلة ويواكب تطلعات مجتمع الإنتوساي نحو مستقبل رقابي أكثر فاعلية وذكاء.