معاناة الدول النامية ترمومتر صراع الكبار

رامى محيى الدين
رامى محيى الدين
رامى محيى الدين

في عالم تتصارع فيه القوى الكبرى على النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي، لا يقتصر الصراع على الحدود العسكرية، بل يمتد ليصل إلى الأسواق، الموانئ، وحتى المائدة اليومية للمواطنين في الدول النامية، المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، على سبيل المثال، تُحدث موجات ارتدادية تتخطى حدود القوتين، لتترك آثارًا مباشرة على ملايين البشر الذين لم يشاركوا في هذا الصراع ولم يكن لهم أي دور فيه.


أحد أكثر الأبعاد وضوحًا لهذه المعركة هو الاقتصاد، العقوبات التجارية، الحصارات الاقتصادية، وقيود التصدير تجعل أسعار المواد الغذائية والطاقة في الدول النامية ترتفع بشكل مستمر، عندما تُفرض عقوبات على دولة معينة أو تُغلق الأسواق أمام منتجات الصين، لا يدفع هذا الثمن القادة الكبار، بل المواطن البسيط، الذي يرى مدخراته تتآكل، والسلع الأساسية تتضاعف أسعارها، والفقر يتسع بلا توقف. ارتفاع تكلفة الوقود والكهرباء والمواد الغذائية يصبح الواقع اليومي الذي يعيشه المواطنون، بينما القوى الكبرى تحسب أرباحها ونفوذها على المستوى العالمي.


حتى التمويل الدولي والتحويلات الاقتصادية أصبحا أدوات ضغط غير مرئية على الدول النامية، التي تسعى للحصول على قروض للتنمية أو المساعدات الإنسانية، تجد نفسها مضطرة لتكييف سياساتها الداخلية وفقًا لشروط القوى الكبرى، مما يضعف سيادتها الاقتصادية والسياسية ويجعل شعوبها رهينة لقرارات خارجية لا تخدم مصالحها.


تأثير صراع أمريكا والصين لا يقتصر على الأسواق فحسب، بل يمتد إلى الأمن الغذائي، الطاقة، والتقنيات الحديثة. الدول النامية غالبًا ما تواجه نقصًا في المواد الخام أو ارتفاعًا في تكاليف الاستيراد، ما يؤثر مباشرة على التعليم، الصحة، والبنية التحتية. كل قرار على طاولة واشنطن أو بكين يترجم فورًا إلى تحديات يومية: أزمات في النقل، نقص في الوقود، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بينما القادة الكبار يراقبون المنافسة باعتبارها معركة نفوذ وسيطرة.


في النهاية، ثمن صراع الكبار يُقاس بمعاناة شعوب صغيرة، الدول النامية هي الضحايا الصامتون للتنافس العالمي، تتحمل أعباء ارتفاع الأسعار، فقدان الفرص التنموية، وتقلبات الأسواق، وفي الوقت الذي تتنافس فيه القوى الكبرى على النفوذ والتكنولوجيا، يبقى المواطن البسيط في بلدان فقيرة يدفع الفاتورة، صامتًا أمام مؤشرات الاقتصاد العالمية، أمام قرارات البورصات، وأمام اتفاقيات التجارة الدولية.


هذا الصراع يُظهر بوضوح أن الحروب الحديثة ليست دائمًا بالأسلحة أو المعارك الميدانية، بل في الأسواق، المصارف، والسياسات الاقتصادية التي تحدد فرص العيش الكريم للدول النامية، وبالرغم من صغر حجمها على الخريطة، فإن هذه الدول تمثل الضحية الكبرى، التي يتحمل أطفالها، وطلابها، وعمالها ثمن صراعات الكبار في عالم لم يعد فيه الاقتصاد مجرد أرقام، بل معركة حياة أو موت.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

وزير الداخلية يعتمد نتيجة قبول دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة

الأهلى يعرض على الرجاء المغربى 600 ألف دولار لشراء 6 شهور من عقد بلعمري

وفاة الفنان نبيل الغول.. أبرز مشاركاته ذئاب الجبل والشهد والدموع

ألمانيا تحبط هجوما إرهابيا على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص

الزمالك يتمسك بضم حامد حمدان في يناير بعد حل أزمة القيد


الدوري السعودي يستعد لاستقبال محمد صلاح.. والهلال يفتح خزائنه

تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

صدمة بعد إطلاق نار فى جامعة أمريكية.. الضحايا من الطلاب والمسلح لا يزال هاربا

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

الأهلي يواجه فيروفيارو الموزمبيقى فى نهائى بطولة إفريقيا لسيدات السلة


سقوط 5 قتلى في إطلاق النار بأستراليا.. والشرطة تعلن مقتل أحد المنفذين

تفاصيل صادمة فى جريمة العمرانية.. أم تقتل طفليها بسلاح أبيض

اعرف كيفية الحصول على نتيجة كلية الشرطة لعام 2025/2026

غضب الشوارع الأوروبية يشتعل ضد إسرائيل.. مظاهرات حاشدة تهز العواصم

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

مستقبل محمد صلاح حديث صحف إنجلترا بعد تألقه مع ليفربول ضد برايتون

6 جواهر تتألق فى كأس عاصمة مصر مع الأهلي والزمالك والمصري

مواعيد مباريات اليوم الأحد 14-12-2025 والقنوات الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى