بين وفرة الحصاد وغضب المناخ.. عام 2026 يرسم ملامح معركة القهوة العالمية.. الأسعار تتراجع عالميًا وارتفاعات محتملة فى كولومبيا.. والبرازيل تسابق الزمن لتجنب فوضى الأسواق.. والضرائب الأمريكية مع أشد موجة جفاف

يدخل سوق القهوة العالمى عام 2026 وسط حالة من الترقب والقلق، بعد عام شهد تذبذبًا حادًا فى الأسعار وارتفاعات غير مسبوقة فى بعض الأسواق الرئيسية مثل البرازيل وكولومبيا. وبينما تشير التوقعات الدولية إلى تراجع الأسعار بفعل تعافى الإنتاج العالمى، تتصاعد التحذيرات من اضطرابات مناخية محتملة قد تقلب المشهد رأسًا على عقب. فى هذا السياق، تبدو القهوة، مشروب العالم الأول، مقبلة على عام من المفارقات، بين وفرة المعروض فى بعض الدول، وشح الإنتاج فى أخرى.

اتجاهات السوق العالمية لعام 2026

وفقا لتقديرات البنك الدولى، فإنه من المتوقع أن يسجل مؤشر المشروبات، الذى يشمل البن بأنواعه انخفاضا بنحو 11%، خلال عام 2026، مع تراجع خاص فى أسعار قهوة الأرابيكا بنسبة تصل إلى 15% مقارنة بعام 2025 الذى شهد ذروة الأسعار.

ويعزو البنك هذا التراجع إلى تعافى الإنتاج العالمى بعد موسم شهد اضطرابات مناخية وجفافًا واسع النطاق فى أمريكا الجنوبية.

لكن رغم التفاؤل الحذر، يظل الجانب المناخى العامل الأكثر تأثيرًا. إذ يحذر الخبراء من أن أى موجة جفاف أو عواصف مطرية غير متوقعة فى البرازيل – أكبر منتج ومصدر للقهوة فى العالم – قد تعيد إشعال الأسعار وتدفعها إلى مستويات مرتفعة مجددًا.

كولومبيا تواجه خطر تراجع الإنتاج

على النقيض من الاتجاه العالمى، تبدو الصورة أكثر قتامة فى كولومبيا، ثانى أكبر منتج عالمى لقهوة الأرابيكا عالية الجودة.

وحذر الاتحاد الوطنى لمزارعى القهوة (FNC) من انخفاض محتمل فى الإنتاج خلال موسم 2025/2026 بنحو 700 ألف كيس، نتيجة تدهور مزارع البن وتأثيرات الاحتباس الحرارى على جودة التربة والمياه.

هذا الانخفاض المتوقع قد يدفع الأسعار المحلية إلى الارتفاع، حتى لو شهدت الأسواق العالمية تصحيحًا نزوليًا. وتؤكد منظمة Asoexport أن القهوة الكولومبية ستظل تنافسية فى الأسواق الأمريكية والأوروبية، مما قد يساعد على تعويض خسائر الإنتاج من خلال الأسعار المرتفعة.

البرازيل بين التعافى والضغوط التجارية

تظل البرازيل اللاعب المحورى فى معادلة القهوة العالمية. وبعد موسم 2025 الذى شهد تراجعًا فى المحصول بسبب الجفاف والضرائب الأمريكية على صادراتها، تتوقع المؤسسات الزراعية أن يشهد عام 2026 انتعاشًا كبيرًا فى الإنتاج، ما قد يؤدى إلى فائض عالمى يتراوح بين 7 و10 ملايين كيس خلال موسم 2026–2027.

وبحسب تقرير بنك رابوبنك الهولندى، فإن الأسعار القياسية التى تجاوزت 4 دولارات للرطل فى 2025 قد تنخفض لتستقر بين 2.50 و3.50 دولار للرطل فى 2026. ومع ذلك، يظل السوق حساسًا جدًا لأى اضطراب مناخى أو سياسى جديد.

ويشير البنك إلى أن الاضطرابات اللوجستية فى الموانئ البرازيلية لا تزال تمثل تحديًا، حيث يؤدى تأخر الشحن وارتفاع تكاليف النقل إلى إبطاء عمليات التصدير، مما يحدّ من استفادة المنتجين من ارتفاع الأسعار العالمية.

الكاكاو يتراجع والقهوة تتقلب

لم يقتصر الانخفاض المتوقع على القهوة فقط؛ إذ توقع رابوبنك أيضًا تراجعًا فى أسعار الكاكاو نتيجة زيادة الإنتاج فى أمريكا اللاتينية وإندونيسيا وضعف الطلب العالمى، ما قد يؤدى إلى فائض يقدر بـ 403 آلاف طن فى موسم 2026–2027، مقارنة بـ 328 ألف طن فى الموسم الحالي.

وحذّر التقرير من أن الإفراط فى الزراعة قد يؤدى إلى انهيار الأسعار بحلول عام 2027، وهو سيناريو يثير قلق الأسواق الزراعية العالمية.

أسواق متقلبة وتحديات سياسية

إلى جانب العوامل المناخية، باتت الأزمات الجيوسياسية تلعب دورًا مؤثرًا فى أسعار السلع الزراعية، من البن إلى فول الصويا والقمح.

فالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لا تزال تحدد اتجاهات أسعار فول الصويا، بينما يتوقع أن ترتفع أسعار القمح والذرة مع تراجع المخزونات وازدياد الطلب، فى حين قد تشهد زيوت النخيل ارتفاعًا آخر بسبب تباطؤ الإنتاج فى إندونيسيا واستمرار برامج الوقود الحيوي.

عام الحسم فى أسواق البن

مع اقتراب عام 2026، يقف قطاع القهوة العالمى على أعتاب مرحلة حاسمة.

فبينما يراهن المستثمرون على وفرة المحاصيل وانخفاض الأسعار، يحذر الخبراء من أن التغير المناخى واضطرابات النقل والتجارة قد يعيدان تشكيل المشهد بسرعة غير متوقعة.