شلالات الدماء فوق مناجم الذهب.. كيف يبيع تجار الحرب مستقبل السودان بالجرام؟!

دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى

السودان، دولة حباها الله بفيض كبير من الثروات الطبيعية، التى لو أمكن استثمارها وتوظيفها بشكل احترافى، وخطط علمية، لصارت من أغنى الدول، ليس فى أفريقيا فحسب ولكن فى العالم، قد يعتقد البعض - وهما - أن السودان بلد الذهب فقط، لكن الحقيقة أنها دولة تمتلك توليفة مبهرة من الثروات المعدنية الاستراتيجية تشمل، الذهب، بأنواعه المتعددة، والأحجار الكريمة والفضة والنحاس والكروم والحديد والمنجنيز والنيكل والكوبالت والليثيوم.

هذه التوليفة النادرة، بدلا من أن تجعل من السودان دولة غنية، دفعت به لصراع داخلى، لأن من يسيطر على مناجم هذه المعادن، يسيطر على اقتصاد المستقبل، لذلك تأسست ميليشيات مسلحة وقررت الاستحواذ على المناجم بقوة السلاح، ورفع راية العصيان ضد المؤسسات الوطنية الرسمية للبلاد، ونزعت منه فضيلة الأمن والاستقرار، واختزلت قيمته كوطن فى ما يحمله باطنه من ثروات، لا فى ما يحمله أبناؤه من أحلام وطموحات!

السودان بلد غنى، يتمتع بفيض ضخم من الثروات الطبيعية، ليس فقط المعادن النفيسة، وإنما مساحات شاسعة من أجود الأراضى الزراعية الخصبة، ومياه عذبة وفيرة، وثروات حيوانية ضخمة، يمكن لها أن تغذى عددا من الدول، لو اُستغلت الاستغلال الأمثل!

السودان، كان يمكن له أن يكون دولة عملاقة اقتصاديا، «زراعيا وتعدينيا» لكنه ضل الطريق نتيجة ظهور تجار الحرب، من ميليشيات مارقة مسلحة، قررت إعلان القتال على مؤسسات الدولة الرسمية، وفى القلب منها الجيش الوطنى، طمعا فى مناجم الذهب والمعادن النفيسة، وخلال سنوات قليلة، تحول السودان لمسرح اقتتال داخلى، يصنف بأنه أبشع الحروب الأفريقية، بل والإقليمية، فى القرن الواحد والعشرين، تحمل عنوانا موجعا «شلالات الدماء فوق مناجم الذهب.. كيف يبيع تجار الحرب مستقبل السودان بالجرام؟!».

السودان لا يمتلك الذهب فقط، بل  يمتلك أغنى حزمة تعدينية فى أفريقيا قاطبة، وبدلا من أن تتحول هذه «الحزمة» إلى «نعمة» للشعب السودانى الطيب، تحولت إلى نقمة، عندما قررت ميليشيات مسلحة الاستحواذ على هذه الثروة، تحت شعارات سياسية مطاطة لا تمت للواقع بصلة، وأن الهدف الرئيسى الاستيلاء على هذه الثروات وتكديس عائدها فى جيوبهم الشخصية، بينما الشعب السودانى بكل مكوناته ومؤسساته الرسمية يرزح تحت الفاقة والفقر!

تجار الحرب حولوا الخريطة الجغرافية السودانية إلى خريطة دماء، وصارت شلالات الدماء تنافس فيضانات النيل، من دارفور إلى الخرطوم، ومن مناجم جبل عامر إلى الحدود التشادية، وما بين هذه المناطق، دُمرت قرى ومدن، وقُتلت أعداد غفيرة، ومن لم يلحقه الموت، كان الهروب خارج الحدود هو المصير المحتوم، وصار خيار الموت عند البقاء، أو الهجرة فى دروب الصحراء للدول المجاورة، كلاهما مر مرارة الحنظل، وحسرة على وطن يفيض بخيرات الله، لا تستثمر بشكل مؤسسى احترافى.

الظاهرة الأخطر فى السودان المبتلى ببعض أبنائه العاقين الباحثين عن مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب المصلحة العليا للوطن، وهى أن الميليشيات المسلحة رسخت فكرة الثراء الفاحش فى أذهان آلاف الشباب، ورفعت عندهم منسوب الشبق لتحقيق الثروات، فصار هؤلاء «حراس المناجم» بدلا من أن يكونوا بناة وطنهم، فانهارات السودان، وصارت البلاد ساحة اقتتال مفتوحة.

تجار الحرب الذين يعتقدون أنهم الرابحون من هذه المقتلة الدامية، بالاستحواذ على الثروات، ربما يحصلون على عائدات الذهب، وتستفيد منها أيضا شبكات التهريب ومافيا السلاح، والميليشيات المارقة التى تحولت إلى شركات تعدين مسلحة، لكن فى النهاية فإن حساباتهم خاطئة، فمكسب شخصى قريب، يقابله دمار وطن، تغيب عنه شمس الأمن والأمان والاستقرار، لا يجدى نفعا، فالخوف ينهش القلوب، والرعب يسكن الأجساد من المصير المحتوم، قتلا وخطفا وتنكيلا!
الموجع أن الذهب فى البلد المنكوب تحول من مجرد معدن نفيس يمثل نعمة، إلى سلاح وأداة سياسية مهدت كل الطرق لتفكيك السودان وتحويله إلى دولة فاشلة تغرق فى مستنقع الفوضى!

ولإنقاذ السودان من هذه المقتلة، لا بد من وضع روشتة علاج من لعنة «الذهب» بأن تتجرد الميليشيات من السلاح، وتتحول كل مناجم المعادن المختلفة إلى ملكية أصيلة للدولة، مع ترسيخ قناعة لدى كل مواطن سودانى - مهما كان انتماؤه - بأن معدن الذهب النفيس الذى يتقاتلون للاستحواذ عليه اليوم، سيتحول إلى أحجار بلا ثمن أو قيمة تحت أنقاض الدولة فى حالة عدم توقف المجازر ودمار الوطن!

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر

فتح الحركة على السكة الحديد بموقع سقوط حاويات من قطار بضائع بطوخ

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان


محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا والقناة الناقلة

سقوط حاويات فارغة من أعلى قطار بجوار طريق الإسكندرية الزراعي دون إصابات

البطل الأسترالى أحمد الأحمد يوجه رسالة لأمه من المستشفى.. فيديو


حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

اصطدام قطار بسيارة نقل على خط مطروح بدون إصابات وخروج عربة عن القضبان

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

دخل علينا غرفة النوم.. تفاصيل اقتحام أتوبيس مدارس شقة سكنية فى بدر.. صور

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

صور الأقمار الصناعية.. تدفق السحب وتوقعات أمطار بهذه المحافظات تصل للسيول

الأرصاد تحذر: تدفق السحب الممطرة وأمطار على هذه المحافظات الساعات المقبلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى