مهرجان صنع لنفسه مكانة عربية وعالمية

يتقدّم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي عامًا بعد آخر ليؤكد أنه أحد أهم المهرجانات المسرحية في المنطقة العربية، فهو ليس مجرد فعالية تُقام في مدينة سياحية، بل مشروع ثقافي راسخ استطاع أن يصنع لنفسه مكانة واضحة على خريطة المسرح العربي. ومع انطلاق دورته العاشرة، يصبح المهرجان أمام لحظة احتفالية مزدوجة؛ احتفال بمرور عقد كامل من العمل والحضور، واحتفال بإطلاق دورة تحمل اسم النجمة الكبيرة إلهام شاهين، في إشارة إلى تقدير المهرجان للقامات الفنية الكبيرة ودورها في إثراء الفن المصري والعربي.

وتأتي الدورة العاشرة زاخرة بالفعاليات والتكريمات التي تمنحها بريقًا خاصًا، إذ يكرّم المهرجان عددًا من الشخصيات الفنية المؤثرة، من بينهم النجمة يسرا والفنان محمد رضوان والنجم هاني رمزي، إضافة إلى هارولد ديفيد، الرئيس التنفيذي لمهرجان "أوف أفينيون" الفرنسي، وهو أحد أهم المهرجانات المسرحية في العالم، بما يعكس اتساع شبكة العلاقات الدولية للمهرجان وتعاظم مكانته على المستوى العالمي. كما تضم لجان التحكيم نخبة من الفنانين والنجوم، مثل الفنانة القديرة سهير المرشدي والنجمة صابرين والفنانين الشابين عمرو عبد العزيز وحسام داغر، إلى جانب أسماء عربية أخرى تمثّل دولًا متعددة، مما يضفي على عمل اللجان تنوعًا ورؤية فنية ثرية.

• رسوخ التجربة وتجدد الروح ..

ويمتاز مهرجان شرم الشيخ أيضًا بقدرته على انتقاء عروض تحمل علامات جودة واضحة وتعكس الروح الشبابية التي تأسس المهرجان من أجلها، فأغلب الأعمال المشاركة تُعرض لأول مرة في المهرجان، لتصبح شرم الشيخ منصة إطلاق لعروض مسرحية عربية ودولية جديدة، وهو ما يشكل قيمة كبيرة تُحسب للقائمين عليه. ولا يتوقف دور المهرجان عند مستوى العروض، بل يمتد إلى تقديم ورش متخصصة للشباب والأطفال بإشراف خبراء من مصر والوطن العربي والعالم، إيمانًا بأهمية نقل المعرفة وصنع أجيال جديدة تمتلك أدوات المسرح ووعيه وفنونه.

وفي جانبٍ شديد الأهمية، يواصل المهرجان تعزيز علاقته بالمجتمع السيناوي، حيث تُقدَّم العروض والورش لأهالي سيناء والمدن المجاورة لشرم الشيخ، تأكيدًا على أن الثقافة يجب أن تذهب إلى الناس وأن المهرجانات ليست حدثًا للنخبة بل خدمة ثقافية موجهة لسكان المكان أولًا. وبذلك يتحول المهرجان إلى جسر فني وثقافي يربط بين المدينة وجمهورها، ويصنع حالة من الوعي الجمالي لدى الأجيال الشابة في المنطقة.

وخلاصة القول إن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي أصبح نموذجًا حيًا لكيفية تقديم الثقافة المسرحية بشكل متكامل، فهو يجمع بين العروض والورش والتكريمات والانفتاح على المجتمع، ويضيف إلى ذلك دوره الواضح في الترويج السياحي والثقافي للمدينة. ومع عقده الأول، يثبت المهرجان أنه مشروع يمتلك رؤية وقدرة على التطور، وأنه يجمع بين طاقة الشباب وخبرة الأجيال الراسخة ليصنع حالة فنية تستحق الاحتفاء والدعم والاستمرار.