دراسة: استبدال اللحوم بالبقوليات يحمى من أمراض المرارة والتهاباتها

تُعيد دراسة حديثة تسليط الضوء على علاقة النظام الغذائي بصحة الجهاز الهضمي، إذ كشفت أن تقليل تناول اللحوم الحمراء والمصنعة واستبدالها بالبقوليات قد يقلل من احتمالية الإصابة بأمراض المرارة، بما في ذلك الحصوات والالتهابات المزمنة.

وفقًا لتقرير نشره موقع Medscape، فقد أجرى فريق بحثي من جامعة آرهوس الدنماركية تحليلًا واسعًا لبيانات أكثر من 120 ألف شخص من قاعدة بيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة، لمعرفة مدى تأثير العادات الغذائية على صحة المرارة. وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين استبدلوا نحو 80 جرامًا من اللحوم أسبوعيًا بأنواع مختلفة من البقوليات، كانوا أقل عرضة للإصابة باضطرابات المرارة مقارنة بغيرهم.

تفاصيل الدراسة وأهدافها

اعتمد الباحثون على نموذج غذائي رقمي يُعرف باسم Oxford WebQ، وهو استبيان شامل يقيس الأنماط الغذائية خلال 24 ساعة، ويُكرَّر عدة مرات لضمان دقة النتائج. قام المشاركون بتسجيل كميات استهلاكهم من اللحوم والدواجن والأسماك والبقوليات، ليتم تحليلها وفق متوسط الاستهلاك اليومي لكل فرد على مدار المتابعة.

استمرت الدراسة لأكثر من عقدٍ من الزمن (10.5 سنوات)، وخلال تلك الفترة سُجّلت 3772 إصابة مؤكدة بأمراض المرارة، سواء كانت حصوات، أو التهابات، أو حالات استئصال جراحي.

نتائج 
 

أوضح التحليل أن استبدال اللحوم الحمراء والمصنعة بالبقوليات أدى إلى انخفاض ملموس في معدل الإصابة بأمراض المرارة بنسبة تقارب 3%، وهي نسبة تبدو بسيطة لكنها مهمة على مستوى الصحة العامة، خصوصًا عند تطبيقها على نطاق سكاني واسع.

أما استبدال الدواجن أو الأسماك بالبقوليات، فلم يُظهر أي تأثير يُذكر في معدلات الإصابة، مما يشير إلى أن التأثير الإيجابي مرتبط على الأرجح بالحد من استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة تحديدًا، لا بالبروتين الحيواني ككل.

لماذا هذا التأثير؟

يرجّح الخبراء أن السبب يعود إلى ارتفاع محتوى البقوليات من الألياف النباتية ومضادات الأكسدة، التي تساهم في تحسين عملية الهضم وتنظيم إفراز العصارة الصفراوية، ما يمنع ترسب الكوليسترول في المرارة. في المقابل، تحتوي اللحوم الحمراء والمصنعة على دهون مشبعة ترفع من لزوجة العصارة الصفراوية وتزيد احتمالات تكوّن الحصوات مع مرور الوقت.

كما أن البقوليات — مثل العدس، والفول، والحمص، والفاصوليا — تُعدّ مصادر غنية بالبروتين النباتي، وتساعد على تقليل الالتهاب الجهازي الذي قد يمتد إلى أنسجة الكبد والمرارة.

من يقف وراء البحث؟

قاد الدراسة الأستاذ في لانجمان من جامعة آرهوس، بالتعاون مع مركز ستينو للسكري في الدنمارك، ونُشرت النتائج في المجلة الأوروبية للتغذية  وأكد الباحثون أن هذه النتائج رغم بساطتها الإحصائية، إلا أنها تمثل مؤشرًا وقائيًا مهمًا، يمكن البناء عليه لتطوير توصيات غذائية مستدامة على المدى الطويل.

نقاط القوة والقيود
 

تميّزت الدراسة بضخامة حجم العينة وطول فترة المتابعة، مما يمنحها قوة تفسيرية عالية. ومع ذلك، أقرّ الباحثون بوجود بعض القيود؛ أبرزها أن البيانات الغذائية تم جمعها عبر استبيانات ذاتية، مما يجعلها عرضة للأخطاء التقديرية أو النسيان. كما لم تُسجّل بعض الحالات عديمة الأعراض من حصوات المرارة، ما قد يؤدي إلى تقليل العدد الحقيقي للإصابات.

ماذا تعني هذه النتائج عمليًا؟
 

يشير الباحثون إلى أن التعديل البسيط في النظام الغذائي — مثل استبدال وجبة أسبوعية واحدة من اللحوم الحمراء بوجبة تعتمد على البقوليات — قد يُسهم في خفض خطر أمراض المرارة تدريجيًا بمرور السنوات.

ويرى خبراء التغذية أن هذا التوجه يدعم الدعوة العالمية لتقليل استهلاك اللحوم المصنعة لأسباب تتعلق بصحة القلب، والقولون، والآن المرارة أيضًا.