ما هى متلازمة شوجرن.. علامات مبكرة
تُعدّ متلازمة شوجرن واحدة من أمراض المناعة الذاتية الصامتة التي قد تمر لسنوات دون اكتشاف، رغم ما تسببه من تأثيرات مزمنة على العينين والفم وأعضاء أخرى، تبدأ القصة غالبًا بأعراض بسيطة كجفاف العين أو صعوبة في بلع الطعام الجاف، لكن خلف هذه العلامات البسيطة قد يختبئ اضطراب مناعي واسع النطاق يمكن أن يقود إلى مضاعفات جهازية أو حتى أورام ليمفاوية إذا لم يُشخّص في الوقت المناسب.
وفقًا لتقرير نشره موقع Medscape UK في نوفمبر 2025، فإن متلازمة شوجرن أصبحت تُصنَّف اليوم كأكثر أمراض المناعة الذاتية الجهازية شيوعًا، بعد أن كان يُعتقد سابقًا أنها من الحالات النادرة. .
ما الذي يحدث داخل الجسم؟
في هذه المتلازمة، يهاجم الجهاز المناعي الغدد المسئولة عن إفراز الدموع واللعاب، ما يؤدي إلى تراجع قدرتها على الترطيب، ومع استمرار الالتهاب، تتسلل خلايا ليمفاوية إلى الأنسجة مسببة تلفًا تدريجيًا لا يمكن عكسه بالكامل. ومع الوقت، قد يمتد الالتهاب إلى الغدد النكفية، الجلد، الرئتين، أو الكلى. ويُفسَّر خطر الأورام الليمفاوية الذي يصيب نحو 5% من المرضى بوجود نشاط مناعي غير طبيعي ومستمر في هذه الأنسجة.
الأعراض والعلامات التي تستحق الانتباه
الجفاف هو السمة الأبرز. فالعين تصبح حساسة للضوء وقد تتأثر الرؤية بسبب نقص الدموع، بينما يؤدي جفاف الفم إلى صعوبة في التحدث أو البلع، وازدياد قابلية تسوس الأسنان أو التهابات الفم الفطرية. بعض المرضى يشكون أيضًا من تعب مزمن وآلام مفصلية تشبه أعراض الروماتويد. وفي مراحل لاحقة، قد تظهر علامات جهازية مثل تضخم الغدد أو اعتلال الأعصاب الطرفية أو ظاهرة رينود.
كيف يتم التشخيص؟
يحتاج الطبيب إلى الجمع بين الصورة الإكلينيكية والاختبارات المعملية والوظيفية للوصول إلى تشخيص دقيق.
وتعتمد الإرشادات الحديثة على مجموعة من الخطوات المتكاملة تشمل:
تحليل الأجسام المضادة: البحث عن الأجسام المضادة لـ SSA/Ro60 وSSB/La، وهي من أكثر المؤشرات المصلية دلالة على المرض.
اختبار شيرمر للدموع: وهو فحص بسيط يقيس إنتاج الدموع باستخدام ورقة ترشيح توضع داخل الجفن السفلي، وتُعد نتيجة أقل من 5 ملم خلال خمس دقائق علامة على ضعف الإفراز.
قياس تدفق اللعاب: من خلال جمع اللعاب غير المحفز خلال ربع ساعة، ويُعتبر معدل أقل من 0.1 مل في الدقيقة مؤشرًا مهمًا على قصور الغدد اللعابية.
خزعة الغدة اللعابية الصغرى: تُظهر تسلل خلايا ليمفاوية داخل النسيج، ويُعتمد على ما يُعرف بدرجة التركيز لتأكيد التشخيص.
التقييم العيني: باستخدام صبغات حيوية مثل الفلوريسين لتحديد مدى جفاف القرنية.
ويُطبّق بعد ذلك نظام النقاط المعتمد من الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم والرابطة الأوروبية (ACR/EULAR 2016)، حيث يتطلب الحصول على مجموع ≥ 4 نقاط لتأكيد التشخيص النهائي.
تمييز الحالة واستبعاد الأسباب الأخرى
لأن بعض الأعراض قد تتشابه مع أمراض أخرى، من الضروري استبعاد أسباب مثل التهاب الكبد الفيروسي، الإيدز، الساركويد، أو العلاج الإشعاعي السابق للرقبة. هذا التفريق المبكر يحمي المريض من تلقي علاجات غير مناسبة، ويسمح ببدء خطة المتابعة الصحيحة.
المتابعة والوقاية من المضاعفات
يُوصي الأطباء بإجراء مراجعات دورية لدى اختصاصيي العيون والفم إلى جانب طبيب الروماتيزم، لمراقبة نشاط المرض واكتشاف أي مؤشرات على إصابة جهازية. كما تساعد الفحوص الدورية للدم ووظائف الأعضاء في تقييم تطور الحالة.
ويُعد الترطيب المستمر أساس العلاج العرضي، سواء باستخدام الدموع الصناعية أو الجلّات الفموية. كما تُستخدم الأدوية المنشطة لإفراز اللعاب مثل البيليوكاربين، وفي الحالات التي تمتد فيها الإصابة إلى الأعضاء يُلجأ إلى الكورتيزون بجرعات منخفضة أو الهيدروكسي كلوروكين أو العلاجات البيولوجية تبعًا لشدة الحالة.
ويشير الخبراء إلى أن التنظيم الفرنسي للرعاية الصادر عام 2022 شدّد على أهمية المتابعة المتعددة التخصصات، بمشاركة أطباء الباطنة والروماتيزم والعين والأسنان. كما تُعد برامج التثقيف الصحي أداة فعّالة لمساعدة المرضى على إدارة الأعراض وتقليل خطر المضاعفات على المدى الطويل.
لماذا الكشف المبكر ضروري؟
تأخر التشخيص يُضاعف احتمال تدهور الغدد وتطور الأورام الليمفاوية. لذلك، فإن ربط الأطباء بين الأعراض البسيطة كجفاف العين والفم وبين احتمال وجود اضطراب مناعي يمكن أن يصنع فارقًا كبيرًا في مستقبل المريض. ومع ازدياد الوعي بين المرضى ومقدّمي الرعاية، يمكن الحد من العبء الناتج عن هذا المرض المزمن وتحسين جودة الحياة لمن يعانون منه.
Trending Plus