رحلة في عالم محمية جبل علبة جنوب البحر الأحمر.. موطن الوعل النوبي والغزال الجبلي والثعلب الأحمر والعقاب النسري والصقر الحر.. أندر كائنات حافظت على وجودها في واحدة من أعظم المحميات الطبيعية بمصر والشرق الأوسط

الغزال المصرى

البحر الأحمر – عماد عرفة

السبت، 29 نوفمبر 2025 06:00 ص

تعد محمية جبل علبة الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي لجمهورية مصر العربية، واحدة من أكبر وأغنى المحميات الطبيعية في الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ تمتد على مساحة شاسعة تُقدر بنحو 35 ألف كيلومتر مربع، وتضم تنوعًا بيئيًا فريدًا يجعلها متحفًا طبيعيًا مفتوحًا للحياة البرية والنباتية النادرة.

بيئة استثنائية وتنوع بيولوجي فريد

قال الدكتور أحمد غلاب مدير عام محميات البحر الأحمر، أن محمية جبل علبة تعد من أهم مناطق التنوع البيولوجي في مصر، حيث تجتمع فيها الجبال الشاهقة والوديان العميقة والسهول الممتدة التي تتيح موائل متعددة لأنواع كثيرة من الكائنات البرية.

وأضاف أن الطبيعة الجبلية الوعرة وقلة التدخل البشري ساهمتا في حماية العديد من الأنواع المهددة بالانقراض، التي وجدت في هذه المنطقة ملاذًا آمنًا يضمن استمرارها في ظل التغيرات البيئية العالمية.

الوعل النوبي.. رمز الصمود في وجه الصحراء

وأكد أن من أبرز الكائنات التي تعيش داخل المحمية الوعل النوبي، والذي يعتبر رمزًا للحياة البرية في جنوب البحر الأحمر، يتميز هذا الحيوان بقدرته الاستثنائية على تسلق المرتفعات الجبلية الصخرية بخفة ورشاقة، مما يساعده على الهروب من المفترسات والبقاء في أكثر الأماكن وعورة.

وتابع : يمتلك الوعل النوبي قرونًا طويلة وقوية يستخدمها في الدفاع عن نفسه وفي التنافس بين الذكور خلال موسم التزاوج، ورغم تناقص أعداده في العديد من مناطق انتشاره في إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، إلا أن محمية جبل علبة تمثل له بيئة آمنة نسبيًا بفضل جهود الحماية المستمرة.

الغزال الجبلي.. أناقة الصحراء وحساسيتها

كما تضم المحمية الغزال الجبلي، وهو من أكثر الحيوانات حساسية للتغيرات البيئية. يفضل هذا الغزال العيش في المناطق المفتوحة القريبة من الجبال ويتحرك في قطعان صغيرة للحماية.

ويعد وجوده داخل حدود المحمية مؤشرًا على نجاح جهود الدولة في الحفاظ على الأنواع النادرة، خاصة وأنه من الكائنات التي تتأثر سريعًا بالتوسع العمراني أو الصيد الجائر.

الثعلب الأحمر.. المتأقلم مع أقسى البيئات

يعد الثعلب الأحمر من أشهر الحيوانات التي تعيش داخل محمية جبل علبة، حيث أثبت قدرة فائقة على التكيف مع الظروف القاحلة وندرة المياه.

يتغذى هذا الحيوان الذكي على القوارض والطيور الصغيرة والحشرات، ويُعتبر عنصرًا مهمًا في تحقيق التوازن البيئي من خلال السيطرة على أعداد الفرائس الصغيرة.

ويستطيع الثعلب الأحمر أن يعيش في مختلف التضاريس داخل المحمية، سواء في السهول الرملية أو الجبال الوعرة.

العقاب النسري والصقر الحر.. ملوك السماء

كما تعد محمية جبل علبة موطنًا لعدد من الطيور الجارحة والمهاجرة، أبرزها العقاب النسري الذي يبني أعشاشه على قمم الجبال العالية، مستفيدًا من البيئة الهادئة لمراقبة فرائسه من ارتفاعات شاهقة.

كما تشاهد في سماء المحمية الصقور الحرة، وهي من أندر الطيور المهددة بالانقراض، وتشتهر بسرعتها الكبيرة ودقتها العالية في الصيد، معتمدة على المساحات المفتوحة في البحث عن غذائها.

جهود بيئية لحماية الحياة البرية

تعمل وزارة البيئة من خلال إدارة محميات البحر الأحمر على وضع استراتيجيات حماية صارمة داخل محمية جبل علبة، تشمل مراقبة الأنشطة البشرية، وتقييد الرعي والصيد، وتنفيذ دراسات ميدانية دورية لرصد حالة الكائنات المهددة، وهذه الجهود نموذجًا ناجحًا في صون التراث الطبيعي المصري والحفاظ على أحد أهم النظم البيئية في المنطقة العربية.