علامات تتشابه على الجلد.. كيف نميز البهاق عن غيره؟

تعد التغيرات اللونية التي تصيب الجلد من أكثر المشكلات التي تثير القلق والارتباك، خاصة عندما تظهر بقع فاتحة اللون لا يعرف صاحبها سببها بدقة. فبينما يُعدّ البهاق اضطرابًا مناعيًّا ذاتيًّا يؤدي إلى فقدان الخلايا المنتجة للميلانين، هناك العديد من الحالات الجلدية الأخرى التي تُحدث مظهرًا مشابهًا، ما يجعل التشخيص الدقيق ضروريًّا لتجنّب الخلط والخطأ في العلاج.

وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن البهاق يصيب نحو 1.5% من سكان العالم، وينتج عن تفاعل غير طبيعي في الجهاز المناعي يهاجم الخلايا المسؤولة عن تلوين الجلد، مما يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء أو فاتحة في مناطق متفرقة من الجسم. لكن هذا المظهر لا يقتصر على البهاق وحده، إذ قد تتشابه معه حالات أخرى تختلف في الأسباب وطبيعة التغيرات الجلدية.

المهق: غياب الميلانين منذ الولادة

يُعد المهق حالة وراثية نادرة تظهر منذ الولادة، ويُلاحظ فيها نقص أو غياب تام لإنتاج الميلانين في الجلد والشعر والعينين. ويظهر المصابون ببشرة شديدة البياض وشعر فاتح، وقد يعانون من ضعف في الإبصار وحساسية عالية تجاه الضوء.

يختلف المهق عن البهاق في كونه ثابتًا لا يتغير بمرور الوقت، ويشمل الجسم بالكامل، بينما يظهر البهاق على شكل بقع متفرقة بعد الطفولة أو في سن الشباب.

مرض هانسن (الجذام): عدوى تغير لون الجلد

رغم تراجع انتشاره عالميًا، لا يزال الجذام واحدًا من الأمراض التي قد تُشبه البهاق في مظهرها الخارجي. فهو يسبب بقعًا باهتة أو فاتحة على الجلد نتيجة إصابة بكتيرية تؤثر على الأعصاب.

ما يميّز الجذام عن البهاق أن تلك البقع عادةً ما تكون فاقدة للإحساس، وقد يصاحبها خدر أو ضعف عضلي، بينما لا يُسبب البهاق أي ألم أو فقدان للإحساس.

نقص التصبغ النقطي مجهول السبب

هذه الحالة شائعة جدًا لدى من يتعرضون لأشعة الشمس لفترات طويلة، خاصة في الذراعين والساقين. تظهر كبقع صغيرة فاتحة تميل إلى اللون الأبيض، لكنها لا تخلو تمامًا من الصبغة كما في البهاق.

تزداد هذه البقع مع التقدم في السن، وهي غير ضارة ولا تترافق مع اضطراب مناعي. ويمكن تمييزها من خلال صغر حجمها وانتشارها في المناطق المكشوفة من الجسم فقط.

الكلف: الوجه مرآة للتغيرات الهرمونية

يختلف الكلف عن البهاق تمامًا، فهو لا يُفقد الجلد لونه بل يُكسبه لونًا داكنًا على هيئة بقع بنية أو رمادية. ومع ذلك، فإن التفاوت اللوني بين البقع الداكنة والمناطق الفاتحة المحيطة قد يجعل البعض يظن أن ما يراه هو بداية بهاق.

يرتبط الكلف بالتغيرات الهرمونية، ويُلاحظ أكثر بين النساء في سن الإنجاب أو أثناء الحمل، كما قد يزداد بتأثير أشعة الشمس.

النخالية البيضاء.. بقع الطفولة المتكررة

تُعد النخالية البيضاء من الحالات الجلدية البسيطة التي تصيب الأطفال والمراهقين. تبدأ كبقع حمراء خفيفة متقشرة ثم تتحول إلى مناطق فاتحة تدريجيًّا. غالبًا ما تظهر في الوجه والرقبة والذراعين.

ورغم تشابهها مع البهاق في اللون، إلا أن النخالية البيضاء لا تُفقد الميلانين تمامًا، وتتحسّن مع ترطيب الجلد والعناية البسيطة دون علاج معقّد.

تصلب الجلد.. عندما تتغير بنية البشرة

ينتمي تصلب الجلد إلى مجموعة أمراض المناعة الذاتية مثل البهاق، إلا أنه يتسبّب في تيبّس الجلد وزيادة سماكته. قد يلاحظ المصاب تغيّر لون بشرته إلى درجة أفتح أو أغمق، مع شعور بالشد أو الألم في الأطراف.

الاختلاف الجوهري هنا أن المرض لا يقتصر على الجلد فقط، بل قد يمتد تأثيره إلى الأوعية الدموية والأنسجة الداخلية.

النخالية المبرقشة.. عدوى فطرية شائعة

هذه الحالة من أكثر ما يلتبس مع البهاق، لكنها تختلف جذريًا في السبب. فهي عدوى فطرية ناتجة عن زيادة نمو فطر طبيعي موجود على الجلد، مما يؤدي إلى بقع فاتحة أو داكنة متقشرة قليلاً.

تُعالج النخالية المبرقشة بسهولة بالأدوية الموضعية أو الفموية المضادة للفطريات، على عكس البهاق الذي يحتاج إلى علاج طويل الأمد لتحفيز إنتاج الميلانين مجددًا.

كيف نعرف إن كانت البقع بهاقًا؟

يُشخّص البهاق عادةً بالفحص السريري لدى طبيب الجلدية، وقد يستخدم الطبيب ضوء "وود" فوق البنفسجي للكشف عن غياب الصبغة في الجلد. كما تُساعد التحاليل الدموية على تحديد وجود اضطرابات مناعية مصاحبة.

يُذكر أن نسبةً من المصابين بالبهاق يعانون أيضًا من أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة أو التهاب المفاصل أو اضطرابات الغدة الدرقية.