شهر رجب.. من هو؟ وكيف تشكّل اسمه في ذاكرة العرب قبل الإسلام؟
يعود اسم شهر رجب، أحد أشهر العرب الحرم، إلى جذور لغوية وتقاليد اجتماعية موغلة فى القدم، إذ كان هذا الشهر يتمتع بمكانة خاصة فى الجاهلية قبل الإسلام بقرون طويلة، وظل محتفظًا بقدسيته حتى عصر النبوة.
وفقا للحسابات الفلكية يولد هلال شهر رجب مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة الثالثة والدقيقة 45 قبل الفجر بتوقيت القاهرة المحلي يوم السبت 29 من جمادى الآخرة 1447 هجرياً الموافق 20-12-2025 وهو (يوم الرؤية)، وبذلك تكون غرة شهر رجب 1447 هجرياً فلكياً يوم الأحد 2025/12/21.
أسماء متعددة لشهر واحد
عرف العرب رجب بعدة أسماء، تعكس طبيعة تعاملهم معه ومكانته في حياتهم، ومن أشهر تلك التسميات كانت: رجب الأصم: لأن العرب كانت تكفّ عن القتال فيه، فلا يُسمع فيه صوت سلاح، رجب مضر: نسبة إلى قبيلة مضر التي كانت أشد القبائل تعظيمًا لهذا الشهر، الأصب: لاعتقادهم أن الرحمة "تُصَب" فيه، منصّل الأسنّة: لأنهم ينزعون النصال من الرماح والأسنّة إيذانًا بوقف القتال، وجميع هذه التسميات تتفق على أمر واحد: أنّ رجب كان شهرًا للسلم والسكينة، تُلقى فيه السيوف، وتُنزع فيه الحِدَد.
أصل التسمية.. من أين جاء “رجب”؟
تشير الدراسات اللغوية إلى أن اسم "رجب" مشتق من الترجيب، أي التعظيم. فيُقال: "رَجَبْتُ الشهر" أي عظّمته، وفي كتاب "الشيخ عبدالقادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية" ينقل الشيخ سعد القحطاني عن القدماء تفسيرًا رمزيًا لاسم رجب: الراء: رحمة الله، الجيم: جود الله، الباء: برّ الله.
أما العرب العاربة "القحطانيون" فقد كانت لهم أسماء أقدم للشهور القمرية لكنها اندثرت لثقلها وصعوبة استعمالها، قبل أن تأتي العرب المستعربة "العدنانيون" بالأسماء المتداولة حتى اليوم، ومن بينها "رجب"، بحسب دراسة لجامعة ميتشيجان بعنوان "اللغة العربية الفصحى المتقدمة".
لماذا سُمّي “رجب مضر”؟
بحسب ما ورد في الأخبار وكتاب "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام":نُسب الشهر إلى قبيلة مضر لسببين رئيسيين: شدة تعظيمهم له مقارنة ببقية القبائل، والتزامهم بوقته الحقيقي من غير تغيير أو تقديم وتأخير، على عكس قبائل أخرى كانت تمارس النسيء، وهو تغيير ترتيب الأشهر الحرم وفق مصالح الحرب.
وقد جاء في خطبة النبي ﷺ في حجة الوداع تأكيد واضح: رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان لتوضيح الفرق بينه وبين رجب ربيعة، إذ كانت ربيعة تطلق اسم رجب على شهر رمضان.
طقوس الجاهليين في رجب
مارس العرب في هذا الشهر عادات خاصة، أبرزها: العتيرة: وهي ذبيحة يقدمونها ترجيبًا للشهر، وكانت تُعرف بـ "الرجبية"، منصّل الأسنة: كما روى أبو رجاء العطاردي، كانوا ينزعون النصال من رماحهم احترامًا للشهر، منع القتال: حتى سمّي "الأصم" لغياب أصوات المعارك، زيارات دينية وشعائر شعبية: غذّت ثقافة السلم، وأضفت عليه طابعًا روحانيًا، ويذكر الإمام البيهقي أن تعظيم العرب لرجب كان أوسع من تعظيمهم لبقية الأشهر الحرم.
مكانته في الوعي الإسلامي
يكتسب رجب أهمية خاصة لدى المسلمين لارتباطه ــ وفقًا للمعتقد الإسلامي ــ بحادثة الإسراء والمعراج، التي وقعت في ليلة من ليالي هذا الشهر، حيث أُسري بالنبي محمد ﷺ من مكة إلى القدس ثم عُرج به إلى السماء.
Trending Plus