الراعى الصالح.. اكتشاف جدارية نادرة للمسيح فى تركيا

أعلن علماء آثار يعملون في مدينة إزنيق شمال غرب تركيا (نيقية القديمة) عن اكتشاف لوحة جدارية نادرة تعود إلى القرن الثالث الميلادي تُظهر المسيح في هيئة "الراعي الصالح" داخل مقبرة تحت الأرض في منطقة هيسارديري، في واحد من أبرز الاكتشافات المرتبطة بفن المسيحية المبكرة في الأناضول، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع ancient orgnins.  

وبحسب ما نقلته تقارير دولية، تصور اللوحة المسيح شابًا حليق الذقن مرتديًا زيًا على الطراز الروماني (توجا)، وهو يحمل ماعزًا على كتفيه في تكوين رمزي يرتبط مبكرًا بفكرة الحماية والخلاص، قبل شيوع استخدام رمز الصليب على نطاق واسع في الفنون المسيحية.

وذكرت المصادر أن المقبرة تعود إلى العصر الروماني، وأن جدرانها تضم أيضًا زخارف نباتية وطيورًا، إلى جانب عناصر تصويرية أخرى، بينما أكدت فرق البحث أن طبيعة هذا التصوير وطرازه الروماني يجعلانه نادرًا للغاية في الأناضول من حيث حضور السمات الرومانية الواضحة في تصوير المسيح.

ويكتسب الاكتشاف أهمية إضافية لوقوعه قرب إزنيق، المدينة التي ارتبطت تاريخيًا بالمسيحية بوصفها موقع مجمع نيقية عام 325م، وهي خلفية تاريخية تعزز قيمة أي دليل بصري مبكر على حضور المسيحية في المنطقة.

إزنيق، نيقية، تركيا، هيسارديري، مقبرة تحت الأرض، لوحة جدارية، الراعي الصالح، المسيح، الفن الروماني، المسيحية المبكرة، آثار.

المسيح

راعي أغنام بلا لحية على الطراز الروماني

تقع النقطة المحورية للمقبرة على الجدار الشمالي خلف منصة مرتفعة تعرف باسم "كلاين"، حيث كان يدفن الموتى على ألواح مربعة من الطين المحروق.
يظهر مشهد الراعي الصالح يسوع شابًا حليق الذقن يرتدي رداءً بسيطًا، وعلى كتفيه عنزة كبيرة ذات قرون، ويحيط به زوجان من العنزات من الجانبين، مما يشكل تكوينًا متناظرًا يعكس كلا من الفن الروماني الكلاسيكي واللغة الرمزية للمسيحية المبكرة.

أكد الباحثون على أهمية تصوير المسيح شابًا بلا لحية، وهو ما يتماشى مع التقاليد الفنية السائدة في الثقافة البصرية الرومانية خلال القرنين الثاني والثالث.
ويتناقض هذا الأسلوب تناقضًا حادًا مع الصور البيزنطية اللاحقة التي صورت يسوع بلحية وملامح أكثر نضجًا، وتؤكد التأثيرات الأسلوبية الرومانية الواضحة في اللوحة الجدارية على التوفيق الثقافي الذي حدث في الأناضول مع ترسيخ المسيحية وجودها في منطقة غنية بالتقاليد الكلاسيكية.

الجذور الكتابية والمعنى الرمزي

يحمل رمز "الراعي الصالح" دلالة لاهوتية عميقة لدى المسيحيين، حيث اعتمد المؤمنون الأوائل اعتمادًا كبيرًا على هذه الصورة الرعوية للتعبير عن إيمانهم وتجنب  الاضطهاد .
حملت هذه الصورة معاني الحماية الإلهية والخلاص والإرشاد الروحي في وقت كان فيه استخدام الرموز المسيحية الصريحة نادرًا وربما ينطوي على مخاطر.
فمن خلال تصوير المسيح كراعٍ يحمل حملاً أو ماعزًا ضالًا إلى بر الأمان، نقلت هذه الأعمال الفنية المبكرة الأمل في القيامة والحياة الأبدية.