للسلبية أيضًا مكان!!
لا تظنوا أن الجميع يُحبون الشخص الإيجابي الفعال صاحب المواقف الشجاعة والآراء السديدة، بل على العكس أحيانًا كثيرة يكون هذا الشخص غير مرغوب فيه وربما يلقى نقدًا ورفضًا شديدًا، ونجد أن السلبي هو مَنْ يستحوذ على الاهتمام والحُب، ويكون له نصيب الأسد من دفاع الآخرين عنه، فالإيجابية لا تلقى قبولاً ممَّنْ يُريدون أن تسير الحياة على أهوائهم ووفقًا لرغباتهم، فهؤلاء يرفضون مَنْ يقف ندًا لهم، أو يعترض على تصرفاتهم، أما مَنْ يؤازرهم في الرأي ويُصفق لهم على كل كبيرة وصغيرة، ويمتدح وجهات نظرهم مهما أصابها من عوار، يكون هو المُحبذ إليهم، والمُقرب من قلوبهم، ويلقى قبولاً غير عادي في نظر مثل هذه النوعية من الشخصيات.
فعلى سبيل المثال، هل مُدمن المخدرات يُحب مصحة العلاج أم تاجر المخدرات؟ بالتأكيد يميل إلى الثاني رغم أنه العنصر السلبي في حياته، ويرفض الأول رفضًا قاطعًا، رغم أنه يُشكل عنصرًا إيجابيًا، ولكنه ضد رغباته وسلوكياته. وكذلك التلميذ الصغير، هل يُحب مَنْ يحثه على استذكار دروسه أم مَنْ يشجعه على اللهو واللعب؟ بلا أدنى شك يميل إلى الطرف الثاني لمُسايرته لرغباته.
وهكذا هناك حالات كثيرة لا تُحب الإيجابي، بل تبغضه وتبغض وجوده، لأنه يكون بالنسبة لهم مثل الشوكة في الحلق، فهو يقف ضد أهوائهم، ويُحطم أمنياتهم، ويعوق مسيرتهم، أما السلبي فهو شريك في كل أخطائهم، بل إنه يبث بداخلهم روح الثقة بالنفس، لأنه بتقبله لأفعالهم وتشجيعه لهم يُشعرهم أنهم على صواب، وأن تصرفاتهم أمر طبيعي لا مراء فيها، ولا غبار عليها.
لذا علينا ألا نندهش أو نُصاب بالغضب عندما نرى الموازين مقلوبة، وأن الصحيح مرفوض، والخطأ مُرحب به، والإيجابي منبوذ، والسلبي مرغوب فيه، فبعض الناس لا تتقبل ما هو في مصلحتها، بل إنها تلهث وراء مَنْ يُساير أهواءها حتى لو كان فيه الهلاك لها، فهذه مبادئ الكثيرين، فهم يُؤمنون بها إلى أقصى حد، وللأسف مَنْ يصاب بالصدمة هم الأشخاص الإيجابيون أصحاب المواقف الحقيقية، مَنْ يسعون إلى الحق ويُدافعون عنه، لأنهم لا يتخيلوا أن يكونوا محط رفض وشجب الغير، ولكن لابد قبل أن يتركوا أنفسهم ضحايا لهذه الأحاسيس أن يُفكروا أولاً في طبيعية مَنْ يشجبونهم، فليس كل مَنْ يكره أو يشجب أو يبغض يكون على صواب، فأحيانًا تنتابه هذه المشاعر لأنه يعيش في الخطأ ولا يستطيع أن يتعايش مع أصحاب المُثل العليا والقيم الأخلاقية، فهم يُنحون الصواب جانبًا، ويفتحون قلوبهم للسلبية، ليكون لها نصيب من التواجد والحُب.
Trending Plus