نجيب محفوظ.. كيف تشكّل وعيه على القراءة منذ الطفولة؟

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
كتب محمد عبد الرحمن

لم يولد نجيب محفوظ فى بيت مثقف بالمعنى التقليدى للكلمة، لكنه نشأ فى بيئة غنية بثقافة من نوع آخر؛ ثقافة تفيض بالحكايات، والموروث الشعبى، والروح الدينية المصرية المتسامحة، ومن تلك الطفولة، تحديدا من حضن الأم، بدأ يتكوّن الوعى الأول للكاتب الذى سيصبح بعد عقود أحد أهم روائيى العالم.

الأم.. مخزن الثقافة الأول

كان نجيب محفوظ يقول دائمًا إن علاقته بأمه "الست فاطمة" كانت أوثق من علاقته بوالده، فالأب كان كثير الغياب بحكم عمله، بينما كانت الأم ملازمة له، تحيطه بعالم من القصص والمشاهد اليومية التى زرعت فى داخله حسًّا فنيًا مبكرًا.

ورغم أنها كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب، فإن محفوظ اعتبرها خزانًا للثقافة الشعبية، بما تحمل من حكايات وأمثال وعادات وتقاليد راسخة فى وجدان المصريين.
زيارات الحسين.. بوابة الرهبة الأولى.. اعتادت الأم اصطحاب طفلها إلى مقام سيدنا الحسين، وهناك كان محفوظ يقرأ الفاتحة ويقبّل الضريح بناءً على رغبتها، ويقول محفوظ فى مذكراته مع رجاء النقاش: "كانت هذه الأشياء تبعث فى نفسى معانى الرهبة والخشوع".

وهكذا ارتبط الطفل مبكرًا بمشهد دينى وروحى مكثّف، سيترك أثره فى أعماله لاحقًا، من «أولاد حارتنا» إلى «الحرافيش».

لم تقتصر رحلة الأم على المقامات الإسلامية، فقد كانت تزور أيضًا الآثار القبطية، خاصة دير مارجرجس، وتوثّقت علاقتها بالراهبات هناك، وعندما مرضت ذات يوم، جاءت الراهبات لزيارتها فى بيتها بالجمالية، فحدثت ضجة فى الشارع لأن المشهد كان غير مألوف، ووقتها قالت الأم لابنها حين سألها عن سر حبها للحسين ومارجرجس معًا: "كلهم بركة" ويرى محفوظ أن هذا التسامح انعكس بوضوح على رؤيته للحياة، وأنه إحدى الركائز التى صاغت وعيه الإنسانى.
غرام الآثار.. ذاكرة الفراعنة الأولى.. كان من هوايات الأم أيضًا زيارة المتحف المصرى، حيث كانت تُطلق على التماثيل اسم «المساخيط»، ورغم بساطة وصفها، فقد كانت شغوفة بالآثار الفرعونية بشكل لافت.

يقول محفوظ: "لا أجد تفسيرًا لغرامها بالآثار القديمة.. إننى أجد فى أمى عراقة وأصالة أكثر من سيدات هذا الجيل. هذا الاحتكاك المبكر بتاريخ مصر القديم ربما كان أحد البذور الأولى التى ستزهر لاحقًا فى رواياته ذات الروح المصرية الأصيلة".

الأغانى الشعبية.. صوت سيد درويش فى البيت.. كانت الأم مُغرمة بأغانى سيد درويش، وهو ما شكّل أذنًا موسيقية لدى الطفل، وساهم فى تشكيل حسه الفنى وإيقاع لغته القصصية فيما بعد.

هكذا تشكّل وعى نجيب محفوظ المبكر: من أمٍ أمية تحمل ثقافة شعب كامل، ومن زيارات تُشعل الخيال، ومن تسامح دينى يُعلّم المحبة، ومن فنون الشارع والبيوت القديمة، تلك الطفولة لم تصنع كاتبًا عاديًا، بل مهّدت الطريق لروائى عالمى حمل مصر بين سطوره حتى آخر العمر.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ألمانيا تحبط هجوما إرهابيا على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص

إحالة المتهم بالتحرش بالفنانة ياسمينا المصرى للجنايات

الدوري السعودي يستعد لاستقبال محمد صلاح.. والهلال يفتح خزائنه

ارتفاع حصيلة قتلى إطلاق النار على تجمع يهودى بسيدنى إلى 10 أشخاص

صدمة بعد إطلاق نار فى جامعة أمريكية.. الضحايا من الطلاب والمسلح لا يزال هاربا


صور الأقمار الصناعية.. تدفق للسحب مصحوبة بأمطار متفاوتة الشدة على هذه المناطق

صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي

سقوط 5 قتلى في إطلاق النار بأستراليا.. والشرطة تعلن مقتل أحد المنفذين

تفاصيل صادمة فى جريمة العمرانية.. أم تقتل طفليها بسلاح أبيض

اعرف كيفية الحصول على نتيجة كلية الشرطة لعام 2025/2026


التنمية المحلية: تخفيض رسوم ترخيص المحال العامة لمدة 6 أشهر بنسبة تصل لـ50%

مواعيد مباريات اليوم.. ألافيس ضد الريال ومان سيتي مع كريستال بالاس

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

الأهلي يتعهد بالسماح لمصطفى شوبير بالاحتراف الأوروبى.. اعرف التفاصيل

6 جواهر تتألق فى كأس عاصمة مصر مع الأهلي والزمالك والمصري

مواعيد مباريات اليوم الأحد 14-12-2025 والقنوات الناقلة

روبوت يختفى تحت جليد القطب الجنوبى 8 أشهر ويعود بمعلومات تثر الذعر.. ما القصة؟

مواعيد مباريات الزمالك فى بطولة كأس عاصمة مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى