أرباح بالمليارات.. شركات أمريكية تتنافس على إعادة أعمار غزة.. جارديان: الفائز يحقق 1.7 مليار دولار من رسوم الشاحنات وحدها.. مقابلات للحسم قبل عيد الميلاد.. وأمريكى يهودى عمره 25 عاما يشرف على مخطط لوجستي جديد
كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن مسئولين فى إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب وشركات جمهورية نافذة يتنافسون فيما بينهم للسيطرة على المساعدات الإنسانية ولوجستيات إعادة الإعمار في قطاع غزة المدمر، إذ ستشكل تلك الجهود فرصة ذهبية للشركات المتخصصة في البناء والهدم والنقل واللوجستيات.
وسيكون دور الشركة الفائزة تعيين «مقاول رئيسي» لتوفير 600 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية وتجارية إلى غزة يومياً. يقترح فرض رسوم قدرها 2000 دولار لكل شحنة إنسانية ورسوم قدرها 12000 دولار لكل شحنة أخرى.
عائد مالى كبير للشركات المشاركة فى إعادة الأعمار
وأوضحت الصحيفة أن هذا المقاول- باعتباره جهة ترخيص- يمكنه «تحقيق عائد مالي» من العملاء الإنسانيين والتجاريين الداخلين إلى غزة، وربما تصل إيراداته السنوية من رسوم الشاحنات وحدها إلى 1.7 مليار دولار.
ومن بين المتنافسين، حسبما علمت الجارديان، شركة غوثامز، وهي شركة مقاولات ذات نفوذ سياسي، فازت بعقد قيمته 33 مليون دولار للمساعدة في إدارة مركز احتجاز المهاجرين سيئ السمعة في جنوب فلوريدا، الملقب بـ«ألكاتراز التمساح»، حيث يُحتجز المهاجرون في خيام ومقطورات.
وتشير وثائق وثلاثة أشخاص مطلعين على الخطط إلى أن شركة المقاولات كانت تتمتع بـ«فرصة ذهبية» للفوز بما قد يكون العقد الأكثر ربحية في تاريخها. ولكن في مقابلة يوم الجمعة، وبعد أسئلة من الجارديان، قال مؤسس الشركة، مات ميكلسن، إنه أعاد النظر في مشاركة شركته وقرر الانسحاب، مُشيرًا إلى مخاوف أمنية.
ومع تضرر أو تدمير ثلاثة أرباع مباني غزة جراء عامين من الغارات الإسرائيلية، فإن جهود إعادة الإعمار المقبلة - التي تقدرها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار - تُشكل فرصة كبيرة للشركات. لكن لا توجد آلية لإبرام عقود طويلة الأجل لإعادة الإعمار أو المساعدات الإنسانية حتى الآن: فقد صادقت الأمم المتحدة على مجلس السلام، برئاسة دونالد ترامب، لإدارة القطاع، ولكنه لم يبدأ عمله بعد. كما أن صلاحيات مركز التنسيق المدني العسكري الجديد محدودة.
وبالتوازي مع هذه الجهود الرسمية، أنشأ البيت الأبيض فريق عمل خاصًا بغزة بقيادة جاريد كوشنر وستيف ويتكوف وأريه لايتستون.
وعلمت صحيفة الجارديان أن اثنين من المسئولين السابقين في وزارة الخارجية الأمريكية - واللذين كانا يعملان ضمن فريق إيلون ماسك لتقليص حجم الحكومة وتسريح عدد كبير من الموظفين الفيدراليين - يقودان مناقشات المجموعة حول المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة بعد الحرب. وقد وزّعا عروضًا تقديمية تتضمن خططًا تفصيلية للعمليات اللوجستية، بما في ذلك الأسعار والتوقعات المالية ومواقع المستودعات المحتملة.
ولم يُقدّم إيدي فاسكيز، المتحدث باسم فريق عمل البيت الأبيض المعني بغزة، إجاباتٍ على أسئلةٍ تفصيلية حول العملية التي يقودها البيت الأبيض. وقال في رسالة بريد إلكتروني إن هذه القصة «تُظهر جهلاً تاماً بكيفية عمل فريق غزة والوضع الراهن. نحن في المراحل الأولى من التخطيط، وهناك العديد من الأفكار والمقترحات قيد المناقشة حالياً، ولم تُتخذ أي قرارات نهائية بعد».
وفي غضون ذلك، تقول مصادر إن المقاولين يسافرون جواً إلى المنطقة للقاء مسئولين أمريكيين نافذين وشركاء تجاريين محتملين قبل العطلات.
ونقلت الصحيفة عن أحد المقاولين المخضرمين المطلعين على العملية قوله «الجميع يحاول الحصول على نصيب من هذا. يتعامل الناس مع هذا الأمر وكأنه عراق أو أفغانستان أخرى. ويحاولون، كما تعلمون، الثراء من ورائه".
إسرائيل تسيطر على قطاع غزة
بينما يتصور كل من ترامب وكوشنر مشاريع منتجعات فاخرة، فإن معظم المجتمع الدولي يتمنى إعادة بناء غزة لتكون موطناً صالحاً للعيش لسكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة. في غضون ذلك، لا تزال إسرائيل تسيطر على نصف قطاع غزة، وقد صرحت بأنها ستمنع إعادة الإعمار في النصف الذي تسيطر عليه حماس حتى تتخلى الحركة عن سلاحها.
وكشفت الصحيفة إنه تم إيفاد مسئولين سابقين من وزارة الكفاءة التي كان يقودها إيلون ماسك إلى المنطقة مع تصاعد وتيرة التخطيط لإعادة إعمار غزة ما بعد الحرب هذا الخريف. أحدهما هو جوش جرينباوم، المعين في إدارة الخدمات العامة والذي يشغل حالياً منصب كبير مستشاري فريق عمل غزة. والآخر هو آدم هوفمان، خريج جامعة برينستون البالغ من العمر 25 عاماً، والذي انضم إلى جهود إيلون ماسك في وزارة الكفاءة في مارس الماضي. يقول شخصان تعاملا مباشرة مع المستشار الشاب إن هوفمان أصبح قوة دافعة في أحدث الخطط.
ويمتلك هوفمان – وهو يهودي- سجلاً حافلاً بالنشاط السياسي المحافظ منذ مراهقته. ففي الرابعة عشرة من عمره، عمل متطوعاً لدى حاكم ولاية تكساس الجمهوري، جريج أبوت، وفقاً لتقرير نشرته وكالة تليجراف اليهودية عام 2020. وحتى قبل تخرجه من الجامعة، عمل لفترة وجيزة في الإدارة الأولى لترامب في مجلس المستشارين الاقتصاديين. وفي جامعة برينستون، ادعى وجود معاداة للسامية في الحرم الجامعي بعد دعوة أحد أبرز منتقدي الحكومة الإسرائيلية لإلقاء كلمة في فعالية تضامنية مع غزة.
وتقول ثلاثة مصادر مطلعة على العملية إن هوفمان كان يستطلع أفكاراً بشأن مخطط لوجستي جديد في غزة. وقد اطلعت صحيفة الجارديان على وثيقة تخطيط، تقول المصادر إن هوفمان هو من عممها، تتضمن تفاصيل «هيكلية لوجستية جديدة لنظام إمداد غزة».
1.7 مليار دولار لمقاول رئيسي
وتشير الوثيقة إلى أنه من خلال العمل كجهة مانحة للترخيص، يمكن للمقاول «تحقيق عائد مجزٍ» من العملاء الإنسانيين والتجاريين الذين يدخلون غزة. وإذا ما نفّذ «المقاول الرئيسي» مهامه بكفاءة، تتوقع صحيفة الجارديان أن يصل إجمالي أرباحه إلى 1.7 مليار دولار أمريكي سنويًا من رسوم النقل بالشاحنات وحدها.
وسيكون النقل بالشاحنات بالغ الأهمية لأي جهود لإعادة إعمار غزة. فقبل الحرب، كان نحو 500 شاحنة تدخل القطاع يوميًا، موفرةً واردات حيوية لسكان يعيشون تحت الحصار العسكري الإسرائيلي منذ عقود.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، قطعت إسرائيل بشكل متقطع جميع مداخل ومخارج غزة، ما حدّ من وصول السلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء والوقود ومواد البناء. رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر نصّ على دخول 600 شاحنة مساعدات إلى القطاع يوميًا، إلا أن إسرائيل حدّدت دخولها بمعدل 140 شاحنة فقط يوميًا.
تاريخيًا، شاركت الأمم المتحدة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث كانت تُزوّد أكثر من 80% من سكانها بالسلع الأساسية والتعليم والرعاية الصحية.
لا يزال من غير الواضح الدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة أو غيرها من الجهات الفاعلة الإنسانية ذات الخبرة الطويلة في المستقبل. وتتحكم السلطات الإسرائيلية في تصاريح الدخول لجميع الجهات العاملة في غزة، بما في ذلك شركات المقاولات الربحية التي تتنافس على العمل مع مجلس السلام.
Trending Plus