بتصدّع وأنت نايم؟ اعرف أعراض الصداع النومى وطرق العلاج والوقاية

قد تستيقظ في منتصف الليل على ألم مفاجئ في الرأس يشبه طرقًا متواصلاً، دون سبب واضح أو ضوضاء أيقظتك. إن كنت تعاني من ذلك بانتظام، فربما أنت مصاب بما يُعرف بالصداع النومي، أحد أكثر أنواع الصداع غرابة وإرباكًا، والذي يُطلق عليه الأطباء أحيانًا “الصداع المنبّه”، لأنه يوقظ المريض كما لو كان جرس إنذار داخلي يرن في الرأس كل ليلة تقريبًا.

ووفقًا لتقرير نشره موقع Sleep Foundation الأمريكي المتخصص في أبحاث النوم والصحة العصبية، فإن الصداع النومي يُعد اضطرابًا نادرًا يصيب أقل من 1% من الناس، وغالبًا ما يظهر في الأعمار بعد الخمسين، مع ميل واضح لإصابة النساء أكثر من الرجال.

ما هو الصداع النومي؟
 

الصداع النومي حالة تصيب الأشخاص أثناء نومهم فقط، وغالبًا ما توقظهم في نفس التوقيت تقريبًا كل ليلة. يصف المرضى الألم بأنه نابض أو ضاغط، وقد يمتد من جهة واحدة أو يشمل الرأس بالكامل. ما يميزه عن أنواع الصداع الأخرى أنه لا يظهر أثناء الاستيقاظ، بل يرتبط تحديدًا بمرحلة النوم العميق أو نوم حركة العين السريعة (REM).

ورغم أنه لا يرتبط بمرض عصبي محدد، إلا أن الباحثين يعتقدون أنه مرتبط بخلل في الإيقاع اليومي لهرمون الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، إذ أظهرت التحاليل انخفاض مستوياته لدى بعض المصابين.

الأعراض المميزة
 

يظهر الصداع النومي على هيئة ألم متكرر يوقظ المريض في منتصف الليل، وقد يتكرر ذلك من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيًا. يمتد الألم عادة بين 15 دقيقة إلى أربع ساعات، ويترافق أحيانًا مع أعراض مصاحبة مثل:

الغثيان أو الرغبة في التقيؤ.

حساسية مفرطة تجاه الضوء أو الأصوات.

دموع في العين أو احتقان بسيط في الأنف.

وقد يلاحظ بعض المرضى أن الألم يحدث في وقت ثابت تقريبًا من الليل، مما يعزز فكرة ارتباطه بخلل الساعة البيولوجية للجسم.

لماذا يحدث الصداع أثناء النوم؟
 

لا يوجد سبب مؤكد حتى الآن، لكن النظريات الطبية تُشير إلى أن نشاطًا غير طبيعي في بعض مناطق الدماغ المسؤولة عن الإحساس بالألم قد يلعب دورًا أساسيًا. كذلك، فإن اضطراب مستويات الميلاتونين أو تفاعل الأوعية الدموية في الدماغ أثناء النوم قد يكون وراء هذه النوبات.

ويُعتقد أيضًا أن فعالية بعض الأدوية مثل الليثيوم أو الميلاتونين الصناعي في الوقاية من الصداع النومي دليل على أن الخلل في كيمياء النوم والهرمونات الليليّة هو العامل الأبرز وراء هذا النوع من الألم.

من الأكثر عرضة للإصابة؟
 

تُظهر البيانات أن أكثر من 90% من المصابين تبدأ لديهم الحالة بعد سن الخمسين، إلا أن بعض الحالات النادرة سُجلت في الأربعينات وحتى أواخر الثلاثينات. النساء أكثر عرضة للإصابة، وغالبًا ما يتأخر التشخيص لعدة سنوات لأن الأطباء في البداية يستبعدون أنواع الصداع الأكثر شيوعًا مثل الصداع النصفي أو صداع التوتر.

التشخيص الطبي
 

يبدأ الطبيب عادة بجمع التاريخ المرضي الكامل للمريض، متسائلًا عن طبيعة الألم وتوقيته وعدد مرات حدوثه. ولأن الصداع النومي يُعدّ “تشخيص استبعاد”، فإن الطبيب يلجأ إلى فحوصات دقيقة للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى مثل:

التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لاستبعاد الأورام أو الجلطات.

دراسة نوم ليلية لتقييم اضطرابات مثل انقطاع النفس أثناء النوم.

تحاليل الدم للكشف عن التهابات أو اختلالات هرمونية.

ولا يُشخّص الصداع النومي إلا بعد استبعاد كل هذه الاحتمالات، وعند التأكد من أن الصداع لا يحدث إلا أثناء النوم فقط.

كيف يُعالج الصداع النومي؟
 

رغم ندرته، فإن الصداع النومي يستجيب لعدد من العلاجات البسيطة والمفاجئة أحيانًا.
أكثرها شيوعًا هو تناول القليل من الكافيين قبل النوم، سواء على شكل كوب قهوة خفيف أو أقراص كافيين بجرعة صغيرة (40–60 ملغ). وقد يبدو الأمر غريبًا لأن الكافيين عادةً يُستخدم للبقاء مستيقظًا، لكن في هذه الحالة يساهم في تثبيط نشاط الألم دون التأثير الكبير على النوم.

ومن العلاجات الأخرى:

الليثيوم كربونات: يُستخدم بجرعات محددة وتحت إشراف طبي دقيق.

مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الفعالة في بعض الحالات.

الميلاتونين كمكمل طبيعي لتحسين جودة النوم وإعادة ضبط الساعة البيولوجية.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

إذا كنت تستيقظ ليلًا بسبب الصداع أكثر من مرة أسبوعيًا، أو لاحظت أن النوبات تحدث في نفس الوقت تقريبًا كل ليلة، فمن الضروري مراجعة الطبيب. فبعض أمراض الدماغ أو اضطرابات النوم قد تتشابه في الأعراض، ويصعب التفريق بينها دون تقييم طبي. كما يجب الحذر في حال ترافق الصداع مع تشوش في الرؤية أو ضعف في أحد الأطراف أو تغير في مستوى الوعي.

تؤكد الدراسات أن العلاج المبكر والمتابعة المنتظمة تُقللان من تكرار النوبات وتساعدان المريض على استعادة نوم هادئ خالٍ من “صفارات الألم” الليلية.