توحيد السلاح .. كيف تستعد بريطانيا لسيناريو الحرب مع روسيا
بعد أكثر من ثلاثة عقود على حل القوة العسكرية البريطانية المخصصة للدفاع عن الوطن وتقليص الميزانيات العسكرية، بدأت بريطانيا إعادة توجيه بوصلتها الأمنية تحسبًا لاحتمال تعرض أراضيها لهجمات، فى ظل تصاعد التوترات الدولية وتبدل موازين الردع فى أوروبا.
وجاء التحرك البريطاني في أعقاب تحذيرات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، من أن “الحرب باتت على الأبواب”، وإعلان روسيا استعدادها لمواجهة عسكرية مع أوروبا، إلى جانب تصاعد العداء العلني من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه القادة الأوروبيين، بحسب ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
بريطانيا تتجه إلى «مقاربة شاملة» للدفاع والردع
وقالت الحكومة البريطانية إن برنامجها الدفاعي الجديد يقوم على ما وصفته بـ«مقاربة شاملة للمجتمع»، تهدف إلى دمج الجيش والشرطة ومختلف مؤسسات الدولة، استعدادًا للتعامل مع سيناريوهات متعددة، تتراوح بين الهجمات العسكرية المباشرة والتهديدات غير التقليدية.
ورغم أن احتمال تعرض بريطانيا لغزو بري يُعد ضعيفًا، فإن خبراء عسكريين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة «آر يو إس آي» أكدوا أن الحرب في أوكرانيا، إلى جانب الهجمات الهجينة التي تتعرض لها دول أوروبية، كشفت قابلية استهداف البنى التحتية الحيوية عبر التخريب أو الطائرات المسيّرة.
وقال تانمانجيت سينغ دهيسي، النائب عن حزب العمال ورئيس لجنة الدفاع في البرلمان، إن البلاد “غير مستعدة”، ليس فقط لمواجهة هجوم عسكري، بل أيضًا للتعامل مع طيف أوسع من التهديدات، معتبرًا أن برنامج الدفاع الداخلي يتقدم بوتيرة بطيئة للغاية.
بريطانيا بين نقص الجاهزية وخطط تعزيز الإنفاق العسكري
من جانبه، أشار بول أونيال، الباحث في معهد «آر يو إس آي» والضابط السابق في سلاح الجو الملكي، إلى أن القدرات الدفاعية البريطانية متأخرة مقارنة بدول البلطيق وشمال أوروبا، مثل فنلندا، التي اعتمدت استراتيجيات طويلة الأمد شملت تدريبات عسكرية ومدنية واسعة النطاق.
وأعرب أونيال عن قلقه من تراجع مستوى التدريبات، محذرًا من أن بيع وزارة الدفاع لقواعد ومساكن عسكرية خلال العقد الماضي قد يعرقل قدرة بريطانيا على حشد قوة دفاع داخلي بسرعة عند الحاجة.
وفي مطلع العام الجاري، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن زيادة وُصفت بالتاريخية في الإنفاق العسكري، ليرتفع إلى 2.5% من الناتج الاقتصادي بحلول عام 2027. كما نشرت الحكومة، في يونيو الماضي، مراجعة استراتيجية للدفاع شددت على ضرورة “التجهيز للقتال”، ووضعت إطارًا لإنشاء قوة دفاع داخلي جديدة لحماية القواعد العسكرية والبنية التحتية المدنية.
وأكد مسؤول عسكري أن العمل جارٍ بالفعل لتنفيذ هذه التوصية، رغم أن الخيارات المتعلقة بتشكيل هذه القوة لم تُحسم بعد. وبالتوازي، تسعى بريطانيا إلى استقطاب مزيد من متطوعي قوات الاحتياط ممن تلقوا تدريبًا سابقًا في الجيش أو البحرية أو سلاح الجو، مع تعزيز برامج التدريب والتجنيد في الاحتياط الاستراتيجي الذي يضم عسكريين سابقين.
وقال مارك ويليامز، المسؤول الوطني في الشرطة لشؤون الطوارئ المدنية، إن السلطات باتت بحاجة إلى التفكير جديًا في كيفية إعداد المجتمع لاحتمال نشوب صراع، سواء داخل البلاد أو خارجها، موضحًا أن الشرطة تدرس آليات دعم القوات المسلحة في أسوأ السيناريوهات، مثل اندلاع حرب جديدة، أو هجمات بطائرات مسيرة، أو انقطاعات واسعة للكهرباء.
ورغم ذلك، لم تكشف الحكومة البريطانية سوى عن معلومات محدودة بشأن برنامج الدفاع الداخلي، مؤكدة في بيان رسمي التزامها بضمان التنسيق بين الجهود العسكرية والمدنية، إلى جانب استثمار أكثر من مليار جنيه إسترليني لتعزيز منظومات الدفاع الجوي والصاروخي.
Trending Plus