حياة جوهرية خلف الأسوار.. مراكز الإصلاح والتأهيل تتحول إلى ورش إنتاج "كل حاجة".. "اليوم السابع" يرصد مشروعات إنتاجية تصنع مستقبلا جديدا للنزلاء وتفتح باب رزق من عمل شريف.. والهدف معنوي وتأهيلي ومادي.. صور
يعتقد البعض خطأ أن النزلاء داخل مراكز الإصلاح والتأهيل يقضون فترة العقوبة خلف الأسوار في عزلة تامة، دون نشاط يذكر، منتظرين انتهاء المدة الزمنية المحددة للعقوبة فقط، غير مدركين ما تشهده هذه المراكز من تغيرات جوهرية في فلسفة التعامل مع النزيل، تقوم في الأساس على الإصلاح وإعادة التأهيل، وليس العقاب المجرد.
صناعة وزراعة خلف الأسوار داخل المشروعات الإنتاجية
الواقع داخل مراكز الإصلاح والتأهيل يكشف عن صورة مغايرة تماما لتلك الأفكار النمطية، حيث يعمل النزلاء في مشروعات إنتاجية متكاملة، تتنوع ما بين صناعة الأثاث الراقي، وتصنيع الإكسسوارات، وإنتاج المواد الغذائية، إلى جانب أنشطة زراعية متعددة، فضلا عن مهن وحرف أخرى تواكب احتياجات سوق العمل.
وتأتي هذه المشروعات ضمن خطة شاملة يشرف عليها قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية، تستهدف إعداد النزلاء للحياة خارج الأسوار، وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم بعد انتهاء فترة العقوبة.
وتهدف هذه المشروعات إلى إكساب النزلاء مهارات مهنية حقيقية، تتيح لهم فرص عمل مشروعة تدر دخلا ثابتا من الحلال، بما يسهم في تقليل فرص العودة إلى مسارات الانحراف مرة أخرى.
كما تساعد تلك الأنشطة الإنتاجية النزلاء على استثمار أوقاتهم خلال فترة العقوبة بشكل إيجابي، وتحويلها إلى فرصة للتعلم واكتساب الخبرات، بدلا من أن تكون وقتا ضائعا بلا جدوى.
ولا يقتصر العائد من هذه المشروعات على الجانب المعنوي والتأهيلي فقط، بل يمتد إلى الجانب المادي أيضا، حيث يحصل النزلاء على جزء من أرباح بيع المنتجات التي يشاركون في تصنيعها، الأمر الذي يعزز لديهم قيمة العمل، ويشجعهم على الالتزام والانضباط، ويمنحهم إحساسا حقيقيا بجدوى الجهد المبذول.
اليوم السابع يرصد المشروعات الإنتاجية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل
ورصدت جريدة «اليوم السابع» جانبا من هذه المشروعات الإنتاجية، حيث تنوعت المنتجات ما بين قطع أثاث راقية، شملت غرف نوم متكاملة وغرف معيشة مصممة وفق أحدث الطرز، إلى جانب منتجات غذائية تم إعدادها وفقا لمعايير الجودة والسلامة، فضلا عن إكسسوارات متعددة الاستخدامات.
ويتم عرض هذه المنتجات للجمهور من خلال بعض المعارض، ما يتيح للمواطنين الاطلاع عن قرب على جودة الإنتاج، ويدحض الصورة الذهنية السلبية المرتبطة بتلك الأماكن.
وتعكس هذه المعارض حجم التطور الذي شهدته منظومة الإصلاح والتأهيل في مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث لم تعد المراكز مجرد أماكن لتنفيذ العقوبة، بل أصبحت مؤسسات متكاملة لإعادة بناء الإنسان، تعتمد على برامج تدريب وتأهيل مهني، إلى جانب الرعاية الاجتماعية والنفسية، بما يضمن دمج النزيل في المجتمع فور خروجه، كفرد منتج قادر على العمل والمشاركة الإيجابية.
حقوقيون يشيدون بجهود الداخلية في مراكز الإصلاح والتأهيل
وفي هذا السياق، أشاد عدد من الحقوقيين والخبراء بجهود وزارة الداخلية في تطوير منظومة مراكز الإصلاح والتأهيل، مؤكدين أن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع يمثل نقلة نوعية في ملف حقوق الإنسان، ويعكس التزام الدولة بتطبيق معايير إنسانية حديثة في التعامل مع النزلاء.
وأكدوا أن توفير فرص عمل حقيقية، وإتاحة مشروعات خاصة للنزلاء عقب خروجهم، يسهم بشكل مباشر في الحد من معدلات العود للجريمة، ويعزز الأمن المجتمعي على المدى الطويل.
وأشار الحقوقيون إلى أن تمكين النزيل اقتصاديا واجتماعيا هو أحد أهم ركائز الإصلاح الحقيقي، لافتين إلى أن التجربة المصرية في هذا المجال باتت نموذجا يحتذى به، خاصة مع الربط بين التدريب داخل مراكز الإصلاح واحتياجات سوق العمل خارجها، بما يضمن استمرارية مصدر الدخل بعد الإفراج.
وتؤكد وزارة الداخلية، من جانبها، أن استراتيجية العمل داخل مراكز الإصلاح والتأهيل تقوم على إعلاء قيمة الإنسان، وإتاحة الفرصة الحقيقية أمام النزيل لتصحيح مساره، وبناء مستقبل جديد قائم على العمل الشريف، في إطار رؤية شاملة تستهدف حماية المجتمع، ودعم الاستقرار، وتحقيق العدالة بمفهومها الإنساني الشامل.
.jpg)
جانب من مشروعات إنتاجية تصنع مستقبلا جديدا للنزلاء
.jpg)
اليوم السابع ترصد مشروعات إنتاجية تصنع مستقبلا جديدا للنزلاء
.jpg)
Trending Plus