مشروع قومى للغة العربية
عندما نتحدث عن اللغة العربية، نتذكر دائما شرف الأمة، ومجد الماضى، وفخر الحاضر ونبراس المستقبل، غير أن الحفاظ على اللغة حفاظ على الهوية، لأنها الأداة التي يفكر بها الإنسان والوعاء الذي يحفظ تراثه، لكن من المؤسف أن ما يحدث على أرض الواقع في التعامل مع اللغة بمثابة قتل متعمد برصاص السخافة وسهام الغدر، عند استخدام لهجات عامية وسوقية ولغات شبابية وعصرية تعتريها السطحية وتُغلّفها التفاهة في حياتنا العلمية والمعيشية، والأغرب إدخال لغات أجنبية بهدف التباهى والتفاخر الكاذب والمزيف..!
والسؤال الآن، ألم يحِن الوقت، أن ننتبه إلى هذا الجُرم وتلك الكارثة خاصة أننا – أبناء اللغة العربية– ونحن من نتحمل المسئولية..!.
لذا، في ظل ما يحدث مهم بل يجب إعادة النظر في أن يكون لدينا مشروع قومى عربى تشارك فيه كافة الحكومات العربية، قائم على بحث ووضع آليات جديدة لإنقاذ اللغة العربية من هذا الانهيار والتراجع، لأن هذه المسئولية ليست مسئولية دولة بعينها بقدر ما هي مسئولية العرب والأمة الإسلامية.
نعم مسئولية كل من له صلة باللغة العربية دول عربية وإسلامية، وكليات وجامعات وجهات رسمية ذات صلة باللغة العربية - كوزارات التعليم، والثقافة، ووسائل الإعلام، والأوقاف – فكلنا أمل أن يزيد الاهتمام بنشر اللغة العربية الفصيحة الميسرة بوصفها عاملا استراتيجيا مهما في توحيد العالم العربي وتطويره، وتحية تقدير لكلية دار العلوم جامعة القاهرة بقيادة الدكتور أحمد بلبولة، والتي نظمت منذ يومين المؤتمر الدولي والذى جاء بعنوان "الاستشراق والهوية: مقاربات في اللغة والأدب والتراث العربي"، والتي كان نموذجا رصينا في شرح الأزمة وتشريحها ووضع لبنات بناء، وأتذكر ما قاله عميدها "نحن نسعى إلى هوية حية تنمو باللغة، وتسمو بالأدب، وتتجذر بالتراث، وتستعيد السيادة المعرفية دون انغلاق، منفتحة على أدوات العصر دون أن تكون أسيرة لمفاهيمه"، وهذا هو المطلوب فعله وليس سواه..
وأخيرا.. أقول، إن حفاظ الدولة على اللغة العربية يسهم في الحفاظ على صياغة الهوية الوطنية ما يجعلها نماذج يُحتذى بها، ومصادر للفخر الوطني والإلهام للأجيال اللاحقة، مما يعزز التماسك الاجتماعي والانتماء القومي، وفي ضوء ذلك، ينبغي لنا في مصر – مهد الحضارة وأصل التاريخ – أن نحافظ على لغتنا ورموزنا التاريخية والوطنية والثقافية، وأن نُبرزها بوعيٍ حضاري يجعلها قدوةً للأجيال القادمة، وخادمةً لأهدافنا القومية.
Trending Plus