بعد تصريح الباحث طارق فرج عن هوية فرعون الخروج.. زاهى حواس: اجتهاد شخصى وتكهنات.. حسين عبد البصير: افتراضات فرعون موسى تفسيرية لا ترقى لليقين العلمى.. وأسامة سلام: لا يوجد دليل قطعى

علماء المصريات
علماء المصريات
كتب محمد فؤاد

فرعون موسى، أو فرعون الخروج، كل تلك الأسماء أطلقت على واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في أوساط علماء المصريات والآثار، حيث اختلفت الآراء والتكهنات ومازالت تختلف حول ماهية شخصية فرعون سيدنا موسى الذي عاصر خروج بني إسرائيل، فيرى البعض أن فرعون موسى هو الملك رمسيس الثاني، وآخرون يقولون إنه الملك مرنبتاح، وكان آخرهم الدكتور طارق فرج الذي أكد في ندوة له أمس فى قصر الأمير طاز أن فرعون موسى هو الملك امنحتب الثالث، وفي ضوء ذلك تواصلنا مع أهم علماء الأثار والمصريات للحديث حول ذلك الأمر.

 

طارق فرج: أمنحتب الثالث هو فرعون موسى

قال الدكتور طارق فرج، المرشد السياحى الباحث فى علم المصريات، إن هناك عدة دلائل تؤكد أن فرعون موسى أو فرعون خروج بنى إسرائيل من مصر هو الملك أمنحتب الثالث.

وأضاف "فرج" أن علماء المصريات وعلماء الكتاب المقدس قد أجمعوا على أن حدث الخروج كان فى عهد الدولة الحديثة خلال الأسرات من الأسرة الـ18 وحتى الأسرة الـ20، وأغلب الآراء تتجه إلى أنه كان فى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وكان هناك أكثر من فرعون عاصر فترة النبى موسى، فعندما سافر النبى من مصر كان هناك فرعون، وعندما عاد علم بموت ذلك الفرعون ليجد مكانه فرعونا آخر.

وتابع عالم المصريات أن بخصوص فرعون خروج بنى إسرائيل من مصر الذى عاصر واقعة الخروج فهناك عدة ترشيحات، فهناك من رشح أن الفرعون هو الملك أحمس ومنهم من رشح تحتمس الثالث، ومنهم من رشح حتشبسوت وأمنحتب الثانى ومنهم رمسيس الثانى ومرنبتاح وغيرهم. ووصلت بعض الاعتقادات إلى أن فرعون موسى هو الملك خوفو نفسه وكل منهم له دلائله وقرائنه، وسنظل نرشح فرعون يوما بعد يوم ما دام ليس هناك دليل يقينى يمكن الاعتماد عليه كاعتماد كلى، واليوم أرشح فرعونا جديدا قد عاصر الدولة الحديثة، وهو أن فرعون موسى هو أمنحتب الثالث والد الملك إخناتون.

وأضاف الدكتور طارق فرج أن ذلك يرجع لعدة أسباب من بينها لقب فرعون نفسه، فذلك اللقب لم يكن موجودا فى العصور القديمة، فكان يسمى قارون، وذلك الاسم يرجع إلى عصر أمنحتب الثالث، فعند الرجوع إلى رسائل تل العمرانة تجد شخصية تسمى باخورو فى البابلية أو باخارو فى اللغة المصرية، وتلك الشخصية كانت مسئولة عن الولايات الشمالية فى إمبراطورية الفرعون أمنحتب الثالث، وذلك الاسم يعنى السورى، لو أزلنا حرف الباء الذى يرمز إلى التعريف قديما يصبح الاسم خارو أو خورو، ومن المعروف فى اللغات القديمة ارتباط أحرف الخاء والكاف والقاف، وبذلك يكون الاسم قارو، وبعد إضافة حرف النون فى اللغة العربية يصبح قارون، وهو نفس الشخص الذى عاصر فرعون، وبالنظر إلى رسائل تل العمرانة نجد أن قارون كان فى عهد الملك أمنحتب الثالث.

وأكد عالم المصريات أن الملك أمنحتب الثالث هو الملك الوحيد الذى صنف نفسه كإله وهو على قيد الحياة، وفى القرآن نجد أن فرعون قال أنا ربكم الأعلى، وهو دليل آخر على أن الملك أمنحتب الثالث هو فرعون موسى، وإذا بحثنا أكثر نجد أن الملك رمسيس الثانى هو أيضا وصف نفسه بالإله، ولكن رمسيس الثانى سار على خطى أمنحتب الثالث، حيث قرأ كتابه ونفذ ما نفذه الأخير، وبذلك يعد الملك أمنحتب الثالث أول ملك يطالب الناس بعبادته كإله أو كعدة آلهة فى إله واحد، فشيد لنفسه المعابد فى منف وصلب وغيرهم من الأماكن الأخرى.

 

زاهى حواس: فرعون موسى ليس أمنحتب الثالث وكلام طارق فرج اجتهاد شخصى

قال عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس إن فكرة أن فرعون موسى هو الملك أمنحتب الثالث مجرد رأي شخصي واجتهادات فقط، حيث إنه لا يوجد أي دليل حقيقي أو مطلق على شخصية فرعون الخروج، مضيفًا أن كل ما قيل عن "فرعون الخروج" هو اجتهادات لا تنتمى للعلم ولا للحقيقة بأي صلة، وهى مجرد اجتهادات، خاصة أن الكتب لا تسرد فى أى زمن كان تواجد فرعون ولا شخصيته، ولكن ما يذكر هو المكان فقط.

وكشف عالم الآثار الدكتور زاهى حواس، عن سر عدم وجود أى دليل خاصة لفرعون الخروج لا فى المعابد ولا المقابر، قائلا: المصرى القديم كان يبنى المعابد للتعبد للإله، وكل المناظر الموجودة على المعابد والمقابر عبارة عن أشياء كان المفروض على الملك أن يفعلها، حتى يصبح إلها، مثل وجود مناظر وهو يضرب الأعداء أو يقدم القرابين، فنجد أن فرعون موسى لا يدخل ضمن هذه الأشياء ولذلك لم يكتب عنه شىء.

 

حسين عبد البصير: افتراضات فرعون موسى تفسيرية لا ترقى لليقين العلمي

وقال الدكتور حسين عبد البصير عالم المصريات، إن مبدأ أساسي في علم التاريخ والآثار أنه لا يجوز بناء استنتاج تاريخي يقيني على تشابهات لغوية محتملة، أو قراءات تأويلية للنصوص الدينية، دون دليل أثري مباشر أو نص مصري صريح، مضيفًا أن تحديد "فرعون موسى" مسألة إشكالية تاريخيًا، ولم يحسمها علم المصريات إلى اليوم، وكل الآراء المطروحة تظل افتراضات وليست حقائق علمية.

ونوه عالم المصريات أن قارون في النص القرآني ليس فرعونًا، بل شخصية مستقلة "إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم"، فهنا القرآن يميّز بوضوح بين كل من "فرعون - السلطة السياسية"، "هامان - الإدارة"، "قارون - السلطة الاقتصادية"، وبالتالي فالربط بين "قارون" ولقب الفرعون خطأ نصي صريح.

وأشار الدكتور حسين عبد البصير إلى القول بأن "باخورو.. خورو.. قارو.. قارون" يعاني من عدة مشكلات علمية، وهما: "حذف الحروف أو إضافتها بلا قواعد صوتية ثابتة غير مقبول في فقه اللغات"، بالإضافة إلى أن رسائل تل العمارنة مكتوبة: بالأكادية وهي لغة دبلوماسية، وبأسماء محلية تُشوَّه صوتيًا، كما أنه لا يوجد أي نص مصري أو سامي قديم يربط اسم Bakharu / Pakhuru بشخصية قارون التوراتية أو القرآنية، وبالتالي فالتشابه الصوتي لا يساوي تطابقًا تاريخيًا.

وتابع "عبد البصير" أن كلمة بر-عا تعني "البيت العظيم" ولم تُستخدم كلقب للحاكم إلا: في عصر الأسرة الثامنة عشرة في الدولة الحديثة، وبصورة رسمية منذ عهد تحتمس الثالث ومن بعده، أما في عهد أمنحتب الثالث لم يكن "فرعون" لقبًا شخصيًا للحاكم، بل مصطلحًا إداريًا للمؤسسة الملكية، ولذلك فإن الاستدلال باللقب لا يدعم نسبة القصة إلى أمنحتب الثالث.

وأكد حسين عبد البصير أن الحقيقة العلمية حول ألوهية امنحتب الثالث حقيقية، فقد بالغ في تمجيد ذاته، ورُبط بالإله آمون ورع، لكنه لم يقل: أنا ربكم الأعلى ولم يخرج عن الإطار التقليدي للملكية المصرية، حيث يُنظر للملك كـ"ابن الإله" لا "الإله الأوحد"، والفرق الجوهري أن الملك المصري "المفهوم"، والملك "وسيط إلهي"، والإله "كيان مستقل"، وفرعون القرآن "يدّعي الربوبية المطلقة"، فإسقاط نص قرآني عقائدي على مفهوم ملكي مصري مختلف تمامًا خلط منهجي.

وأضاف عبد البصير أن القرآن كتاب هداية، وليس سجلًا تاريخيًا بالمعنى الأثري، وعلم المصريات يعتمد على النقوش، البرديات، السجلات الإدارية والتسلسل الزمني، ولا يوجد بشكل ثابت إلى الآن نقش واحد، أو بردية، أو سجل ملكي يشير إلى موسى أوبني إسرائيل، أو ضربات عشر أو خروج جماعي منظم.

وأكد حسين عبد البصير أن عهد امنحتب الثالث كان ذروة الاستقرار السياسي، ازدهار اقتصادي غير مسبوق، لا تمردات كبرى موثقة، لا كوارث طبيعية مسجلة، وبذلك فلا يوجد أي دليل على: انهيار مفاجئ، غرق ملك، أزمة داخلية كبرى، وهذا يتناقض جذريًا مع وصف قصة الخروج.

ويضيف الدكتور حسين عبد البصير أن علماء المصريات الكبار Breasted – Kitchen – Redford – Assmann متفقون على أن قصة الخروج لا يمكن تأريخها يقينيًا، ولا يمكن ربطها باسم ملك محدد، وكل الترشيحات من أحمس إلى رمسيس الثاني إلى مرنبتاح هي افتراضات تفسيرية لا ترقى لليقين العلمي.

وأنهى الدكتور حسين عبد البصير حديثه بأنه لا يوجد دليل أثري مباشر يربط أمنحتب الثالث بقصة الخروج، والربط اللغوي بين قارون وباخورو غير علمي، وادعاء الألوهية عند أمنحتب الثالث لا يساوي مفهوم فرعون القرآن، وأن النصوص الدينية لا تُستخدم وحدها لإثبات وقائع أثرية، والطرح المذكور رؤية شخصية وليست نتيجة بحث علمي موثق، وهذا الطرح اجتهاد فكري قابل للنقاش، لكنه لا يستند إلى دليل أثري أو نصي موثوق، ولا يمثل موقف علم المصريات المعتمد.

 

أسامة سلام: كلمة فرعون كناية عن صفة أو لقب وليس اسما

ومن جانبه قال الدكتور أسامة سلام أستاذ الآثار والحضارة المصرية كلية الآداب جامعة اسيوط وعميد المعهد العالي للسياحة والفنادق الأسبق، إنه إلى الآن بالنسبة لفرعون موسى هناك اختلافات كبيرة حول شخصيته الحقيقية، حيث إن هناك العديد من الآراء والأبحاث التي نشرت بداية من الملك تحتمس الثالث باعتباره أول من لُقب بـ"بر-عا" وذلك اللقب الذي تحول بعد ذلك في اللغة العربية إلى برعون أو فرعون، فنسب له أن يكون هو فرعون موسى.

وأضاف الدكتور أسامة سلام في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن هناك رأي آخر يقول إن عملية الخروج حدثت في عصر ملكين هما رمسيس الثاني وابنه مرنبتاح، والرأي الثالث يتجه إلى الملك امنحتب الثالث باعتبار أنه أول ملك يشيد تماثيل لنفسه في البر الغربي كما قام بتشييد القصور والتماثيل الكبيرة ولذلك كان يسيطر عليه داء الغرور، وكان تاركًا للسلطة إلى الملكة "تي" زوجته، وبناء عليه ذهبت الآراء ليكون امنحتب الثالث هو فرعون موسى.

وتابع "سلام" أن هناك آراء أخرى أن فرعون سيدنا موسى كان في عصر الهكسوس، الذين جاءوا إلى مصر في عهد الأسرة الـ 18 وكانت عاصمتهم أواريس بالدلتا، وبعض الأقاويل أجازت تلك الآراء، ومن ضمن التكهنات ايضًا أن فرعون موسى هو الملك رمسيس الثاني خاصة أنه عند تحليل المومياء الخاصة به يقال إنهم وجدوا آثارا لبعض الطحالب والشعب المرجانية الموجودة بالبحر الأحمر، وهو ما تم نفيه بعد ذلك.

وأكد أستاذ الأثار المصرية أننا حتى يومنا هذا لا نخلط بين الرأي الديني ورأي علماء الآثار، خاصة أن النصوص الدينية سواء في القرآن الكريم أو الإنجيل لم يذكر فيها تواريخ أو أسماء ملوك وإنما كلمة فرعون التي ذكرت في القرآن الكريم هي كناية عن صفة أو لقب الملك وليس اسمه.

وأشار "سلام" إلى أنه إن كان هناك أي اثباتات يملكها الدكتور طارق فرج حول شخصية فرعون موسى من خلال نصوص قديمة تم عرضها من قبل وتؤكد تلك المعلومة لكان تم ذكرها والاعتماد عليها في الأبحاث والمؤلفات السابقة، إنما حتى يومنا هذا نحن نختلف بشكل دائم حيث نكتشف الجديد كل يوم، وكل ما يُقال حول فرعون موسى هو مجرد تكهنات وليس شيئا إلزاميا.

وبخصوص الآية الكريمة "ونجيناه ببدنه" التي ذكرت في القرآن الكريم عن فرعون موسى فلا تعني عدم وفاته وإنما تعني أنه خرج من الماء بجسد سليم.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قائمة الزمالك لمباراة سموحة بكأس عاصمة مصر.. عودة ناصر ماهر

رحيل بات فين نجم مسلسلى Friends وSeinfeld عن عمر 60 عامًا

عايدة رياض لـ اليوم السابع: كل شوية يطلعوا إشاعة بوفاتى هو ينفع كده؟

بعد إخلاء سبيله.. دفاع شاكر محظور: تسديد نص مليون جنيه وإنهاء خروجه غدًا

التشكيل الرسمي لمباراة الكاميرون ضد الجابون في أمم أفريقيا 2025


تعرف على منتخب جنوب أفريقيا منافس منتخب الفراعنة في أمم أفريقيا

إخلاء سبيل التيك توكر شاكر محظور بكفالة نصف مليون جنيه

8 سلوكيات تعرضك لغرامة مالية بعد إقرار تغليظ العقوبات بقانون المرور

15 ألف جنيه غرامة لمن يلقي فضلات من شباك السيارة أو يصدر أصوات مزعجة

وزير المالية: نسعى إلى تحسين حياة المواطن المصرى خلال الفترة القادمة


رئيس الوزراء لـ اليوم السابع: الدولة فقدت أرقاما تتجاوز 23 مليار جنيه بسبب سرقات الكهرباء

رئيس الوزراء: فى 2014 كنا دولة شبه حطام وحاليا إحنا على أرضية ثابتة

4 أعمال سينمائية فى مسيرة طارق الأمير كمؤلف أبرزها مطب صناعى

الطقس غدا.. أجواء شديدة البرودة وشبورة كثيفة والصغرى بالقاهرة 11 درجة

مجلس الوزراء يوافق على تغليظ عقوبات مخالفات المرور.. اعرف الغرامات

أسباب تراجع حامد حمدان عن الانضمام لصفوف نادي الزمالك

موعد مباراة الزمالك أمام سموحة بكأس عاصمة مصر وترتيب المجموعة

وصول جثمان طارق الأمير إلى مسجد الرحمن الرحيم استعدادا لصلاة الجنازة

ديلي ميل: محمد صلاح شهد فى المغرب ما افتقده مع سلوت

قرار جمهورى بشأن لجنة إجراءات التحفظ والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى