بين انخفاض الكاكاو وارتفاع أسعار الشوكولاتة والقهوة.. لماذا تبقى الحلوى والمشروبات غالية الثمن رغم تراجع العقود؟.. والمستهلك يدفع الثمن والشركات تحافظ على أرباحها وسط تقلبات المناخ وتحديات الإنتاج العالمية
وسط تقلبات حادة تشهدها أسواق السلع الغذائية الأساسية في العالم، تبقى أسعار الشوكولاتة والقهوة من بين أكثر السلع التي يراها المستهلكون «غامضة السعر»، إذ لا تنخفض رغم هبوط أسعار المواد الخام الأساسية فى بعض الأحيان، ما يثير سؤالًا مهمًا: لماذا لا نشهد انخفاضًا مماثلًا في المنتجات النهائية؟
الكاكاو: من الارتفاع القياسي إلى التراجع الحذر
شهدت أسعار الكاكاو ارتفاعًا تاريخيًا في عام 2024، عندما تجاوز سعر طن الكاكاو نحو 12‑13 ألف دولار في بورصات السلع العالمية بسبب الأمراض و تقلبات المناخ في غرب إفريقيا، وخاصة ساحل العاج وغانا اللتين تنتجان أكثر من نصف الإنتاج العالمي. هذا الارتفاع الكبير دفع الشركات المصنعة لرفع أسعار الشوكولاتة بشكل حاد لتعويض التكاليف الباهظة.
انخفاض العقود الآجلة للكاكاو
في 2025، ومع تحسن بعض ظروف الإنتاج ووفرة المعروض في بعض الأسواق، انخفض سعر العقود الآجلة للكاكاو إلى نحو 6,000‑6,150 دولار للطن وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 20 شهرًا
وبالرغم من هذا التراجع الكبير، لا يبدو أن المستهلكين سيشعرون بانخفاض أسعار الشوكولاتة في المتاجر في المدى القريب، وذلك لعدة أسباب اقتصادية واستراتيجية.
لماذا تبقى الشوكولاتة غالية؟
1- الشركات ما زالت تستخدم الخام باهظ التكلفة
العديد من شركات الشوكولاتة ما زالت تستهلك الكاكاو الذي اشترته عندما كانت الأسعار عند ذروتها، وهذا يجعل التكلفة الكلية للإنتاج أعلى مما يوحيه سعر السوق الحالي.
2- تغييرات فى الوصفات والإنتاج
بعض الشركات الكبرى مثل Nestlé وMilka لجأت إلى تقليل كمية الكاكاو في منتجاتها واستبدالها بزيوت نباتية أقل تكلفة، لكن الأسعار بقيت مرتفعة، ما يعكس رغبة الشركات في الحفاظ على هوامش الربح ومرونة التسعير.
3- تكاليف أخرى
تتأثر أسعار الشوكولاتة أيضًا بتكاليف التغليف والطاقة والعمالة والنقل، والعديد منها ارتفع في السنوات الأخيرة بسبب التضخم العالمي وزيادة تكاليف السلع الأساسية.
4- سلوك الأسواق وتوقعات المصنعين
بعض التحليلات تشير إلى أن الأسواق لا تزال غير مستقرة حتى مع تراجع الأسعار، مما يجعل الشركات أكثر حذرًا في تخفيض الأسعار بشكل سريع. توقعات بعض المصنعين تشير إلى أن أي انخفاض حقيقي في الأسعار قد لا يظهر قبل منتصف إلى أواخر 2026.
القهوة: قصة معاكسة جزئيًا
على عكس الكاكاو، أظهرت بيانات أن أسعار القهوة، خاصة البن من نوع أرابيكا وروبوستا، شهدت انخفاضًا في بعض الفترات بسبب تحسن الإمدادات في البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، مما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة في بورصات السلع.
ومع ذلك، فإن تراجع القهوة أيضًا ليس ضمانًا فوريًا لانخفاض أسعار المشروبات النهائية في المقاهي والسوبرماركت، بسبب تكلفة التحميص والتغليف والنقل والطلب الاستهلاكي القوي في الأسواق الكبرى.
التحديات المستمرة في الإنتاج
رغم التراجع النسبي في الأسعار، لا تزال التقلبات المناخية والأمراض الزراعية تهدد إنتاج الكاكاو بشكل دوري، خصوصًا في دول غرب إفريقيا التي تواجه **انخفاضًا في الإنتاج قد يزيد عن 10% في بعض المواسم بسبب الجفاف وتغير الأنماط المناخية.
هذه التحديات تجعل الأسواق معرضة لارتفاعات مفاجئة في الأسعار في حال تأثر المحصولات مرة أخرى، حتى إذا كان المعروض يبدو كافيًا في وقت معين، مما يدفع الشركات إلى توخي الحذر في الأسعار.
ماذا ينتظر المستهلك في 2026؟
هناك توقعات، من مؤسسات مثل بنك رابوبنك الهولندي، بأن يشهد عام 2026 انخفاضًا أكثر وضوحًا في أسعار الكاكاو والقهوة نتيجة لوفرة الإنتاج والعرض، لكن هذه التوقعات تأتي مع تحذيرات من استمرار تقلبات المناخ والسياسات التجارية التي يمكن أن تؤثر على السوق، لذا قد يستغرق انخفاض الأسعار الفعلي وقتًا أطول ليصل إلى رفوف المتاجر.
Trending Plus