اليوم بداية كيهك.. دليل المصرى القديم للتعامل مع فصل الشتاء
مع حلول شهر كيهك في التقويم المصري القديم، يبدو كأن الزمن يفتح بوابة صغيرة تطل على ذاكرة شعب عاش آلاف السنوات وهو يعيد ترتيب فصوله وفق نهر واحد وشمس واحدة، كان شهر كيهك علامة من علامات الحياة، ودليلًا عمليًا وضعه المصري القديم لنجاة الجسد والروح معًا في موسم الشتاء.
كيهك المسمى عند المصريين القدماء كا- حر- كا أي "قرابين تقدم للروح"، واحتل مكانة فريدة جعلته أشبه بدليل مناخي وروحي في آن واحد، يعرف الناس كيف يعيشون، وماذا يأكلون، وكيف يواجهون البرد بوعي وثقافة وخبرة تراكمت عبر آلاف السنين.
شتاء على طريقة المصري القديم
يؤكد عالم المصريات الدكتور سليم حسن في موسوعته الشهيرة مصر القديمة أن كيهك كان شهرًا "تستعيد فيه الحياة انتظامها بعد فيضان النيل"، وهو الوقت الذى يبدأ فيه المصريون العودة إلى الحقول وزراعة الأرض استعدادًا لموسم الحصاد.
كما يشير المؤرخ البريطاني جيمس هنري برستد في كتابه فجر الضمير، إلى أن طقوس هذا الشهر كانت مزيجًا بين الروحانيات والواقع الاقتصادي، إذ يكثر فيه العمل الزراعي وتشتد الحاجة إلى الغذاء الدافئ.
كما أوضح عدد من المؤرخين، أن شهر كيهك كان يمثل أشد أشهر السنة برودة في مصر القديمة، ولذلك ارتبط بعدد من الممارسات اليومية التي أصبحت لاحقًا جزءًا من التراث الشعبي.
طعام كيهك.. الدفاع أول ضد الشتاء
كان المصري القديم يؤمن بأن الطعام جزء من التوازن مع الطبيعة، لذلك قدم لنا ما يشبه قائمة شتوية مثالية، يؤكدها المؤرخون في نصوصهم مثل: "الكيك" ويشير الدكتور سليم حسن إلى أن المصريين القدماء كانوا يعدون وجبة تشبه العصيدة الحديثة، تُطهى بالقمح والعسل، و"العدس" وقد ذكر "هردوت" أنه كان يستعمل طعامًا لبناة الأهرام، وقد عثر على إناء فيه عدس مطبوخ في مقبرة في دراع أبو النجا بالأقصر، وهذا الإناء موجود الآن بمتحف القاهرة، و"الحمص وقد عرف بمصر منذ عهد الدولة القديمة، ويوجد نموذج منه من عصر الأسرة الثامنة عشرة محفوظ بقسم الزراعة القديمة بمتحف فؤاد الأول الزراعي.
كيف حموا أنفسهم من برد كيهك؟
لقد كشف المؤرخون أن هناك نقوش على مقابر الدولة الوسطى تؤكد أن المصريين لجأوا في الشتاء إلى "الكتان السميك، الجلود الخفيفة، والأغطية المصنوعة من الصوف المحلي"، وهي مواد كانت تُستخدم بكثرة في هذا التوقيت تحديدًا، على عكس فصول السنة الأخرى التي يزداد فيها الاعتماد على الكتان الخفيف.
الزراعة
كما ارتبط الشهر بطقوس الاستعداد للزرع، لذلك كان المصري القديم يرى أن تنشيط الروح لا ينفصل عن استعداد الجسد للعمل في البرد، فكان المصري القديم يربط هذا الشهر بموسم الزراعة والحصاد، حيث تشتهر الأرض خلاله بإنتاج محاصيل أساسية مثل القمح والبسلة والبطاطس.
Trending Plus