سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 فبراير 1958.. إعلان بيان الوحدة بين مصر وسوريا: «شعب واحد وجيش واحد».. و«عبدالناصر» و«القوتلى» يخرجان للجماهير المحتشدة والمظاهرات تعم القاهرة ودمشق فرحا

توجه الرئيسان، جمال عبدالناصر، والسورى شكرى القوتلى، بعد ظهر 1 فبراير، مثل هذا اليوم، 1958، إلى مجلس الوزراء المصرى، وكان بصحبة الرئيسين أعضاء الوفدين، وتم توقيع كل الأعضاء من الطرفين على ميثاق الوحدة بين مصر وسوريا، وخرج الرئيسان إلى الجماهير المحتشدة أمام المبنى، وتلا صبرى العسلى، رئيس الوزراء السورى، نص البيان المشترك، وعمت القاهرة ودمشق مظاهرات ضخمة تهتف من أجل الوحدة العربية- حسبما يذكر محمود رياض السفير المصرى فى سوريا وقتئذ فى الجزء الثانى من مذكراته «الأمن القومى العربى بين الإنجاز والفشل»- والمعروف أن «رياض» أصبح بعد ذلك وزيرا للخارجية ثم أمين عام جامعة الدول العربية.
صدر البيان بعد لقاءات بدأت يوم 31 يناير 1958 بين الوفدين المصرى والسورى، ونص البيان: «فى جلسة تاريخية عقدت فى قصر القبة فى القاهرة فى 12 رجب سنة 1377 هجرية، الموافق الأول من فبراير، اجتمع الرئيس شكرى القوتلى رئيس الجمهورية السورية، والرئيس جمال عبدالناصر رئيس جمهورية مصر، بممثلى جمهوريتى سوريا ومصر، السادة صبرى العسلى، عبداللطيف البغدادى، خالد العظم، زكريا محيى الدين، حامد الخوجة، أنور السادات، فاخر الكيالى، مأمون الكريزى، حسين الشافعى، أسعد هارون، عبدالحكيم عامر، صلاح الدين البيطار، كمال الدين حسين، خليل الكلارس، نورالدين طراف، صالح عقيل، فتحى رضوان، اللواء عفيف البزرى، محمود فوزى، كمال رمزى استينو، على صبرى، عبدالرحمن العظم، محمود رياض».
يضيف «رياض»: «كانت غاية هذا الاجتماع أن يتداولوا فى الإجراءات النهائية لتحقيق إرادة الشعب العربى، ولتنفيذ ما نص عليه دستورا الجمهوريتين من أن شعب كل منهما جزء من الأمة العربية، لذلك تذكروا ما قرره كل من مجلس الأمة المصرى ومجلس النواب السورى من الموافقة بالإجماع على قيام الوحدة بين البلدين كخطوة أولى نحو تحقيق الوحدة العربية الشاملة، كما تذكروا ما توالى فى السنين الأخيرة من الدلائل القاطعة على أن القومية العربية كانت روحا لتاريخ طويل ساد العرب فى مختلف أقطارهم ولحاضر مشترك بينهم ومستقبل مأمون من كل فرد من أفرادهم، وانتهوا إلى أن هذه الوحدة التى هى ثمرة القومية العربية هى طريق العرب إلى الحرية والسيادة، وسبيل من سبل الإنسانية للتعاون والسلام، ولذلك فإن واجبهم أن يخرجوا بهذه الوحدة من نطاق الأمانى إلى حيز التنفيذ فى عزم وثبات وإصرار قوى، ثم خلص المجتمعون من هذا كله إلى أن عناصر قيام الوحدة بين الجمهوريتين السورية والمصرية وأسباب نجاحها قد توافرت بعد أن جمع بينهما فى الحقبة الأخيرة كفاح مشترك، زاد من معنى القومية وضوحا، وأكد أنها حركة بناء وتحرير وعقيدة وتعاون وسلام».
يضيف البيان: «لذلك يعلن المجتمعون اقتناعهم التام وإيمانهم الكامل وثقتهم العميقة فى وجوب توحيد سوريا ومصر فى دولة واحدة اسمها الجمهورية العربية المتحدة، كما يعلنون اتفاقهم الإجماعى على أن يكون نظام الحكم فى الجمهورية العربية ديمقراطيا رئاسيا، يتولى فيه السلطة التنفيذية رئيس الدولة يعاونه وزراء يعينهم ويكونون مسؤولين أمامه، كما يتولى السلطة التشريعية مجلس تشريعى واحد، ويكون لهذه الجمهورية علم واحد يظل شعبا واحدا وجيشا واحدا فى وحدة يتساوى فيها أبناؤها فى الحقوق والواجبات، ويدعون جميعا لحمايتها بالأنفس والأرواح ويتسابقون لتثبيت عزمها، وتأكيد مناعتها، وسيتقدم كل من الرئيسين شكرى القوتلى وجمال عبدالناصر ببيان إلى الشعب، يلقى أمام مجلس النواب السورى ومجلس الأمة المصرى، فى يوم الأربعاء 16 رجب 1377 هجرية، الموافق 5 فبراير 1958، يبسطان فيه ما انتهى إليه هذا الاجتماع من قرارات، ويشرحان أسس الوحدة التى تقوم عليها دولة العرب الفتية، كما سيدعى الشعب فى مصر وسوريا إلى استفتاء خلال ثلاثين يوما على أسس الوحدة وشخص رئيس الجمهورية».
أكد البيان: «المجتمعون حين يعلنون قراراتهم هذه، يحسون بأعمق السعادة وأجمل ألوان الفخر، إذ يشاركوا فى الخطوة الإيجابية فى طريق وحدة العرب، حقبة بعد حقبة وجيلا بعد جيل، والمجتمعون إذ يقرون وحدة البلدين، يعلنون أن وحدتهم تتوخى جمع شمل العرب، ويؤكدون أن باب الوحدة مفتوح لكل بلد عربى يريد أن يشترك معها فى وحدة أو اتحاد يدفع عن العرب الأذى والسوء، ويعزز سيادة العروبة ويحفظ كيانها، نسأل الله أن يكلل هذه الخطوة وما يتلوها بعين رعايته الساهرة».
يذكر عبدالمحسن أبوالنور، الملحق العسكرى المصرى فى سوريا «والوزير فيما بعد»، فى مذكراته «الحقيقة عن ثورة يوليو»، أنه عاد مع الوفد السورى على طائرة خاصة من شركة مصر للطيران، بقيادة الكابتن شمس، كبير طيارى الشركة، وكانت الطائرة تقل كل القيادات السورية، وتم وضع خط السير لتطير فى طيران منخفض على سطح البحر بعيدا عن إسرائيل، وفى حماية سلاح الطيران المصرى حتى وصلت إلى السواحل السورية، قائلا: «استقبلنا الطيران السورى حتى هبطت بنا الطائرة فى دمشق بسلام، وقوبل الوفد بحفاوة بالغة من الشعب السورى لإتمامه هذه الوحدة».
Trending Plus