المستعمرون الجُدد

أفكار وأطروحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة، من خلال شراء القطاع وتحويله إلى مشروع استثمارى ضخم، والتخلص من المقاومة الفلسطينية وإنهاء الحرب، تحول جديد يعكس شكلا استعماريا جديدا، خاصة في التعاطى مع القضية الفلسطينية ولمستقبل المنطقة العربية بأكملها.

نعم المنطقة أمام شكل استعمارى جديد لكنه يتسق مع المخططات الصهيونية العالمية للمنطقة منذ 1948 وحتى الآن، حيث مراحل التقسيم والإضعاف تمت وتتم على أرض الواقع، ويكفى أن نتذكر حرب العراق، وكيف تم القضاء على العرق كدولة مركزية في الوطن العربى والإقليم..؟، ونتذكر ما حدث بعد 2011 وتصفية عدد من الجيوش الوطنية سواء بالتدخل المباشر مثلما حدث في ليبيا، أو بتعزيز الصراعات مثلما حدث وما زال يحدث في اليمن وسوريا والسودان.

ليأتى السؤال الكبير.. هل ستتحول هذه الأفكار إلى واقع سياسى يرسم ملامح مستعمرين جدد؟

أعتقد، أن الإجابة تتوقف على العرب أنفسهم من خلال ضرورة التوحد والاصطفاف وبناء موقف صلب، وأن يتعاملوا مع الولايات المتحدة بأدوات وطرق جديدة مبتكرة، لأن ببساطة السياسة الخارجية الأمريكية في ظل حكم ترامب أصبحت لا ترتكز على الدفاع عن الحرية وتعزيز المؤسسات الدولية، لكن تهدد بالسيطرة على الدول، والانسحاب من المؤسسات الدولية، وتدعوا جهرا وعلى الهواء مباشرة للتطهير العرقي للشعوب.

لذا، فالأدوات والخطابات والمواقف لابد أن تتسق مع المواقف الأمريكية الجديدة، ومع معطيات الواقع الجديدة، وهنا الرهان الحقيقى يبدأ بإنهاء مسلسل الانقسام الفلسطيني فالأمر لا يحتمل اختلافا ولا خلافا ولا نقاشا ولا حوارا، فكيف يكون هناك حوار ونقاش والشعب نحو التهجير والمحتل الجديد يريد بناء ناطحات سحاب على الدم الفلسطيني وجثث الأطفال والنساء والشيوخ؟

وأن ننتبه من خداع الحيل الدبلوماسية للصهاينة، والحديث عن صفقة مقابل صفقة، أو الترويج بأن هذا كله يأتي في إطار الكلام السياسى، إنما التعامل يكون أن هذه الأفكار تعكس استراتيجية فرض الحلول بالقوة.

وأخيرا.. لابد من مواصلة الضغط والعمل زيادة الحملات الدبلوماسية وتأسيس التحالفات الدولية وإحداث التكامل العربى بكل صوره سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وأيضا اجتماعيا، لبناء موقف عربى وإسلامى ودولى لمواجهة هذه الخطط، وذلك للإبقاء على القضية الفلسطينية وجعلها في صدارة الأولويات الدولية، وأيضا للوقوف أمام طموح المستعمرين الجدد في بلدان آخرى..