جهود مصر لا تتوقف لدعم فلسطين.. تضامن شعبي ورعاية طبية لمصابي غزة في مستشفيات سيناء.. متطوعو مكتب خدمة المواطنين بالعريش يتسابقون لتلبية احتياجات الضيوف.. والخدمات تمتد لكافة مقرات الاستشفاء لمن أتم رحلة العلاج

تتداخل الإنسانية مع الواجب الوطني في مستشفى العريش بشمال سيناء، وتتجلى قصة ملحمية من العطاء والتضامن المصري مع الأشقاء الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة للعلاج.
مشهد يتكرر يوميًا، حيث يجد المرضى الفلسطينيون والمصابون جراء العدوان على غزة أنفسهم بين أيدٍ حانية لا تألو جهدًا في تقديم الرعاية الطبية والنفسية، بل وتوفير بيئة أسرية تخفف من معاناتهم هم ومن يرافقهم، اثناء رحلة العلاج واستكمال مراحلها بالتعافي والاستشفاء.
عندما يصل المصابون والمرضى من غزة إلى مستشفى العريش، يكون في استقبالهم فريق من المتطوعين الشباب التابعين لـ"مكتب خدمة المواطنين بالمستشفى" هؤلاء الشباب، الذين تجاوز عددهم العشرين متطوعًا، يعتبرون أن دورهم لا يقتصر فقط على توفير الاحتياجات الأساسية، بل يتعداه إلى احتضان المرضى نفسيًا وجعلهم يشعرون وكأنهم في وطنهم وبين أهلهم.
يقول "حجاج فايز الصعيدي"، مدير مكتب خدمة المواطنين بمستشفى العريش: "منذ اندلاع الأحداث في غزة قبل أكثر من 15 شهرًا، لم يتوقف عملنا لحظة. نسعى جاهدين بالتعاون مع المجتمع المدني ومؤسسات الدولة لتقديم كل ما يحتاجه المصاب أو المريض القادم من غزة، لدينا مقر إداري وخيمة مجهزة بجوار المستشفى، حيث تُنفذ الأنشطة الإنسانية ونستقبل المرضى وذويهم لتوفير الدعم اللازم لهم."
يتابع "الصعيدي" حديثه عن تفاصيل العمل اليومي، موضحًا أن الفرق التطوعية تقدم الدعم بكافة أشكاله، بداية من استقبال الحالات، مرورًا بتوفير الملابس والبطانيات، وحتى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي. "كل شخص قادم من غزة يجد من يساعده، سواء كان بحاجة إلى كتاب لمواصلة دراسته، أو وسيلة تواصل مع أهله، أو حتى دعم نفسي للخروج من حالة الصدمة التي سببتها الحرب."
ويضيف أن الخدمات تمتد لتشمل مستشفيات الشيخ زويد وبئر العبد ونخل، حيث يُتابع المتطوعون أحوال المصابين في أماكن الاستشفاء المخصصة لمن أنهوا رحلتهم العلاجية، لضمان حصولهم على الراحة الكاملة، وهم يمكثون معززين مكرمين في ضيافتنا لحين عودتهم إلى ديارهم فور فتح المعبر من الجانبين.
الشباب المتطوعون يروون قصصهم بحب وشغف، مستعرضين كيف أصبحت هذه المهمة جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، ومنهم "مروان محمد إبراهيم"، طالب في المرحلة الإعدادية، يقول: "أستيقظ مبكرًا كل يوم لأساعد في توزيع الوجبات والمياه على المصابين،لا أشعر بالتعب لأنني أرى السعادة في عيون من نساعدهم."
أما "محمد سليم"، فقد التحق بالعمل التطوعي منذ أكثر من عام ونصف، ويتولى مسؤولية استقبال الحالات الجديدة ومرافقتها إلى الأقسام المختلفة. يقول: "أشعر أنني أخ لكل مصاب يصل إلى المستشفى، أساعدهم في الحصول على العلاج والملابس وكل ما يحتاجونه ليشعروا بالراحة."
"ياسر سامي عويض"، متطوع آخر، يضيف: "نحن لا نقدم خدمات مادية فقط، بل نمنحهم الحب والأمان،داخل الخيمة الملحقة بالمستشفى، يجد كل مريض راحته، سواء كان بحاجة إلى غطاء دافئ أو مجرد كلمات تطمئنه."
اللافت في هذه الملحمة الإنسانية، أن بعض المرضى الفلسطينيين الذين تعافوا جزئيًا قرروا الانضمام إلى فرق المتطوعين لخدمة أبناء وطنهم، ومنهم كيندا باسل بلعاوي، طفلة في المرحلة الابتدائية، وشقيقها باسل، طالب في المرحلة الإعدادية، قدما معًا من غزة للعلاج قبل عدة أشهر، وبعد تحسن حالتهما الصحية، اختارا البقاء إلى جانب الفريق التطوعي لمساعدة الآخرين. تقول كيندا: "عندما جئنا إلى المستشفى كنا في حالة صعبة، لكن هؤلاء المتطوعين منحونا الحب والرعاية. اليوم، نحن جزء من الفريق، نقدم ما استطعنا تقديمه لمساعدة أهلنا."، وتابع "باسل" بقوله " انه كان من بين مصابي غزة وبعد وصوله مع شقيقته ووالدته للمستشفي للعلاج انخرط في العمل التطوعي الذي واصله لشهور طويله من خلال مكتب خدمة المواطنين حيث يقضي وقته مابين متابعة حالته الصحية والعمل متطوعا يقوم بعمل الخير لكل قادم ويساعد مع المتطوعين في تقديم الاحتياجات ونقلها وتوصليها وهي مهمة إنسانية وجد فيها ضالته، لافتا انه توقف عن هذا العمل نظرا لأن حالته الصحية استدعت السفر للقاهرة لاستكمال رحلة العلاج.
لم يقتصر دور الفرق التطوعية على رعاية المرضى فقط، بل امتد إلى تكريم من توفاهم الله خلال رحلة العلاج، فمنذ اندلاع الحرب، تم دفن 35 شهيدًا فلسطينيًا في مقابر عاطف السادات بالعريش، فيما نُقلت جثامين 75 شهيدًا آخر إلى غزة اثناء فتره تشغيله قبل اغلاقه من الجانب الفلسطيني، "لا نترك أي شهيد دون تكريم يليق به،" يقول الصعيدي، مضيفًا أن أهالي شمال سيناء يتسابقون للمشاركة في تشييع الشهداء ودفنهم، تمامًا كما يسارعون للتبرع بالدم كلما دعت الحاجة، ولافتا ان كثير من ذوي من يتوفاهم الله يصرون علي عودة الجثامين لغزة لتدفن في أرضها ووطنها كلما كانت العودة متاحة، وهذا يبين كيف ان ابناء غزة حتى وهم أموات لا يفارقون وطنهم.
في ختام حديثه، يوجه الصعيدي رسالة يملؤها الفخر والاعتزاز بموقف مصر الداعم لفلسطين: "مصر بخير وستظل واقفة مع القضية الفلسطينية. منذ اللحظة الأولى للحرب، كان موقف قيادتنا واضحًا: لا تهجير للفلسطينيين، ولا تخلي عنهم. نحن هنا لنؤكد هذا الموقف، ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال التي تتجسد يوميًا في هذا المستشفى وفي كل أرجاء سيناء."

الجهود-تتواصل

المتطوع-محمد-ابراهيم

المتطوع-محمد-سليم

المتطوع-ياسر-عويض_1

باسل-بلعاوي

حجاج-الصعيدي-مدير-مكتب-خدمة-المواطنين-بالعريش

خدمات-تتواصل

كيندا-بلعاوي_1

متطوعون-يوفرون-الاحتياجات-للفلسطينيين-بمستشفي-العريش-
Trending Plus