أكرم محمد يكتب: ما يشبه الظل.. الهامش كمنبع

ما يشبه الظل
ما يشبه الظل

في نص "أوقات العظام"، بالمجموعة القصصية "ما يشبه الظل" للشاعر والكاتب حسام المقدم، والصادرة عن دار "بيت الحكمة"، بينما تُطرَح ثنائية الحياة/ الموت، مبتعثة من الفعل المضارع المنحاز، دوماً، للحياة، والزمن المبطن المحاكى بذلك الفعل ينفي النص ذاته، ليؤكد تلك الثنائية، الحياة/الموت، فبينما الزمن المحاكى بالأفعال المضارعة بالنص يطرح الحياة، تبتعث البنية الدرامية الموت من أمعاء شخوص النص، بطرح مبطن للطبقة الدلالية الظاهرة للنص في بنائه الدرامي، حيث يرى البطل عظاما تخرج من الأرض، عظام أجداده وآبائه ويوقن أن ذلك الجسد الملحم آيل لذلك المشهد يوماً ما، هناك طرح رمزي آخر.

ذلك الطرح المبطن بالطبقة الدلالية بالنص، حيث يتقيأ البطل، كأنه، بترميز ما، يتقيأ الحياة أمام فعل الموت، كما يحدث دائماً مع الإنسان والحياة: يتقيأ الحياة أمام فعل الموت، هنا ينحاز النص للموت على الحياة، وينحاز له أيضاً كمفهوم يتم تفكيكه بأن يهبه هذه المركزية ويعنون النص ب"أوقات للعظام"، رمز الموت بالنص، رغم أنه موت متشبث بالحياة؛ فالجسد لم يفنى تماماً، ترك جزءًا منه يبتعث ثنائية الموت/الحياة، لكن النص سرعان ما يهب رمز الموت، العظام، الحياة، يجعلها تتخطى الحدود، تخرج من المخيمات والأبنية المتهدمة، تمر فوق المعسكرات السرية، فينتصر النص بالموت للحياة، وليست أي حياة؛ بل حياة الهامش في الحرب، هنا العظام التي تنفي موتها تحيا كرفات لمهمشين اغترفت حياتهم الحرب وتركتهم بمخيمات وقبور تلك المخيمات، فيقدم الفن عزاءً لهم بثنائية الحياة/الموت، ونفي الموت بالحياة والعكس كما يحدث في النهاية بعودة الرفات لمنزلها، القبور، كأن النص يقر أن عزاءه محض خيال، وأن كل هؤلاء بالفعل التهمتهم الحرب والسلطة والتهميش، هم ماتوا بالفعل، وإن حيت عظامهم قليلاً.

هكذا يمارس ذلك النص فعل التجريب، مؤكداً نفي النص لمفهوم الدينامية بطريقة شكلية، فهنا ذلك النص التجريبي،  يتلوه نص كلاسيكي يبتعث شاعريته من المشاهدات العابرة للهامش، كأنه يعبر عن الهامش بوضع أطروحة فنية لهامشه، كذلك يمارس النص الأول "شرارة سوداء"، الذي يطرح من المشاهدة العابرة طرحًا لمفهوم الرتابة، مبتعثًا من الهامش، ومقتفيا من ذلك الهامش الشاعرية، كذلك نص "صوت أبيض"، الذي يتلو "أوقات للعظام"، حيث يطرح الكاتب تفكيكا لعلاقة الهامش بمفاهيم القداسة والروحانية والأمنيات، هنا يناقض الكتاب ذاته بين التجريب والكلاسيكية، يقدم ثنائية بالكتاب نفسه، بين نصوص مثل "أوقات للعظام"، التي يمارس الكاتب حسام المقدم التجريب بها حتى بالتضمين، حيث يضع تصديرا خاصًا لذلك النص دونا عن باقي الكتاب: "«أبحث عن مساعدة، أنا حفار القبور، لقد قصفوا المقبرة، كل عِظام الموتى في العراء».

جان جينيه: أربع ساعات في شاتيلا‬‬‬‬‬‬
‫ ترجمة: رضوى عاشور، أمينة رشيد "‬‬‬‬‬‬
وبين نصوص تبتعث شاعريتها من المشاهدات المعتادة وتقفي الكلاسيكية السردية؛ حتى فعل التضمين يمارسه الكاتب حسام المقدم بنصوص أخرى بشكل أكثر كلاسيكية من طرحه كتصدير لنص وحيد، كما هو الحال مع تصدير نصه "أوقات للعظام"، كما يحدث مع نص "استدراج النور" التجريبي بالأساس، ذلك الذي يقدم مرويات عديدة للمفهوم ذاته، كأنها متتاليات السعادة، جميعها لها تصديرها الخاص، التضمين، نص موازي للنصوص ذاتها تطرح عزاءً للفضاء الدلالي.

لكن، بتلك الطريقة المعتادة للفن، تتماهى النصوص المتباينة وتبتعث ديناميتها من الفضاء الدلالي، الهامش هنا يطرح رابط معنوي بين نصوص الكتاب الصادر حديثاً، الهامش الذي يمارس طرحه الكاتب بمستويات سردية عديدة، وحيل سردية، كنص بعنوان "تشكيل طيني يشبه القمح"؛ يقدم الكاتب والشاعر حسام المقدم به مفهوم اللذة والبحث عن المرأة بتفكيك الأنوثة، هنا الايروتيكية تخلق شاعرية النص، والايروتيكية يبتعثها النص من الهامش، كلمة السر بالمجموعة القصصية والتي تعبها ديناميتها المفقودة، والايروتيكية، ذاتها، يرويها راوي طفل، ما يؤكد مفهوم اللذة، حيث الراوي، كونه طفلاً، رمز لها بفضوله وبحثه المعتاد عنها وعن الأنوثة التي هي مفتاح للبحث عن المرأة بتلك الأطروحة الفنية، وحيث الطفل، رمز التمرد والفضول الانساني، يبتعث بنفسه لذة موازية، فيصنع فرج أنثوي طيني، من المادة الهامشية: الطين، مادة الأرض، وكونه الراوي يضع النص أمام مرآة دلالية واضحة عن اللذة والأنثى النابعين، بدورهم كما يمارس الكتاب بنصوصه كلها، من الهامش.

وظهر أيضًا الحيل السردية للابتعاث الهامش في مواضع أخرى، كتقديم معارضة قصصية بنص " استدراج النور"  لمروية شعبية من كتاب "بستان البدائع- حكايات شعبية فاراخية" من ترجمة أبو بكر يوسف:
«وعندئذٍ أرسلَ المُنادين إلى شتى أنحاء السهوب بنداء: كُل مَن يَروي للخان أربعين حكاية كاذبة دون توقف وبلا كلمة صدق واحدة فسيحصل على كيس مملوء بالذهب».

هنا تمثل البنية ذاتها انتصارًا للهامش، حيث مستلهمة من مروية شعبية، كما ييبتعث النص العجائبي التجريبي ذاته من الهامش بنص يطرح أقصوصات عديدة متوازية تمثل متواليات للسعادة.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اتصالات عن إعلان الأهلى: لم يكن موجهًا للإساءة لأي نادٍ ونحترم جميع الكيانات

رابطة الأندية تتفق مع الأندية على زيادة الأجانب بالمباراة الواحدة لـ6 لاعبين

برشلونة بطل الدورى الإسبانى يخسر أمام فياريال 3-2.. فيديو

بعد إلغاء الهبوط بالإجماع.. تعرف على شكل الدوري الموسم المقبل

هل يعود سعد الصغير لخلف القضبان من جديد بسبب أغنية الأسد؟.. تفاصيل


الأهلي يرشح إبراهيم الكفراوي ممثلا عن النادي في رابطة الأندية بدلا من متعب

الإنتر ضد لاتسيو.. النيراتزورى بالقوة الضاربة فى الدورى الإيطالى

ياسمين صبرى وإياد نصار يحتفلان بعرض فيلم المشروع X.. صور

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت

طقس الإسكندرية غدا.. عروس البحر الأبيض تودع الحر وتستقبل أجواء ربيعية لطيفة


الأندية تصوت على إلغاء الهبوط.. 10 موافقة و5 ممتنعة

لحظات حنان ترك العائلية تحظى باهتمام الجمهور وتتصدر التريندات

رابطة الأندية تتمسك باللائحة وترفض إلغاء الهبوط فى دوري Nile

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

سقوط تشكيل عصابى تخصص فى سرقة المواشى بالشرقية

أول تعليق رسمى على مصرع راكبة كازاخستانية إثر سقوط لوحة إعلانية بمطار شرم الشيخ

الظهور الأول لـ زيزو وبن رمضان بقميص الأهلي فى ودية باتشوكا المكسيكي

بيراميدز يمتنع عن حضور اجتماع رابطة الأندية بعد مقاطعة الزمالك

حفيد عبد الحليم حافظ: عقد زواج العندليب وسعاد حسني فيه أخطاء كارثية

مهرجان كان السينمائي.. إصابة منتج بسبب سقوط شجرة نخيل وهجوم مفاجئ على إيما ستون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى