مهرجان العراق لأفلام الشباب .. السينما أمر حتمي

بينما تستعد بغداد لإطلاق الدورة الأولى لمهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب من 19 إلى 22 فبراير، غمرني هذا السؤال عن ضرورة وأهمية هذه النوعية من المهرجانات، خصوصًا في هذه اللحظة الزمنية الصعبة، حيث تُواجه منطقتنا العربية تحديات كثيرة، إذ أن بغداد تُفاجئنا كعادتها بأجوبة تأخذنا لتأملات واستبصارات عدة، فالمدينة العريقة تسعى في السنوات الأخيرة لاستعادة دورها وحضورها الثقافي، وهذا ما يجتهد القائمون على المهرجان الجديد من أجله ولإشاعة مناخ ثقافي متميز عبر الصورة.
وزارة الشباب والرياضة تنظم المهرجان ويرأسه الوزير الدكتور أحمد المُبرقع الذي يُباشر تفاصيله مع المدير الفني والتنفيذي الدكتور خالد الزهراوي، ندرك منذ الوهلة الأولى أن مصادر التمويل معظمها حكوميّ، وهنا تكمن دلالة مهمة صوب مثابرة العاصمة العراقية للتحرر من هيمنة صور العنف والحرب وغيرها من مظاهر قاسية، ثم التحول لتكون مدينة مفتوحة على الثقافة والفنون والجماليات، بما يليق ببلد له تاريخه وحضارته وقوة الجمال المعلن والمخفي في جنباته.. إذًا فإن هذا التوجه نحو تشجيع الشباب ودعمهم ليكون لديهم مشروع سينمائي، هو في حد ذاته هدف كاف لإقامة المهرجان، سيما أن البيانات الصحفية الصادرة تُشير إلى فعاليات متنوعة وطموحة الغرض منها صناعة وتحفيز جيل جديد، لينحو تجاه الإبداع ويكون لديه القدرة على الابتكار، فالأمر بهذه الطريقة يتجاوز فكرة التنافسية في مسابقات المهرجان إلى أفق أوسع، يتوفر فيه التفاعل وتبادل الخبرات والأفكار، ويعزز مكانة العراق السينمائية.
مجموع الأفلام التي سيتم عرضها طيلة أيام المهرجان 71 فيلمًا قصيرًا وطويلًا بين روائي ووثائقي قصير، حيث يبلغ عدد الأفلام العراقية المشاركة في العروض 37 فيلم بين روائي ووثائقي، والأفلام غير العراقية 34 فيلمًا بين روائي ووثائقي تُمثل تسع عشر دولة منها: مصر، البحرين، الأردن، لبنان، قطر، سوريا، فلسطين، الجزائر، تونس، الإمارات، السعودية، السودان، فرنسا، هولندا، كندا، أمريكا و.. غيرها من أفلام عربية خالصة أو وإنتاج مشترك، تسعون بالمئة من الأفلام إنتاجها جديد وصُنّاعها يمثلون جيلًا جديدًا من صنّاع الأفلام الشباب.
المهم أننا بصدد أربعة أيام تقريبًا: وقت قليل للمُشاهدة والمُتابعة، لكني أتصورها ستكون أيامًا كفيلة بإشاعة لحظات ممتعة بالتأكيد، لأن السينما قادرة، دائمًا، على إثارة الجمال وجعل الواقع أقلّ مرارة. أما السؤال عن أهمية مهرجان لأفلام الشباب، فهكذا تبدو الصورة واضحة ونتمناها أن تُفعل أكثر في المشهد الفني العراقي وأن تُشبع المخيلة، وتُكرس لفكرة أن إقامة مهرجان سينمائي داخل العراق اليوم هي مسألة حتميّة. العراق بلد أدرك السينما منذ بدايات إنتشارها في العالم العربي، وحقه أن يُقام فيه حدث سينمائي وأن يهتم بشبابه ويسترد حيويته الثقافية. أتمنى أن يُشكل مهرجانًا كهذا إضافة نوعية ما إلى المشهد الثقافي برمّته.
Trending Plus