صفقات ترامب فى أوكرانيا تربك حسابات القارة العجوز.. انفراد الرئيس الأمريكى بالتفاوض مع بوتين يثير قلق الدول الأوروبية.. "الناتو" يبحث خيارات الاقصاء المحتملة.. وقادة أوروبا يعقدون قمة طارئة انتهت بلا نتائج

مباحثات أمريكية روسية، للتوصل إلى اتفاق لتسوية الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، أحدثت زلزالًا فى أروقة السياسة الأوروبية، وأثارت مخاوف عميقة من أن تفضى هذه المساعى إلى تقديم تنازلات مؤلمة لكييف، مما قد يترك القارة عرضة لطموحات الكرملين التوسعية، وتهميش لدورها.
الأمر الذى جعل قادة أوروبا يفكرون فى عقد قمة غير رسمية فى باريس اليوم، لكنها اختتمت أعمالها دون أى إعلان ملموس، حيث لا تزال فكرة نشر قوات حفظ السلام فى أوكرانيا تثير انقسامًا كبيرًا، ورغم أنهم تعهدوا بمواصلة دعمهم المشترك لأوكرانيا فى مواجهة الغزو الروسى، إلا أنهم أخفقوا فى تقديم أى ضمانات أمنية جديدة قد تُحدِث فارقًا ملموسًا، فى ظل سعى دونالد ترامب لإطلاق مفاوضات سلام مع موسكو.
وفى هذا السياق، بعث البيت الأبيض باستبيان إلى الحلفاء الأوروبيين، يستفسر فيه، من بين قضايا أخرى، عن مدى استعدادهم لنشر قوات حفظ السلام فى أوكرانيا، التى مزقتها الحرب.
وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد أبدى سابقًا انفتاحه على هذا السيناريو، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، استعداده للنظر فى الأمر شريطة أن توفر الولايات المتحدة دعمها الكامل.
وفى الوقت نفسه، يتعين على الأوروبيين أن يقرروا كيف يريدون التعامل مع حقيقة أن الأمريكيين لا يرون أنهم يلعبون دورا مركزيا فى عملية التفاوض ــ ويطالبون أوكرانيا بتنازلات دون استشارة.
ومن أجل إنهاء حرب أوكرانيا، تعتقد الولايات المتحدة أن على اوكرانيا أن تتخلى بسرعة عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسى، وأن تقبل أن يظل جزء من أراضيها تحت السيطرة الروسية بشكل دائم.
ويتضح من التقرير أن الولايات المتحدة تسعى لإنهاء الحرب الأوكرانية بمفردها عبر التفاوض المباشر مع روسيا، وهو ما يثير قلق الأوروبيين الذين يخشون أن يتم تهميشهم فى هذه العملية، بناءً على ذلك، تحتاج أوروبا إلى التحرك بسرعة لضمان دورها فى أى اتفاق سلام محتمل، بحيث لا تتخذ القرارات المصيرية بشأن الأمن الأوروبى دون مشاركتها الفعالة.
مخاوف من تهميش أوكرانيا
وقال الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أن بلاده لن تقبل اتفاق سلام يتم التفاوض عليه بين الولايات المتحدة وروسيا فقط، مشيرًا إلى أن عدم الاتصال المسبق مع كييف يثير شكوكًا حول استمرار سياسة "لا شيء عن أوكرانيا بدون أوكرانيا"، والتى التزم بها الغرب منذ بدء الحرب.
وصرحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، بأن أوروبا وأوكرانيا يجب أن تكونا على طاولة المحادثات، محذرةً من أن "الحل السريع" و"الصفقة القذرة" لإنهاء الحرب لن تكون قابلة للتنفيذ دون مشاركة فعلية لأوكرانيا والدول الأوروبية.
وتخشى أوروبا حيال دورها المستقبلى فى ضمان استقرار المنطقة، بعد إعلان ترامب بدء المفاوضات مع بوتين، فى الوقت الذى اعتمدت فيها القارة الأوروبية، على المظلة النووية الأمريكية، ونشر قوات أمريكية ضخمة فى القارة، إضافةً إلى الميزانية الدفاعية الضخمة وخطوط إمداد الأسلحة التى توفرها واشنطن.
ووفقًا لشبكة "سى أن إن"، فالقلق الأكبر يزداد حول مسؤولية أوروبا عن تمويل وإدارة أى تسوية يتم الاتفاق عليها بين واشنطن وموسكو، وأن تتحمل القارة الجزء الأكبر من التكلفة دون أن يكون لها أى دور أساسى فى التفاوض، حيث صرح وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث بأن القوات الأوروبية -وليست الأمريكية- ستكون مسؤولة عن مراقبة أى اتفاق بين أوكرانيا وروسيا.
الرد الأوروبى على خطط ترامب
ويحاول القادة الأوروبيون جاهدين ضمان عدم تهميشهم فى أى اتفاق محتمل، وأصدرت ست دول أوروبية كبرى، بما فى ذلك فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، بيانًا مشتركًا شددت فيه على ضرورة أن تكون أوروبا وأوكرانيا جزءًا من أى مفاوضات مستقبلية.
وفى حديثه مع "سى أن إن"، قال وزير الدفاع الليتوانى دوفيلى شاكالينى أن أوروبا قدمت مساعدات لأوكرانيا بقيمة 125 مليار دولار العام الماضى، مقارنة بـ88 مليار دولار من الولايات المتحدة، مشددًا على أن هذا يمنحنا الحق فى أن نكون على الطاولة.
وأعربت دول البلطيق، التى تشترك فى حدود مباشرة مع روسيا، عن مخاوفها من أن تتسبب أى صفقة بين ترامب وبوتين فى تقويض أمن المنطقة.
أمين حلف الناتو يخشى عدم كفاية الذخيرة
من جهته، صرح الأمين العام لحلف الناتو مارك روته بأن الناتو يواجه مشكلة خطيرة تتعلق بعدم كفاية إنتاج الذخيرة، إذ تنتج روسيا فى ثلاثة أشهر كمية الذخيرة التى ينتجها الحلف بأكمله خلال عام كامل.
وحذر زيلينسكى من أن أى تسوية سلام دون ضمانات أمنية فعلية لن تكون كافية لضمان الاستقرار فى أوكرانيا، وقال إنه بدلًا من إرسال قوة حفظ سلام صغيرة، ستكون هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 100 ألف جندى لضمان تنفيذ أى اتفاق.
تعليق روسيا على تهميش أوروبا
فيما قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، فى تصريح لشبكة "سى إن إن"، إن العديد من الزعماء الأوروبيين أصيبوا بالصدمة عندما رأوا مجرد محادثة عادية بين زعيمين، فى إشارة إلى الاتصال بين ترامب وبوتين.
وقال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة إنه يوجد فرصة حاليا لانتهاء المرحلة الحالية من الحرب الأوكرانية، مشيرًا إلى أن دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا غير مؤهلة للتفاوض، ولا يجب أن تكون طرفا فى أى اتفاقيات مستقبلية حول أوكرانيا.
Trending Plus