عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث لـ"اليوم السابع": أيام الشارقة التراثية منصة عالمية لصون الهوية وإحياء الجذور.. سلطان القاسمي يدعم نجاحها لإيمانه بأهمية التراث.. و22 دورة ألهمت أجيالا في ابتكار الجديد

الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث

رسالة الشارقة - محمد حسين

الأربعاء، 19 فبراير 2025 11:00 م

تتواصل في قلب مدينة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة مشاهد الاحتفاء بالتراث بتفاصيل جديدة بفعاليات “أيام الشارقة التراثية” في دورتها الـ22، التي ينظمها معهد الشارقة للتراث تحت شعار “جذور”، لتؤكد على أهمية العودة إلى الأصالة والحفاظ على الهوية الثقافية العربية بكل تفاصيلها.

عن هذه التظاهرة التراثية الثقافية العربية الفريدة من نوعها علي مستوي العالم وأهدافها كان لـ" اليوم السابع" هذا الحوار مع الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، الذي تحدث عن الفعاليات، وأثرها في استدامة التراث، ورؤيته لمستقبل هذا الحدث السنوي.

بداية، ماذا يمثل شعار “جذور” لهذه الدورة من أيام الشارقة التراثية؟

اخترنا هذا الشعار ليعكس عمق ارتباطنا بالتراث، حيث حاولنا أن تكون هذه الدورة أكثر تأصيلًا، سواء في الفنون أو الحرف اليدوية، أو حتى في الندوات الثقافية التي تُعقد هذا العام في بيت تاريخي مهم داخل الشارقة. الفكرة الأساسية هي العودة إلى الجذور، ليس فقط من خلال استعراض التراث، بل عبر استحضاره بشكل حيّ في تفاصيل الفعاليات.

︎ ما الجديد في هذه الدورة من حيث عدد الفعاليات والمشاركات؟

يمكنني القول إن لدينا هذا العام آلاف الفعاليات الممتدة على مدار 12 يومًا، تقدم تجربة غنية تجمع بين الأصالة والتجديد. هذه الفعاليات لا تقتصر على التراث الإماراتي فقط، بل تشمل مشاركة خليجية وعربية ودولية واسعة، مما يعكس عالمية الحدث وأهميته في مد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب.

︎ كيف ساهمت أيام الشارقة التراثية في تحفيز الشباب لإنشاء مشاريع متعلقة بالتراث؟

على مدار 22 عامًا، شهدنا تطورًا ملحوظًا في المشهد التراثي، حيث وُلدت العديد من الجمعيات والشركات المتخصصة من رحم هذا المهرجان. اليوم، يأتينا شباب يخبروننا أنهم استلهموا أفكارهم من الأيام التراثية حين كانوا يزورونها صغارًا، وهم الآن أصحاب مشاريع متخصصة في صون التراث. بل إن هناك عائلات توارثت المشاركة عبر الأجيال، فالأبناء اليوم يواصلون ما بدأه آباؤهم منذ سنوات، وهذا بحد ذاته دليل على نجاح المهرجان في ترسيخ الوعي بأهمية التراث.

︎ هل نجحت هذه الفعاليات في الحفاظ على التراث من الاندثار؟

نعم، بعض عناصر التراث كادت تندثر بفعل الحداثة وتغير أنماط الحياة، لكننا لاحظنا أن الناس عادوا إليها من منطلق الولاء للهوية الوطنية والانتماء الثقافي. هذا ما نسميه بـ”ديمومة التراث”، وهو من أهم إنجازات الأيام التراثية، إذ تحولت إلى منصة تدعم استمرارية هذا الموروث.

︎ ما الدور الذي يلعبه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة في دعم هذا الحدث؟

لا يمكن الحديث عن نجاح أيام الشارقة التراثية دون الإشارة إلى
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة
، فهو المؤسس والداعم الأكبر، وإيمانه العميق بأهمية التراث جعل هذه الفعاليات تحظى برعاية خاصة. قبيل انطلاق الفعاليات، كان سموه في زيارات متعددة للساحل الشرقي والمناطق الجبلية، وعند الافتتاح، أصرّ على النزول إلى أرض الفعاليات، ومصافحة الزوار والمشاركين بنفسه، ليؤكد أن التراث ليس مجرد احتفالية، بل قضية تستحق الرعاية والاهتمام.

︎ إلى جانب العروض التراثية، كيف تساهم الأيام التراثية في التوثيق العلمي للتراث؟

التراث ليس مجرد مشهد بصري أو ترفيه، بل هو علم بحاجة إلى التوثيق والدراسة. لذلك، نحرص على استقطاب الباحثين والخبراء من مختلف الدول للمشاركة في ندوات ثقافية تناقش قضايا التراث والتاريخ. ومن مخرجات هذا المهرجان، مجموعة واسعة من الإصدارات العلمية، حيث أصدر معهد الشارقة للتراث خلال 10 سنوات أكثر من 1000 كتاب، بمعدل 100 إصدار سنويًا، إضافة إلى مجلات علمية محكمة، ومطبوعات متنوعة تغطي التراث العربي بمختلف أقاليمه وتنوعاته.

︎ أخيرًا، ما هي رسالتك للأجيال الجديدة المهتمة بالتراث؟

التراث لا يخدمه المتسرعون، بل يحتاج إلى أشخاص صبورين، لديهم القدرة على التعمق والبحث. التعامل مع التراث يعني التعامل مع أجيال مختلفة، كل منها يحمل رؤية معينة للحياة، لذا لا بد لمن يريد خدمة التراث أن يتحلى بالصبر والشغف، وألا يسعى وراء الأضواء والشهرة، بل يعمل على جذور هذا الإرث، لأن الاستدامة الحقيقية للتراث تأتي من الجهود الصادقة والعميقة.