التراث المصرى يضىء أيام الشارقة.. إبداعات تحكى قصص الأجداد وربط الأجيال بالماضى.. فوانيس رمضان تخطف الأنظار.. حضور لحرف الحفر على الخشب والنحت على الطين والخيامية والتطريز.. وهذه قصة "الفركة" الصعيدية.. صور

تواصل أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ22، التي ينظمها معهد الشارقة للتراث تحت شعار "جذور"، استقطاب الزوار عبر أنشطة تراثية متنوعة، وتتناثر ألوان التراث المصرى تحت علم مصر بين الأروقة بين معروضات تراثية تمثل العديد من الدول.
ويقف محمد صابر الكردى، الفنان التشكيلى وسط مجموعة من الأعمال الخشبية المنحوتة بعناية، فى إحدى ورش صناعة الأركت يدويا بالجيزة، وهو يمرر يده برفق على سطح أحد الفوانيس الخشبية، متأملاً تفاصيله الدقيقة.
ويقول الكردى: "هذه ليست مجرد قطع خشبية، بل هى حكايات محفورة بيد الحرفيين المصريين، تحمل روح التراث وتعيد إحياء تفاصيل الماضي، ونعمل على تجسيد روح رمضان فى تصاميمنا، ونستخدم خشب الأركت لنشكل منه الفوانيس، والهلال، ومجسمات المساجد والقباب، والمصحف الشريف، والصوانى الخشبية المطعمة بالصدف والنحاس والخيامية، وكل قطعة تُصنع بحب، قادمة من ورشنا اليدوية فى الجيزة".
وأضاف: "نجحنا فى تقديم فانوس رمضان المصرى التقليدى بكل تفاصيله، وهو ما أدهش الزوار الذين يحرصون على اقتنائه لاستحضار أجواء رمضان داخل بيوتهم".
وعلى بُعد خطوات، يقف الدكتور توفيق سليم بجوار لوحتين منحوتتين من البرونز الذهبى تحملان صورًا للدكتور صلاح الروى والدكتور إبراهيم عبد الحافظ، أساتذة الأدب الشعبى فى مصر.
ويقول سليم، الباحث فى مركز الدراسات والفنون الشعبية بأكاديمية الفنون بالقاهرة: "هذه الأعمال ليست مجرد منحوتات، إنها توثيق حى لذاكرة مصر الثقافية، وأشارك ضمن ورشة النحت التى تعد واحدة من عشر ورش مصرية فى الفعاليات، حيث نقدم فنون الخيامية، والتطريز، والنحت، وصناعة الفوانيس، والنول التقليدي، وغيرها من الحرف اليدوية التى تعكس هوية مصر".
وأشار "سليم" إلى مجسمات صغيرة مصنوعة من الطين الأسواني، تجسد الحرف التراثية المصرية، مضيفا قائلاً: هذه المجسمات تجذب الزوار بشدة، لأنها توثق بصريًا التراث المصري، وتساعد فى نشر الوعى بالحرف التقليدية بين الأجيال الجديدة.
على الطرف الآخر من الجناح المصري، تقف ساجدة سلطان من المعهد العالى للفنون الشعبية، وسط تشكيلات من فوانيس رمضان النحاسية التقليدية، قائلة:"هذا الفانوس يعتمد على الشمع للإضاءة، تمامًا كما كان يُستخدم فى الماضي، وأعمل على إعادة إحياء هذه الفوانيس بنقوشها الدقيقة وتصاميمها المختلفة، حتى تظل جزءًا من تراثنا الذى لا يندثر".
كما يجلس مبروك أبو شاهين، الحرفى القادم من مركز فوه بمحافظة كفر الشيخ، حيث تعمل مدينته بالكامل فى حرفة النسيج اليدوى من صوف الغنم وقال:"هذه المهنة متوارثة فى قريتنا، حيث يتقنها الجميع، وهذا هو العام الثانى لى فى أيام الشارقة التراثية، وسعيد لأن منتجاتنا تلقى إعجاب الزوار، ونحن نقدم تصاميم برسومات مختلفة من الصوف، مستوحاة من الطبيعة والتراث المصري، وهو ما يجعل كل قطعة تحمل بصمة فريدة".
فى زاوية أخرى، تجلس السيدة حمدية القادمة من محافظة المنيا أمام نولها التقليدي، حيث تحيك قطعًا من فن "الفركة"، وتقول وهى تحرك الخيوط بمهارة: "أحضرنا هذا النول من مصر ليشاهد الزوار كيف نصنع الأقمشة يدويا".
وتابعت: هذه الحرفة قديمة، كانت تُستخدم لصناعة الملابس التقليدية والأوشحة، واليوم نحاول الحفاظ عليها وتقديمها فى أشكال حديثة تناسب الذوق العصري، وكل قطعة هنا هى نتاج أيام طويلة من العمل اليدوى الدقيق".
فى الجناح المصرى أيضًا، تنهمك آية حافظ فى تطريز لوحة على قماش مشدود بإطار خشبى وتقول:"أحب التطريز لأنه فن يجمع بين الصبر والإبداع، وأركز فى مشاركتى على المنتجات المستوحاة من رمضان، حيث أستخدم الخيوط والماكيتات الخشبية لصنع تصميمات مبهجة تعكس روح الشهر الكريم".
مع مرور الساعات، يزداد إقبال الزوار على الجناح المصري، حيث تتفاعل العائلات مع الحرفيين، وتلتقط الصور مع الأعمال الفنية، وتحمل معها قطعًا صغيرة من تراث مصر إلى منازلها.
ومن ضمن الفعاليات، قدم العازف محمود حمد القادم من شمال سيناء عروضًا موسيقية على آلة السمسمية، التى تُعد رمزًا للتراث الشعبى فى مدن القناة وسيناء، وتفاعل الجمهور مع عزفه، الذى مزجه بقصائد بدوية، حيث استعرض الشاعر سليم أبو دقة نماذج من الشعر النبطى تعكس طبيعة الحياة البدوية فى مصر.
كما قدم حمد عروضًا على آلة الشبّابة، إحدى أقدم الآلات الموسيقية فى البيئات البدوية، معبرًا عن الحياة اليومية للمجتمعات الصحراوية، وأكد أن مشاركته فى أيام الشارقة التراثية تسهم فى إحياء الفنون التراثية المصرية وتعريف الأجيال الجديدة بها.
من جانبه، أوضح الشاعر سليم أبو دقة أن الشعر البدوى جزء أصيل من الهوية المصرية، مشيرًا إلى مشاركته فى أمسيات شعرية ضمن المهرجان، حيث تبادل التجارب مع شعراء عرب، وأجرى محاورات شعرية مع الجمهور، كما كشف عن مشروع ديوان جديد يوثق فيه قصائد نبطية بهدف الحفاظ على الشعر البدوي.
وشارك الباحث الدكتور سلامة الرقيعى فى جلسة حوارية تناولت "جذور تراثية"، حيث ناقش التراث المصري، لا سيما فى سيناء التى تتميز بتاريخها الغنى وروحانيتها العميقة، وتطرق إلى دروب الحج والعائلة المقدسة والوادى المقدس طوى، مشيرًا إلى أهمية صون هذا الموروث، كما عقد مقارنة بين الأمثال الشعبية المصرية والإماراتية، كاشفًا عن التشابه الكبير بينهما.
فى السياق ذاته، شارك الباحث الدكتور على عفيفى فى ندوة "التراث العربى فى كتابات الرحالة الغربيين"، حيث استعرض التراث الثقافى للعراق وشبه الجزيرة العربية من منظور هؤلاء الرحالة، محذرًا من الأيديولوجيات التى قد تؤثر على طريقة توثيقهم لهذا التراث، كما وقع كتابه الجديد "نخيل الإمارات فى كتابات الرحالة الغربيين"، وهو إصدار جديد لمعهد الشارقة للتراث لعام 2025.
وامتدت المشاركة المصرية لتشمل عروضًا فنية وشعبية، حيث قدمت الفرق المصرية مقطوعات موسيقية على آلات تراثية، وعروضًا للفنون الشعبية التى تعكس تنوع الموروث المصرى بين الصعيد والريف والبادية والحضر، كما شاركت حرفيون مصريون فى المعارض التراثية، مقدمين حرفًا يدوية أصيلة.
وتأتى المشاركة المصرية ضمن 26 دولة من العالم العربى وأوروبا وآسيا، بما فى ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب دول مثل فرنسا، ألمانيا، الصين، وهولندا، وتشهد الفعاليات حضورًا عالميًا، حيث يشارك 150 حرفيًا وخبيرًا فى التراث، إلى جانب خبراء من اليونسكو، الذين يناقشون سبل صون التراث الثقافى للأجيال القادمة.

أثناء-أعمال-الرسومات-

النول-المصري

حضور-لفوانيس-رمضان-تم-تصنيعها-في-الجيزه

رسوم-على-جدار-المنزل-

عزف-علي-السمسية

فنون-الشعر-والعزف

مشاركات-بفنون-النحت

مشاركة-بفانوس-رمضان-القديم

مشاركة-بفنون-التطريز

مشاركة-بلوحات-الخيامية

مشاركة-مت-محافظة-المنيا

منزل-يحول-الجدران-لرسومات-رمضان-بقنا

ندوات-ومحاضرات-
Trending Plus