سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 23 فبراير 1966.. ثروت عكاشة يقدم لمسؤول فرنسى طلب جمال عبدالناصر بمساعدة الرئيس ديجول لمصر فى صنع القنبلة الذرية أسوة بما فعلته باريس مع إسرائيل

الرئيس جمال عبدالناصر
الرئيس جمال عبدالناصر
سعيد الشحات

زار الدكتور ثروت عكاشة، الرئيس جمال عبدالناصر، فى مايو 1966 ليعرض بعض الأمور قبل سفره إلى فرنسا، لحضور جلسة طارئة للمجلس التنفيذى لليونسكو الذى كان عضوا فيه، كما كان رئيسا للبنك الأهلى المصرى، وبينما يهم بالانصراف، طلب منه الرئيس البقاء، قائلا: «هناك ما هو أهم، ينبغى بحثه وانت فى فرنسا»، حسبما يذكر «عكاشة» فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والفن».


سأل «عكاشة» عن هذا الأمر، فأجابه الرئيس: «معاونة فرنسا لنا فى إنتاج القنبلة الذرية»، يكشف «عكاشة» أنه حين سمع الرئيس لم تقو قدماه على حمله، فجلس وسأله: «أتُراك تمزح يا ريس؟ رد: بل أنا جاد كل الجد، فإسرائيل تمتلك الآن القنبلة الذرية ومسؤوليتى تحتم تملك مصر وسائل ردع هذا السلاح، ولذلك نحاول فى كل مكان، حتى فى الصين»، يضيف «عكاشة»: «وعدته ببذل ما بوسعى، ولم أخف عليه شكوكى كثيرا فى إمكانية تحقيق هذه الأمنية، وخرجت مذهولا أحاول حصر ذهنى فى كيفية تبليغ هذه الرسالة، ولمن؟».


كان لـ«عكاشة» علاقات وثيقة بدوائر الحكم فى فرنسا منذ أن كان ملحقا عسكريا لمصر فيها عام 1954، ويذكر، أنه بعد انصرافه من لقاء عبدالناصر حاول معرفة شىء عن هذه القنبلة، فانكب على ما يحتفظ به من مجلدات مجلة «ريالتيس» الفرنسية ليستعيد قراءة مقال فيها بعنوان «الدول التى تستطيع أن تمتلك القنبلة الذرية»، كما توجه وبناء على طلب عبدالناصر للقاء الدكتور عبدالمعبود الجبيلى رئيس هيئة الطاقة الذرية، لمعرفة الاحتياجات بالتفصيل، وأعاره «الجبيلى» كتاب «انتشار الأسلحة الذرية» الصادر عن «معهد العلوم الاستراتيجية البريطانى»، الذى يكشف عن أن فرنسا لا تملك حق الرقابة على مفاعل ديمونة الإسرائيلى الذى أنشأته لها، ويكشف المعلومات التى حصلت عليها إسرائيل من الدول الغربية.


يذكر «عكاشة» أن «الجبيلى» حدد له أربعة احتمالات لمطلب الرئيس من فرنسا علميا، أولها كان الحد الأقصى وهو معونة فرنسية كاملة، وثانيها برنامجا متوسطا، وثالثها الحد الأدنى، ورابعها أسوأ الفروض وهو تزويدنا بمفاعل لإنتاج البلوتونيوم والمواد النووية المختلفة ورخصة إنتاج الوقود، وتزودنا بالتصميمات والرسومات النهائية وبالمعدات والمواد والأجهزة اللازمة لإقامة أى مشروعات سنتعاون فيها، وتدريب الخبراء والفنيين المصريين فى المنشآت الفرنسية المشابهة، واشتراكهم مع الخبراء الفرنسيين فى مراحل المشروع».


يكشف «عكاشة» أنه فى 23 فبراير، مثل هذا اليوم، 1966 التقى بالمسيو «لوى جوكس» وزير الدولة الفرنسية لشؤون الإصلاح الإدارى بمقر وزارته، وعرض عليه الموضوع كرسالة شبه رسمية من «عبدالناصر» إلى الجنرال ديجول شخصيا، وقال عكاشة فى كلامه أن «جى موليه» رئيس الحكومة الفرنسية فى «الجمهورية الرابعة» تورط فى تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل خاصة النووية، ما ساعدها فى تكوين مفاعلها الذرى، وإمكانية حصولها على القنبلة الذرية عام 1970، وأن الشعور السائد لدى العرب عامة ومصر خاصة، أن فرنسا ارتكبت هذه الخطيئة.


وقال «عكاشة» للوزير الفرنسى إن الرئيس عبدالناصر يدرك عدم جدوى هذا السباق، ويؤمن بمبدأ عدم انتشار الأسلحة الذرية، لكنه غير مستعد لأن يقف مكتوف اليدين أمام الخطر الذى يتهددنا، وأننا بدأنا منذ وقت غير قصير بتطبيق برنامج نووى للأغراض السلمية ولإنتاج المواد الانشطارية، ويكشف «عكاشة» أنه بعد هذا التمهيد الطويل دخل إلى مطلبه، قائلا للوزير الفرنسى: «اسمح لى أن أدعو الرئيس ديجول أن يكفر عن الذنب الذى ارتكبته الجمهورية الرابعة، بأن تتدخل فرنسا لإيقاف إسرائيل عن مواصلة إنتاج قنبلتها الذرية، وإذا تعذر فلا مفر من أن تمنحونا مساعدتكم الفنية للحاق بالمستوى الذى بلغته إسرائيل بفضل عونكم».


قدم «عكاشة» عرضا للوزير الفرنسى مؤكدا أنه يقترحه بصفة شخصية لإبداء حسن النوايا وهو، أن تتخلص مصر وأصدقاؤها من طائراتها الإنجليزية، وتحصل على طائرات «الكارافيل»، وتعهد مصر لفرنسا ببناء سفن أسطولها التجارى، فرد «جوكس» بأنه سينقل ما سمعه كاملا إلى الرئيس ديجول، وأردف قائلا: «لا أظنك تتوقع منى إجابة فى التو واللحظة»، فاقترح «عكاشة» أن يتلقى الرد فى مايو 1966 حيث سيعود إلى باريس لحضور اجتماع اليونسكو.
فى 11 مايو 1966 التقى «عكاشة» الوزير الفرنسى على العشاء بمطعم «تور دار جان»، واعتذر له الوزير بأن الفرصة لم تسمح له بالحديث فى الموضوع مع «ديجول»، وافترقا على أن يعودا للقاء يوم 21 مايو، ويومها قدم «عكاشة» مذكرة بمطالبه، فوضعها الوزير فى جيبه»، قائلا: إنى أودعها فى خزانة سرية، وسأتصل بك قبل مغادرتك لإخطارك بالنتيجة، بعد عرض الأمر على الرئيس ديجول ووزير الخارجية «كوف ده مورفيل».


يؤكد «عكاشة»، أنه فى 27 مايو 1966 أخبره الوزير الفرنسى أن وزير الخارجية استمع منه ولم يذكر رأيه النهائى لكثرة أسفاره، وسيكتب له الرأى النهائى بعد انتهاء المداولات حولها بعد العرض على ديجول، يذكر «عكاشة»: «أثبتت الأيام بأن هذه الإجابة كانت لونا من ألوان اللباقة الدبلوماسية».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

أول صورة من حفل زفاف المطرب مسلم

أول صورة من حفل زفاف المطرب مسلم الثلاثاء، 20 مايو 2025 08:54 م

الأكثر قراءة

رامي ربيعة يحتفل بعيد ميلاده مع أسرته بتورتة الأهلي .. صور

عمر مرموش وهالاند يقودان هجوم مان سيتي ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي

30 مجزرا بالقليوبية تنهى استعدادتها لعيد الأضحى..فتح المجازر لاستقبال الأضاحى بالمجان.. مدير الطب البيطري: رفع حالة الطوارئ بكافة القطاعات.. إلغاء إجازات الأطباء.. وتفعيل غرفة العمليات وربطها بالإدارات.. صور

أول صورة من حفل زفاف المطرب مسلم

الأهلى يفوز على الزمالك 110-64 ويصعد لنهائي دورى سوبر السلة


فيديو يكشف اللحظات الحاسمة في واقعة سرقة فيلا نوال الدجوي.. حقائب غامضة

توتنهام ضد مان يونايتد.. أموريم يكشف قائمة الشياطين الحمر للنهائى الأوروبى

وزير الخارجية الأمريكى: الولايات المتحدة لم تبحث ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا

كيف دعم ماجد الكدوانى صديقه كريم عبد العزيز فى عرض المشروع x

تدعيم الدفاع قبل مونديال الأندية يتصدر أول جلسة رسمية بين الأهلى و ريفيرو


انتصارات جديدة للجيش السودانى.. القوات تبسط سيطرتها على الصالحة بأم درمان آخر معاقل ميليشيا الدعم السريع في الخرطوم.. تقدم كبير في ولاية غرب كردفان.. والبرهان يصدر مرسوما دستوريا بتعيين رئيس وزراء جديد

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدورى

العين جامدة.. نجاة الدكتور جمال شعبان بعد انفجار إطار سيارته

موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل

شبكة عالمية: محمد صلاح وهالاند من أفضل مهاجمي العالم رغم عُقدة النهائيات

النيابة تستمع لأقوال أحفاد نوال الدجوى فى واقعة سرقة الذهب والدولارات

كولر يترقب رحيل ميشيل يانكون من الأهلي لضمّه في جهازه الجديد

تغيب الفنانة جورى بكر عن حضور جلسة دعوى طليقها لرؤية طفله "تميم"

إيلي كوهين.. ماذا تعرف عن أشهر جواسيس إسرائيل فى الستينيات

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى