جمال عبد الناصر يكتب: أسيح الزبدة وأشوح الكبدة

تخيل معي عزيز القارئ كلمات تلك الأغنية التي استمعت إليها بالصدفة البحتة، وهي بالمناسبة طرحت منذ فترة ولكنها لم تصلني إلا اليوم، وهي أيضا بالمناسبة استمع لها وشاهدها  الملايين من محبي ما يسمي بـ "عفرتو" وصديقه المدعو " أونو "، وهي من أغاني المهرجانات، فاعذروا جهلي في وصولها وسماعها متأخرا .

ولكن لمعرفتي بتلك الأغنية قصة ، فقد عرفتها عندما وجدت طفلة لديها 6 سنوات تردد الكلمات قائلة : احطه في الطاسه واسيح الزبدة واقطع الكبد وارفع الكوز واشبط السن "، صدمت من تلك الطفلة فسألتها : هو إيه الكلام ده ؟، فقالت : دي أغنية يا عمو بيغنيها عفرتو فبحثت عن الأغنية لأسمعها، فصدمت أكثر وأكثر من كم الاسفاف والإيحاءات بالكلمات . 

الأغنية أو الكليب تبدأ كلماتها بـ " زووو " ثم يقول عفرتو : " كنسل الشغلة شطب الديل أصلي ع القمة أشغالي كتير .. جاي وبيكارك قمت مديه "، ثم في مقطع آخر يقول فيه المطرب عفرتو : أسيح الزبذة ..أحطه في الطاسة أشوح الكبده ، أنا ارفع الكوز واشبط السن ".. إلي آخر الكلمات التي ليس لها أي معني ظاهر ولا مضمون خفي نصل إليه من مفرداتها ، ولكن الذي فهمته وتعلمته من الأغنية هو كيفية عمل الكبدة بالزبدة، والطريقة المثلي لتقطيعها .

في مقطع من الأغنية يسخر عفرتو من غريمه أو من يوجه إليه الخطاب في الأغنية قائلا له : " بأعلمك ما أنت أكاديمي .. ولا انت في العلم سقط جامعة "، فهنا هذا العفرتو يسخر من الأكاديميين ومن حملة العلم، ويعلمنا نحن المتعلمين  كيفية عمل الكبدة بالزبدة، وكيفية تقطيعها وتشويحها.

أي غناء هذا الذي لا معني له، ولماذا تستمع الطبقة التي من المفترض انها مثقفة وواعية لمثل هذه الكلمات المسفة التي تحمل الكثير من التلميحات الجنسية، وكيف ولماذا تنتقل تلك الأغاني إلي أطفالنا، وهي تحرض علي العنف والبلطجة، هذه الأغاني كارثة وخطورتها لا تقل عن خطورة المخدرات، وللأسف عندما حاول هاني شاكر منع هذه الفئة من تقديم هذا الاسفاف هاجمه الكثير بحجة حرية التعبير ، أي حرية في تصدير كلمات لا معني لها وتحمل مضامين ومفردات لشتائم تهدد القيم والأخلاق والسلوكيات المصرية، أي حرية التي تنقل للأطفال وللشباب هذه الركاكة والإسفاف، فمن سيحمي أطفال مصر وأطفال الأمة العربية من هذه المخدرات السمعية التي تدمر عقولهم ووجدانهم؟