من الشرقية إلى باريس.. رحلة شاب مصري ارتدت أزياءه نجمات هوليوود

من قرية صغيرة في محافظة الشرقية إلى أرقى بيوت الأزياء العالمية، خط سيد علي عليوة قصة نجاح مصرية في عالم الأزياء حيث تختار تصاميمه نجمات من مشاهير العالم ومن بينهم النجمة مادونا. لم تكن رحلته سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضًا مليئة بالشغف والإصرار على تحقيق الحلم.

من مكتب صغير يطل علي مساحات تتوسط بناية وسط دبي يتابع أعداد من الحرفيين يقومون بحياكة وتزيين وتصميم فساتين الزفاف  روى سيد علي عليوه  لـ"اليوم السابع" حكايته بسرد ذكرياته الأولى في الإمارات قائلاً:"وصلت إلى دبي عام 1989، كنت شابًا مليئًا بالطموح، لكن الواقع كان صعبًا. لم أجد عملًا في البداية، فبدأت من أبسط الوظائف، عملت في مقهى، ثم في محطة وقود، وبعدها كمندوب مبيعات في شركة. كنت أتنقل بين الوظائف، أتعلم وأكافح وأبحث عن فرصة أفضل، حتى جاءت أول خطوة حقيقية لي في عالم الأزياء."

سيد عليوة في مكتبه

يتابع"بعد عامين، حصلت على فرصة للعمل في شركة متخصصة في الأزياء. لم يكن الأمر سهلًا، لكنني كنت شغوفًا بتعلم كل شيء عن هذا العالم. بدأت من موقع متواضع، ثم بدأت أترقى في المناصب تدريجيًا حتى وصلت إلى منصب مدير في عام 2012. في هذه الفترة، تعرفت على شريكي، وهو مصمم أزياء كان يعمل معي في نفس الشركة، وكان بيننا تفاهم كبير. كنا نحلم معًا بشيء أكبر، بشركة تحمل اسمنا وتحقق رؤيتنا."

في عام 2010، جاءت اللحظة التي غيرت مسار حياته، كما يرويها سيد: "كنا في الفلبين، نشارك في عرض أزياء هناك، وفي إحدى الليالي، دار بيني وبين شريكي حديث مهم، قلت له: لماذا لا ننطلق ونؤسس شركتنا الخاصة؟ لماذا نبقى موظفين بينما لدينا القدرة على بناء شيء عظيم؟ لم يكن القرار سهلًا، لكنه كان ضروريًا. بدأنا من مكتب صغير بأربعة موظفين فقط، هو يتولى التصميم، وأنا أدير العمل. كان الأمر مغامرة، لكنني كنت مؤمنًا بأننا سننجح."

ويضيف:"واجهنا الكثير من التحديات، خاصة أن الشركات الناشئة في عالم الأزياء تحتاج إلى رأس مال ضخم، لكننا اعتمدنا على جودة عملنا وتميز تصاميمنا. كنا نعمل ليلًا ونهارًا، نتابع أدق التفاصيل، وشيئًا فشيئًا بدأنا نحصد ثمار تعبنا."

تصميم الأزياء يدويا

ويواصل حديثه "لم تتوقف رؤيتنا عند مجرد شركة صغيرة، كنا نحلم بالوصول إلى العالمية. اليوم، أصبحنا نمتلك مجموعة شركات تحمل علامتنا التجارية، ولدينا مقرات رئيسية في باريس، عاصمة الموضة. توسعنا ليشمل إنتاج فساتين الزفاف الجاهزة، المجوهرات،  والعطور، وحتى شركة متخصصة في تعديل السيارات الفاخرة لتلائم ذوق عملائنا."

ويؤكد ان "الفضل لله أولًا، ثم للعزيمة القوية والعمل الجاد. لم يكن المشوار سهلًا، لكنه كان يستحق كل التحديات. اليوم، أصبحنا نعمل مع أكبر الأسماء في عالم الموضة، وزبائننا من كبار المشاهير حول العالم."

يشير  سيد بفخر إلى قائمة المشاهير الذين ارتدوا تصاميمه، قائلًا: "نحن نعمل مع نجوم عالميين وعرب، مثل مادونا، ومي عمر، وبسمة وهبة، ومي عز الدين. كما شاركنا في تصميم أزياء مسلسل "لؤلؤ" للمخرج محمد سامي. عملنا أيضًا مع بنات زعماء وأمراء وشيوخ من مختلف الدول، وقدمنا لهن فساتين زفاف فريدة من نوعها."

مشاهير ارتدوا من أزيائه 

ويتحدث عن تفاصيل صناعة الفستان الفاخر بقوله "صناعة الفستان الواحد تتطلب حوالي ثلاثة أشهر من العمل الدقيق. لدينا 130 موظفًا في دبي، و700 موظف في مصنعنا بالهند، حيث يتم تنفيذ التصاميم يدويًا بأدق التفاصيل. نستخدم أفخم أنواع القماش المستورد من إيطاليا وفرنسا، ونزين الفساتين بأحجار كريمة فاخرة، بعضها يقترب من الألماس في قيمته. العروس تأتي بفكرتها، والمصمم يحولها إلى رسم، ثم يبدأ التنفيذ، وصولًا إلى مرحلة البروفة النهائية قبل التسليم."

مشاهير ارتدوا من أزيائه 

رغم كل النجاحات، لا يزال لدى سيد حلم يسعى لتحقيقه، كما يروي:"طوال رحلتي، كان لدي حلم بأن تعود القاهرة كما كانت قديمًا، عاصمة للموضة في العالم العربي. أعمل حاليًا على افتتاح فرع في القاهرة، وأتمنى أن يكون هذا المشروع تتويجًا لمسيرتي في عالم الأزياء. لا شيء يسعدني أكثر من رؤية مصر تستعيد مكانتها كواحدة من أهم عواصم الموضة."

ويتابع رسالة إلى الشباب الطموح "رحلتي ليست مجرد قصة نجاح، إنها رسالة لكل شاب طموح. عندما جئت إلى دبي، لم يكن لدي شيء، لكنني لم أستسلم. النجاح ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى صبر وعمل وإيمان بالنفس. إذا كنت تمتلك الشغف والعزيمة، فكل شيء ممكن. اليوم، أرى الشباب يطمحون لدخول عالم الأزياء، وأقول لهم: الطريق ليس سهلًا، لكنه ممتع، وإذا كنت تؤمن بحلمك، فستحققه يومًا ما."