لماذا لم تنجح القنبلة الذرية في إنهاء الحرب العالمية الثانية؟.. كتاب أمطار الخراب يجيب

كتاب أمطار الخراب للمؤلف ريتشارد أوفرى
كتاب أمطار الخراب للمؤلف ريتشارد أوفرى
كتبت ميرفت رشاد

في صباح شديد الحرارة في طوكيو قبل ما يقرب من ثمانين عاماً، انعقد اجتماع تاريخى فى مخبأ تحت الأرض فى القصر الإمبراطورى، كان ذلك فى الرابع عشر من أغسطس 1945، بعد ثمانية وخمسة أيام (على التوالي) من إسقاط القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناجازاكي.

وفى كتاب "أمطار الخراب: طوكيو وهيروشيما واستسلام اليابان" للمؤلف ريتشارد أوفريو المقرر صدوره في مارس المقبل، بحسب ما نشرته صحيفة " التلجراف"، كان هيروهيتو، إمبراطور اليابان، على وشك الإعلان عن نهاية الحرب فى المحيط الهادئ، ودخل مجلس الحرب الأعلى ومجلس الوزراء الياباني إلى الغرفة الخانقة، وجلسوا على طاولات طويلة موضوعة بزوايا قائمة على الطاولة الإمبراطورية ذات اللون الذهبي، وبعد تأخير دام ما يقرب من نصف ساعة، دخل هيروهيتو بالزي الرسمي وجلس أمام حكومته.

كان هيروهيتو قد أبدى وجهة نظره قبل أربعة أيام، مفادها أن الإنذار الذي أرسله الحلفاء من مؤتمر بوتسدام في الشهر السابق ــ والذي يقضي بأن تستسلم اليابان أو تواجه "التدمير الفوري والكامل" ــ لابد وأن يُقبَل، ما دام بوسعه الاحتفاظ بعرشه.

والآن، في المخبأ، دعا سوزوكي كانتارو، رئيس الوزراء، المعارضين الثلاثة للسلام بشروط أمريكي للتحدث أولاً: فأعرب وزير الحرب، يليه رؤساء البحرية والأركان، عن اعتراضاتهم، ثم استدار سوزوكي، متحدياً الممارسة الدستورية، إلى الإمبراطور وطلب منه إبداء رأيه.

وساد الصمت، وكرر الإمبراطور موقفه أمام الجمعية، وأضاف في النهاية: "أود أن تتفقوا معي جميعاً، وبينما كان يتحدث، كانت الدموع تملأ عينيه، ووفقاً لشهود عيان، سرعان ما بدأت المجموعة بأكملها في البكاء بصوت عال".

ولكن من الجدير بالملاحظة هنا أن هيروهيتو لم يذكر كلمة "الاستسلام"، وهي الكلمة التي كانت مكروهة في نظر الجيش الياباني، بل تحدث فقط عن "إنهاء الحرب"، وكان هذا التعبير الملطف مصمماً لإظهار للشعب الياباني أن الإمبراطور كان ينهي الحرب لصالحه، وليس لأنه هُزم.

وأصبح "إنهاء الحرب" المصطلح القياسي في اليابان، حتى برغم أن الحلفاء تعاملوا مع الإعلان آنذاك، وهو ما تعامل معه الغرب منذ ذلك الحين، باعتباره استسلاماً في كل شيء باستثناء الاسم.

ولقد تم نقل قرار الإمبراطور إلى الحكومة الأمريكية، في حين سجل هيروهيتو خطاباً لشعبه ليتم بثه في اليوم التالي، الخامس عشر من أغسطس، ولكن في اليابان لم يكن هذا بأي حال من الأحوال نهاية الأزمة.

ففي صباح يوم البث، اقتحمت وحدة من الجنود القصر الإمبراطوري وبحثت عبثاً عن التسجيل، على أمل تدميره، وفي نهاية المطاف تم التغلب عليهم، وعادت الأمور إلى طبيعتها.

وحاولت مجموعة أخرى اقتحام محطة البث، دون جدوى وتم بث التسجيل بنجاح ــ ولكن العديد من المستمعين وجدوا صعوبة في الاستماع، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإمبراطور كان يتحدث بشكل غير واضح وباللغة اليابانية التقليدية، وجزئياً بسبب سوء الاستقبال، أما أولئك الذين فهموا ما كان يقال، وكثير منهم انحنى أمام الراديو، فقد بكوا عند سماع الأخبار، أو غضبوا منها، أو انحنوا فقط في ارتياح لأن محنة الحرب الشاملة قد انتهت.

ولكن بالنسبة لقادة الجيش والبحرية الذين عارضوا القرار، بدا الأمر وكأنهم لم يجدوا سوى مخرج واحد، فقد أقدم وزير الحرب كوريشيكا أنامي على الانتحار في مكتبه في ذلك الصباح، وتبعه ثمانية من كبار الجنرالات والأميرالات، بل إن بعض وحدات الجيش والقوات الجوية رفضت قبول قرار الإمبراطور.

وألقى سرب من طائرات الكاميكازي البحرية منشورات فوق طوكيو تخبر من هم في الأسفل بأن البث كان مزيفاً، واستولت وحدة أخرى من الجنود على تلال في وسط المدينة، واستسلم معظمهم عندما قيل لهم إن هذا هو ما يريده الإمبراطور، ولكن مجموعة واحدة انتحرت باستخدام القنابل اليدوية، ورفض أحد فيالق القوات الجوية نزع سلاحه، وهدد لفترة وجيزة بإسقاط الطائرات الأميركية أثناء هبوطها لبدء احتلال اليابان.

لقد افترض الحلفاء أن اليابان استسلمت بسبب القصف النووي، وهذا ما يقترحه المؤرخون عادة اليوم، لكن التفسير لم يكن بهذه البساطة قط، بحلول تلك النقطة من الصيف، كان "فصيل السلام" في النخبة اليابانية، بما في ذلك الإمبراطور نفسه، يحاول منذ شهور إيجاد صيغة لإنهاء الحرب.

في غضون ذلك، ظل الشعب الياباني في الظلام، ولم يكن من الممكن كتابة أو نشر أي شيء في اليابان عن القنبلة، بأمر من الولايات المتحدة، حتى نهاية الاحتلال في عام 1952.

وعندما نُشرت الصور الأولى في صحيفة مصورة في ذلك العام، بيعت 520 ألف نسخة في غضون أيام، ونظم الناجون من القنبلة الذرية، أو الهيباكوشا، حركة السلام اليابانية التي تشن حملات من أجل نزع السلاح النووي حتى يومنا هذا (على الرغم من أن معظم الضحايا ماتوا الآن).

لا يزال الاعتقاد سائدًا حتى اليوم بأن القنبلتين النوويتين أرغمتا اليابان على الاستسلام ـ ولكن الحقيقة مختلفة إلى حد كبير، ففي الاجتماع الدرامي المليء بالدموع الذي عقد في الرابع عشر من أغسطس، والذي أدى أخيراً إلى إنهاء الأعمال العدائية في المحيط الهادئ، لم يذكر هيروهيتو الهجمات النووية، ولا العدوان السوفييتي بل تحدث عن معاناة شعبه، وكان هذا كل ما أراد أن يوقفه في ذلك اليوم.

كتاب أمطار الخراب  للمؤلف ريتشارد أوفرى
كتاب أمطار الخراب للمؤلف ريتشارد أوفرى

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أسباب تأخر ظهور أنسو فاتي وبوجبا مع موناكو

ضبط شخصين لتروجيهم للمخدرات على دراجة نارية بالجيزة

فاركو عن مواجهة الأهلى::"مباراة لعلاج حموضة صفقات الصيف"

وسام أبو علي: فخور ومتحمس للغاية لبدء فصل جديد مع كولومبوس

فيلم روكى الغلابة يقترب من 35 مليون جنيه خلال 16 يوم عرض بالسينمات


انهيار الجيش وهرب الرئيس.. 4 سنوات لسيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية كابل

مصر قرآن كريم .. نجوم التلاوة المصرية والفتاوى وغيرها فى تطبيق جديد

موعد مباراة مصر والنرويج اليوم في كأس العالم للشباب لكرة اليد

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر


تعرف على صفقات الأهلى وفاركو والراحلين قبل لقاء الليلة بالدورى

ضبط مسئول عن مخزن مستلزمات طبية "بدون ترخيص" فى القاهرة

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

قضية الطفل ياسين.. الاثنين المقبل استئناف محاكمة المتهم على حكم المؤبد

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى