رمضان شهر التسامح والترابط وإرادة الانتصار

يهل علينا شهر رمضان المبارك خلال أيام قليلة، شهر الخير والكرم والبركات والمحبة والتسامح، أعاده الله عز وجل على بلدنا الحبيبة مصر وعلى الأمة الإسلامية والعربية بالخير واليمن والبركات، وأتقدم بتهنئة صادقة للشعب المصري العظيم والقيادة السياسية بحلول الشهر المعظم.
يأتي شهر رمضان هذا العام ومصر تواجه تحديات كبيرة لكنها متسلحة بقوة العزيمة والإرادة وتماسك وترابط ووعي الشعب المصري العظيم، يأتي الشهر الكريم حاملاً معه أجواءً من البهجة والسرور، ونفحاتٍ إيمانيةٍ تُعطر الأرواح، وتعزز تماسك وترابط المجتمع المصري.
فمع حلول شهر رمضان، تُزّين البيوت المصرية بالفوانيس والزينة الرمضانية ابتهاجا وفرحة باستقبال الشهر الكريم، وتُنصب موائد الرحمن في الشوارع، وتُعجّ الأسواق بالمشروبات والطعام، وتُقدم الأطباق الرمضانية الشهية على موائد الإفطار، ومن أهم عادات المصريين في رمضان، قضاء وقتٍ أطول مع العائلة والأصدقاء، وتبادل الزيارات، فضلاً عن أنه شهر طاعة وعبادة وفيه طقوس دينية رائعة وتأدية صلاة التراويح، وختم القرآن الكريم.
وتُعدّ مصر من الدول التي تُولي اهتمامًا كبيرًا بشهر رمضان، حيث تُقام العديد من الفعاليات الدينية والثقافية، وتُبثّ البرامج التلفزيونية الرمضانية التي تُحاكي مختلف جوانب الحياة المصرية، والمسلسلات والدراما، ويزداد فيه الود والترابط بين المواطنين والتسابق على فعل الخير.
ويختلف الشعب المصري عن أي شعب آخر في العالم كله، في عاداته وتقاليده وطقوسه وتماسكه وروح المحبة بين كافة فئاته، وتتجلى هذه القيم فى المناسبات والأزمات، فتجد الشعب المصري بنسيجيه المسلمين والمسيحيين على قلب رجل واحد، الجميع يتقاسم ويتشارك ويعيش جنبا إلى جنب، ويحتفلون سويا بالمناسبات الدينية والاجتماعية السعيدة، ويساندون بعضهم البعض في وقت الأزمات، ليؤكد هذا الشعب العظيم أنه جسد واحد متماسك ومعجون بروح المحبة والأخوة والتعاون والانتماء والولاء للوطن.
ولعل ما تشهده مصر خلال شهر رمضان الفضيل المبارك والروح الجميلة وأجواء الاحتفال والبهجة بين جميع أبناء الشعب المصري، يعد تجسيداً واقعياً لهذه القيم والتقاليد الجميلة، حيث يضرب المصريون أروع الأمثلة في التكافل والتضامن والمشاركة والتعاون والتماسك، فالجميع يتسابق على الخير ودعم الفئات الأكثر احتياجاً والفقراء والبسطاء، ما بين توفير السلع والمواد الغذائية والتبرعات، وإقامة موائد الرحمن فى كل المناطق والنواحي بمختلف المحافظات على مستوى الجمهورية، وقيام الشباب فى المحافظات بتشكيل مجموعات وإحضار وجبات إفطار وتوزيعها على المواطنين في الشوارع والطرق وعلى الذين اضطرتهم ظروف عملهم إلى التواجد في الشوارع أثناء توقيت الإفطار فى مشهد يعد تجسيد واقعي وحقيقي للتكافل والتكاتف بين فئات المجتمع المصري.
وكذلك المشاركة المجتمعية مع الدولة في تخفيف الأعباء عن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية الناتجة عن تداعيات الأزمات الاقتصادية والاضطرابات والتوترات التي تشهدها المنطقة وما ينتج عنها من تحديات اقتصادية، وهذه الروح والأجواء الودية ليست موجودة فى بلد آخر، لذلك شهر رمضان فى مصر له مذاق وطعم خاص.
كما أننا نستلهم من شهر رمضان روح العزيمة والإرادة والانتصار، فهناك ملحمة وطنية في ذكرى العاشر من رمضان التي انتصر فيها الجيش المصري على الاحتلال الإسرائيلي في حرب أكتوبر المجيدة 1973.
ونحتاج خلال شهر رمضان المبارك أن يعمل كل مواطن على ترشيد استهلاكه، حيث إنه من المعروف أنه خلال رمضان يزداد الاستهلاك بشكل ملحوظ، حيث يُقبل المصريون على شراء مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية، وتُشكل ظاهرة الاستهلاك في رمضان عبئًا على بعض الأسر المصرية، وهو ما قد يسبب العديد من الأضرار على الفرد والمجتمع، خاصةً ذوي الدخل المحدود، ممّا يؤدي إلى تراكم الديون وزيادة الأعباء المالية، لذا؛ من المهم أن يخطط المصريون لاحتياجاتهم بشكلٍ مسبق، وأن يحددوا ميزانية محددة للإنفاق خلال شهر رمضان، وأن يُركزوا على شراء الأساسيات واحتياجاتهم فقط، دون الإسراف أو التبذير.
لذلك، من المهم جداً التوعية بضرورة ترشيد الاستهلاك في رمضان، واتباع نمط استهلاكي واعي ومسؤول، وفي الوقت ذاته؛ هناك أهمية كبيرة أن تقوم الحكومة بتوفير كميات كبيرة من السلع والمنتجات في المنافذ الحكومة، لا سيما السلع الأساسية والغذائية والاستراتيجية، بأسعار مخفضة ومناسبة لظروف المواطنين، وتوعية المواطنين بتوفر السلع وعدم تخزينها، ونرى جهوداً طيبة في هذا المجال بافتتاح العديد من معارض أهلا رمضان في جميع المحافظات وتوفير السلع فيها للمواطنين بأسعار مخفضة.
وختامًا، أدعو المواطنين المصريين إلى اغتنام فرصة شهر رمضان الكريم، شهر الرحمة والمغفرة، للتقرب إلى الله تعالى، وبذل الخير، ومساعدة المحتاجين، ونشر التسامح والروحانيات بين أفراد المجتمع، فرمضان شهر الخير والبركة، وشهر العبادة والتقرب إلى الله تعالى.. وكل عام وأنتم بخير.
Trending Plus