الفرق بين البقشيش والرشوة.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى

رشوة - أرشيفية
رشوة - أرشيفية
كتب لؤى على

يقوم بعض الناس بإعطاء بعض العمال مالًا لتقديم له خدمة جيدة، أو لعلمه بفقره وحاجته؛ خاصة أنه قد انتشر خلال الآونة الأخير ظاهرة العمل بدون أجر من صاحب العمل، وإنما يكون العمل في مقابل البقشيش. وقد يدفعه الإنسان ليدفع تهمة البخل عن نفسه. فهل هناك فارق في الحكم الشرعي بين البقشيش و الرشوة ؟، سؤال أجابت عنه امانة الفتوى بدار الافتاء وجاء الرد كالآتى:

الرشوة لغةً: تطلق على ما يعطيه الشخص لحاكم وغيره ليتحصل على مراده. "المصباح المنير" للفيومي (مادة: ر ش و).

وأما معناها في الاصطلاح فلا يبعد عن معناها في اللغة؛ فقيل: [هي ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل]. "التعريفات" للجرجاني (111، ط. دار الكتب العلمية).

وقيل: [هي ما يبذل للغير لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنَ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ]. "مغني المحتاج" (6/ 288. دار الكتب العلمية).

وأما كلمة البقشيش فليست بعربية؛ لكون مادتها لا تعرف في لغة العرب، قال العلامة اللغوي أبو بكر بن دريد في "جمهرة اللغة" (1/ 344، مادة: (ب ش ق)، دار العلم للملايين): [البقش وَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب الصَّحِيح] اهـ.

وأما معنى البقشيش في العرف: فهو مقابل للهبة والعطية؛ لكونه يدفع بلا عوض؛ قال العلامة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (5/ 231، ط. المكتبة العلمية): [الهِبَة: العَطِيَّة الخاليَة عن الأعْوَاضِ والأغْراض]. اهـ.

وقال الإمام النووي في "المنهاج" (3/ 558- 559، ط. دار الكتب العلمية -مع شرحه: "مغني المحتاج"-): [التَّمْلِيكُ بِلا عِوَضٍ هِبَةٌ] اهـ.

هذا من حيث المعنى، أما من حيث الحكم: فالرشوة حرامٌ بلا خلاف، وهي من الكبائر. وقد وردت الأدلة متضافرة على ذلك؛ منها: قول الله تعالى في معرض ذمه لبعض أهل الكتاب: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42] قال الحسن وسعيد بن جبير: "هو الرشوة".

وقال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، ووجه الدلالة في الآية ظاهر؛ حيث نهى عن هذا الفعل، ووصفه بأنه باطل وإثم.

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ" أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ووجه الدلالة منه: اللعن الواقع فيه على فاعل ذلك، واللعن على فعل من علامات كبائر الذنوب.

وأما ما يسميه الناس بالبقشيش: فالأصل فيه أنه يُعطى على سبيل الهبة، وعن طيب خاطر، فيشمل الهدية -وهي التي يراد بها إكرام المهدى لا غير- والصدقة -وهي التي يراد بها وجه الله تعالى-، فهي مشروعة على هذا الوجه. "تحقيق القضية بين الرشوة والهدية" للنابلسي (ص: 138، رسالة ماجستير بجامعة الملك عبد العزيز).

والأدلة على مشروعية العطية والهبة قد لخصها العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 558، ط. دار الكتب العلمية) بقوله: [وَالأَصْلُ فِيهَا -أي: الهبة- قَبْلَ الإِجْمَاعِ: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [البقرة: 117]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ﴾ [النساء: 86]؛ قِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهَا الْهِبَةُ، وَأَخْبَارٌ؛ كَخَبَرِ "الصَّحِيحَيْنِ": «لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ»؛ أَي: ظِلْفَهَا، وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْهِبَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وَالْهِبَةُ: بِرٌّ، وَلأَنَّهَا سَبَبُ التَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ؛ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادُوْا تَحَابُّوا»، وَقَبِلَ صلى الله عليه وآله وسلم هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ الْكَافِرِ وَتَسَرَّى مِنْ جُمْلَتِهَا بِمَارِيَّةَ الْقِبْطِيَّةِ وَأَوْلَدَهَا، وَقَبِلَ هَدِيَّةَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ، وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَهَادَاهُ أَيْضًا] اهـ.

والفرق بين الرشوة والبقشيش يظهر من الموضوع والغاية، وقد تكلم العلماء على هذا عند كلامهم على الفرق بين الرشوة والهدية، فما يُدفع إلى الحكام ونحوهم للحكم للراشي غير جائز، أما العطية والإكرامية ونحوها مما يعطى للعمال الفقراء والمساكين فهو على أصله أنه مستحب، والأمور بمقاصدها، ولذا كانت النية دليل تفريق بين الأمرين المشتبهين في الصورة والهيئة مع اختلافهما في الحكم أو الغاية؛ يقول الإمام ابن قدامة في "المغني" (6/ 41، ط. مكتبة القاهرة): [النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَقَالَ فِي اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ»] اهـ.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نجل عبد الرحمن أبو زهرة: الرئيس السيسى أثنى فى مكالمته على والدى ووصفه بالأيقونة

انتشر فى العظام.. تشخيص جو بايدن بسرطان البروستاتا "عدوانى"

عبد الواحد السيد مرشح للعودة لقناة الزمالك ضمن خطة التطوير

ثروت سويلم: الأهلى أبلغنا بصعوبة إقامة دورى بدون الإسماعيلى

انتهاء التقييمات الأسبوعية والمنزلية لصفوف النقل.. المديريات تبدأ امتحانات نهاية العام بالمواد غير المضافة.. و22 مايو بدء اختبارات المواد الأساسية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية.. و21 للثانوى العام


زد يدرس استمرار حمادة صدقى على رأس القيادة الفنية فى الموسم المقبل

اتصالات عن إعلان الأهلى: لم يكن موجهًا للإساءة لأي نادٍ ونحترم جميع الكيانات

برشلونة بطل الدورى الإسبانى يخسر أمام فياريال 3-2.. فيديو

حسام صالح وتامر مرسى يحتفلان بعرض فيلم المشروع X.. صور

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت


شوط أول سلبي بين أرسنال ضد نيوكاسل يونايتد فى الدوري الإنجليزي

ضبط المتهم بالنصب على المواطنين بزعم العلاج الروحانى فى الإسكندرية

تأييد حبس صالح جمعة شهرا بسبب نفقة مطلقته

رابطة الأندية تتمسك باللائحة وترفض إلغاء الهبوط فى دوري Nile

هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تنفي ما تردد بشأن تعديل اشتراطات الأراضى

"الرئاسى الليبي" يطلق آلية لتثبيت الهدنة وتعزيز الاستقرار في العاصمة طرابلس

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

الرئيس السيسى يتلقى تحيات ترامب ويؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن

الظهور الأول لـ زيزو وبن رمضان بقميص الأهلي فى ودية باتشوكا المكسيكي

بيراميدز يمتنع عن حضور اجتماع رابطة الأندية بعد مقاطعة الزمالك

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى