مع اقتراب توقيع صفقة أوكرانيا.. ما سر اهتمام ترامب بالمعادن؟.. هيمنة الصين دفعت دونالد لاستخدام أساليب الضغط المكثف للحصول عليها.. ونيويورك تايمز: الاهتمام بالخامات تحول إلى أساس السياسة الخارجية الأمريكية

منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل أكثر من شهر، ركز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على كيفية استغلال الثروات المعدنية فى دول أخرى. كان الأمر غريبا فى البداية عندما تحدث عن صفقة معادن أوكرانيا، أو الرغبة فى شراء جزيرة جرينلاند، لكن الأمر أصبح أكثر وضوحا فى الأسابيع التالية.
وتقول صحيفة نيوويرك تايمز إنه على الرغم من أن اهتمام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المكثف بمعادن أوكرانيا يبدو غير متوقع، إلا أن الأمر ليس كذلك.
وكان ترامب قد أرسل وزير الخزانة إلى كييف هذا الشهر للتفاوض مع رئيس أوكرانيا بشأن صفقة تتعلق بمعادنها، ثم بدأ ترامب يكثف ضغوطه العلنية فيما بدا للمنتقدين وكأنه خطة ابتزاز من زعيم مافيا، حيث قال ترامب: أريد أمن المعادن النادرة.
لكن هذه المعادن، معادن أوكرانيا وغيرها، كانت فى ذهن ترامب منذ عام 2017 على الأقل، عندما وقع على أمر تنفيذى خلال ولايته الأولى بشأنها، ولفتت أيضا انتباه الرئيس جو بايدن. ولم تكن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن الحصول على معادن أوكرانيا هى المرة الأولى فى ولايته الثانية التى يتحدث فيها عن الاستيلاء على ممتلكات دولة ما من المعادن.
فقد تحدث ترامب عن الاستحواذ على المعادن فى جزيرة جرينلاند وكندا. وقال رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو لمجموعة من قادة الأعمال إن تركيز ترامب على المعادن الكندية يعنى أن تهديداته بضم البلاد وجعلها الولاية 51 شيئا حقيقيا.
وتوضح نيويورك تايمز أن الاستيلاء على الثروة المعدنية فى الخارج هدفاً أساسيا للسياسة الخارجية لترامب وحافزا لأكثر تصريحاته إمبريالية منذ توليه المنصب. وتعود غرائزه إلى دوافع الإمبراطوريات المنهارة عندما كان استخدام الموارد يحفز الحكام على توسيع الأراضى الواقعة تحت سيطرتهم.
ويوم الثلاثاء، وبعد ما يقرب من أسبوعين من المحادثات الصعبة، قال المسئولون الأوكرانيون والأمريكييون إنهم توصلوا إلى اتفاق بشأن إطار لتقاسم عائدات المعادن الحيوية فى أوكرانيا.
ووفقا لوزارة الطاقة الأمريكية، فإن المعادن الحرجة هى مواد غير وقودية ضرورية لتقنيات الطاقة ومعرضة لخطر كبير لتعطيل سلسلة التوريد. توجد هذه المعادن فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك فى تشيلى والأرجنتين، وهضبة التبت التى تسيطر عليها الصين، وجمهورية الكونغو الديمقراطية،وهى جزء لا يتجزأ من التقنيات الشائعة (بطاريات السيارات الكهربائية) والتقنيات المتخصصة (أنظمة الصواريخ).
و فى عام 2022، أصدرت هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية قائمة تضم 50 معدنًا بالغ الأهمية تتراوح من الألومنيوم إلى الزركونيوم. وبسبب المنافسة مع الصين، كان البحث عن المعادن الحرجة مهمًا للولايات المتحدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
وخلال أخر جولاته الخارجية فى فترته الرئاسية، زار بايدن خط سكك حديدية تدعمه الولايات المتحدة فى أنجولا من شانه أن يساعد فى نقل المعادن الحيوية من وسط أفريقيا إلى الساحل للتصدير.
كما قام مسئولون فى وزارة الخارجية فى إدارة بايدن فى وقت سابق بتشكيل مجموعة من الدول المتحالفة لمناقشة إنشاء أو تعزيز سلاسل توريد المعادن الحيوية خارج الصين. و أسسوا منتدى حتى تتمكن الدول الغنية بالمعادن من التحدث إلى الدول العميلة المحتملة والشركات الأجنبية حول تطوير المناجم ومصانع المعالجة.
وكانت أوكرانيا وجرينلاند وكندا جزءًا من ذلك. بل إن أوكرانيا والولايات المتحدة اقترتبا من توقيع اتفاقية فى الخريف الماضي، حيث كانت أوكرانيا ستتعهد بإعطاء الولايات المتحدة إشعارًا مسبقًا بشأن المشاريع المحتملة، مما يسمح للشركات الأمريكية أو شركات الدول المتحالفة بوقت كافٍ للتقدم بعطاءات للحصول على العقود. كما كانت وزارة الخارجية ستقدم لأوكرانيا المساعدة الفنية فى رسم الخرائط وكتابة اللوائح.
لكن هذا لم يكن نهج ترامب. ويقول خوسيه فرنانديز، الذى كان أحد مهندسى مبادرات وزارة الخارجية بشأن المعادن الحيوية فى إدارة بايدن، "إن الرئيس الحالى ومساعديه يتحدثون بطريقة غير ضرورية، فهذه دول تريد الاستثمار، لكنها تريد شراكات، ولا تبحث عن علاقة استعمارية".
وأضاف أن هذه الدول انجذبت إلى الشركاء الماليين والتجاريين الأمريكيين لأنها لم تعجبها الخيارات الأكثر قسراً، بما فى ذلك المقترحات من الصين.
من ناحية أخرى، تقول أبيجيل هانتر، المديرة التنفيذية لمركز استراتيجية المعادن الحرجة فى منظمة SAFE، وهى مجموعة بحثية معنية بأمن الطاقة، إن العديد من الدول تنظر إلى مواردها الطبيعية باعتبارها عنصراً أساسياً فى السيادة الوطنية وإمكانات التنمية الاقتصادية. وهذا يجعل المفاوضات بشأن المعادن الحرجة شديدة الحساسية، حيث تخشى الحكومات من السيطرة الأجنبية أو الاستغلال.
وتقول نيويورك تايمز إن الصين بذلت جهوداً مضنية على مدى سنوات طويلة لتطوير الهيمنة العالمية فى استخراج ومعالجة المعادن الحيوية. وفى الوقت نفسه، اضطرت الولايات المتحدة إلى استيراد كميات كبيرة من المعادن الحيوية للاستخدام التجارى والعسكري.
وأشار تقرير صدر هذا الشهر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن الولايات المتحدة تستورد ما بين 50 إلى 100% من كل من 41 من المعادن الخمسين الحيوية المدرجة فى قائمة هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية. والصين هى أكبر منتج لـ 29 من المعادن.
وقال التقرير إن الصين أظهرت مراراً وتكراراً استعدادها لاستخدام هذه المعادن كأسلحة"، بما فى ذلك فرض ضوابط التصدير والحظر فى العامين الماضيين على مجموعة من المعادن الخام. وعلاوة على ذلك، قال التقرير إن الصين تقوم الآن بتكرير ما بين 40 إلى 90% من إمدادات العالم من العناصر الأرضية النادرة والجرافيت والليثيوم والكوبالت والنحاس.
Trending Plus