الرواية المصرية الجديدة (1ـ 3)

أحمد طنطاوى
أحمد طنطاوى
أحمد طنطاوى

الرواية فن "يحاول أن يقدم الإنسان إلى نفسه"، على حد تعبير الناقد أحمد مدنى، عرفه الأدب العربى مع صدور "زينت" لـ"محمد حسين هيكل" عام 1913 ـ رغم أن بعض النقاد يعودون بهذا التاريخ إلى الوراء قليلا ـ وذلك بعد تخليص هذا الشكل السردى من مضامين الرواية التعليمية والوعظية ـ التى عرفها العرب على يد "رفاعة الطهطاوى"، هنا بدأ الأدب العربى يحتذى المذاهب الغربية، ببنيتها النثرية الفنية، التى احتوت الحياة بكل مضامينها وخلفيّاتها العلميّة والفكرية والفنية، بيد أن هذا الاحتذاء لم يسلم فى بداية النشأة (جيل الرواد) من عيوب عدة، لعل أبرزها: الحشو، والتفكيك، والإفراط فى الوصف، والمباشرة فى الأفكار، والوعظ والاستطراد، والمبالغة فى التصوير، وتقسيم الشخصيات إلى أبيض وأسود، والإنماء القسرى للعمل بتلفيق الأحداث أو التدخل الفج فى توجيهها، وغير ذلك من مظاهر التعثّر التى رصدها نقاد تلك الفترة، وأشار إليها د. طه وادى فى كتابه: مدخل إلى تاريخ الرواية المصرية.
    وسط هذه المحاولات المتعثرة فى جانب والناهضة فى آخر، جاء "نجيب محفوظ" (1911 ـ 2006) لتدخل الرواية على يديه عصر النضج بالعفوية السردية، وأمانة التصوير، التى تغوص فى أعماق الشخصية بالشكل الكاشف عن دوافع السلوك، وكذلك التمكن من اللغة تمكنا يتيح للقارئ التنقل بين مستوياتها بنعومة. مقدما متحفا كبيرا من الشخصيات العملاقة التى أصبحت كشخصيات شكسبير محفورة فى ذاكرة القارئ، وبالقدرة البارعة على تصوير مئات المواقف المتغايرة، وبالإحاطة الواسعة بآليات القص وأساليبه الفنية، من خلال مستويات بدأت بالرواية التاريخية ثم الاجتماعية وأخيرا الواقعية الجديدة كما يقول أحمد كمال زكى فى مقال بعنوان: يوسف الشارونى ناقدا.
بذلك لعب "نجيب محفوظ" دورًا لا يقل أهمية عن دور كبار الروائيين فى الغرب، ثم تلاه جيل "ما بعد نجيب محفوظ"، الذى استفاد من التقنيات الحديثة للسرد دون أن يحاول الاستفادة من الفكر الجديد الذى طبع الرواية الغربية بطابع فصلها عن المجتمع، وغرّبها عن قرّائها العاديين الذين يبحثون فيها عن الشخصية الجدلية المثيرة للتأمل، لاستكشاف دواخل النفس الإنسانية أو للتسلية، فتجدد شباب الرواية، وظهرت أعمال قوية أشار لها محمد ناجى فى مقاله: صنعة قلق.. صنعة صدق، مثل "الجبل" (1962) لـ"فتحى غانم" (1924ـ 1999)، التى زودت الرواية العربية بتقنية الشهود، ثم اللغة الفلكلورية الرائعة لـ"عبد الرحمن الشرقاوى" (1920ـ 1987) فى "الأرض" عام (1954)، وتأريخها للحياة الريفية المصرية بشخوص مقنعة، كما تميّز "يوسف إدريس" (1927ـ 1991) ببراعة ومنطقية التصوير كما فى عمله "الحرام" (1958).
    على أن هذا التقرير لا يعنى إغفال الجهد الضخم الذى قام به الرواد من معاصرى "نجيب محفوظ"، وكان من هؤلاء: "طه حسين" (1889ـ 1973)، و"محمد فريد أبو حديد" (1893ـ 1967)، و"محمود جودة السحار" (1913ـ 1974)، و"توفيق الحكيم" (1898ـ 1987) وغيرهم، لكن جهودهم لم تكن تطويرا للفن الروائى بقدر ما كانت توطينًا له، كما يرى ـ ونرى ـ د. حمدى السكوت فى ببليوجرافياه الشهيرة عن الرواية العربية الحديثة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مادورو: فنزويلا طورت نظام دفاعها الوطنى رداً على الضغوط الأمريكية

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

فوز مرشح أقصى اليمين خوسيه أنطونيو كاست بانتخابات الرئاسة فى تشيلى

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو


العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

انتبه.. ضرب المدير أو صاحب العمل يعرضك للفصل الفورى دون صرف تعويض

موعد بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل فى 5 محافظات


تعرف على آخر تفاصيل عرض الأهلى لضم حامد حمدان

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

هل سنرى أحمد السقا عريسا فى 2026؟.. النجم الكبير يجيب.. صور

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى