التاريخ الكبير لـ البخارى.. تعرف على الكتاب

نعرف صحيح البخارى الذى جمع فيه أحاديث النبى محمد عليه الصلاة والسلام، لكن ماذا عن كتابه "التاريخ الكبير".. ما الذى يقوله فيه، وما موضوعاته؟.
نعتمد على مقدمة كتاب التاريخ الكبير للبخارى، تحقيق ودراسة: محمد بن صالح بن محمد الدباسى ومركز شذا للبحوث بإشراف محمود بن عبد الفتاح النحال.
يقول الكتاب:
التَّعريف بـ"التَّاريخ الكَبير" للبخاريِّ : يُعدُّ "كتابُ التاريخ الكبير" من أعظم كتب النقد الحديثي، وأغزرها فوائدَ، بَيْدَ أنه رفيعُ المستوى، عسيرُ المنال في بعض الأحيان، حتى على المتخصِّصين، وقد أبدع العلَّامة مُغلطاي في وصفه بقوله: "عادة البخاري -رضي اللَّه عنه- يذكر شيئًا، ويعترض بشيء، ثم يذكر شيئًا آخر، فمن لا يتدبره لا يكاد يفهمه.
ولهذا قال لما بلغه عيبُ مَن عاب "تاريخه": باللَّه، إنَّ مشايخَهم لا يفهمونه، ولا يكادونَ يهْتدونَ لموْضوعه".
وقد جمع البخاري في "تاريخه" بين علم العِلل، والجرح والتعديل، والأنساب، وتاريخ الرواة، والأحكام على الأحاديث، وجمهرة من الفوائد المتعددة.
ورتَّب تراجم "تاريخه" على حروف المعجم: "أ، ب، ت، ث،. . . "، كما رتب هؤلاء الرواة على أسماء آبائهم حسب الترتيب الألفبائي، إلا أنَّه قدَّم مَن اسمه محمد على سائر الأسماء؛ لشرف هذا الاسم الكريم.
وابتدأ بذكر ترجمة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونسبه إلى آدم -عليه السلام-، بعد أن قدَّم لذلك بمقدمة بَيَّنَ فيها فضل قريش على الناس، وذكر شيئًا من صفاتِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومدَّة بَعْثه، وذكر كيف بدأ التاريخ الهجري في عهد عُمر بن الخطاب، ثمَّ ذكر تاريخ وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وخُطَّته أنه يذكر أسماء الصحابة، ثم التابعين، ثم مَن بعدهم في كل حرف من الحروف.
وتراجم البخاري لرجالِه تتراوح بين الطول والقِصَر؛ فبيْنا نجدُه يُترجِمُ لأحَد الرِّجال بسطرٍ واحدٍ، كما في ترجمتِه لمحمَّد بن عبد اللَّه بن أسيد، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن فروةَ، ومُحمَّد بن عُمرَ اليافعيِّ، وغيرِهم، إذا به يُترجِمُ لعَبد الرَّحمن بن عبد اللَّه بن كعْب بن مالك الأنصاريِّ بأكثرَ مِن عَشر صفَحاتٍ.
وغالبُ تراجِم البُخاريِّ يذكر فيها: اسم الرَّاوي، واسم أَبيه، وجدِّه، وكُنيته، ونسبته إلى القبيلة أو البلدة أو كلتَيْهِما، وقلَّما يُطيلُ في الأنساب. ويذكُر بعضَ شُيوخ صاحب الترجمة وتلاميذه، وقد يذكر جميعَ الشُّيوخ والتَّلاميذ إذا كان الراوي من المقِلّينَ؛ ليتميَّز حاله. كما يذكُر أنموذجًا من رواياتِه أو أكثرَ، ولا يُقدِّمُ البخاريُّ معْلوماتٍ وافيةً عن أحْوال الرَّاوي، ويذكرُ أحيانًا الصِّفات الجسميَّة والخُلُقيَّة والعقليَّة للرّواةِ.
والبخاري يتورَّعُ عن ذِكْر ألفاظٍ حادَّةٍ في الجرح، فغالبًا ما يقول: فيه نظر، يخالف في بعض حديثه. وأشدُّ ما يقول: منكر الحديث.
ونقل الذهبي عن البخاريِّ قولَه: "أرجو أن ألقى اللَّهَ ولا يحاسبني أنِّي اغتبتُ أحدًا". ثمَّ عقَّبَ عليه بقولِه: "قلتُ: صدقَ -رحمه اللَّه-. ومَن نظر في كلامِه في الجرح والتَّعديل علِمَ ورعَهُ في الكلام في النَّاس، وإنصافَه فيمَن يضعِّفُه، فإنَّه أكثر ما يقولُ: مُنكرُ الحديثِ، سكَتوا عنه، فيه نظر. ونحو هذا، وقلَّ أن يقول: فلان كذاب. أو: كان يضع الحديث.
حتَّى إنَّه قال: إذا قلتُ: فلانٌ في حَديثه نظر. فهو متهم واهٍ.
وهذا معنى قولِه: "لا يُحاسبُني اللَّه أنّي اغتبتُ أحدًا". وهذا هو -واللَّه- غاية الورع".
والرواة الذين تكلم فيهم بجرح أو تعديل يَقِلُّون عنْ ألفَي رجلٍ، والرُّواة الذينَ سكتَ عليهِم يَزيدونَ على اثني عشرَ ألفَ راوٍ.
بينما كانت الأحاديث التي تكلم عليها بالنقد تزيد على أربعة آلاف حديث، فكان يقولُ مثلًا: "هذا الحديث أصح، وهذا هو الصحيح، ولا يصح، مرسل، منقطع، لا يتابَع في حديثه، لم يثبت حديثه". ويتكلم على الأسانيد فيقول: "لا يصح فيه ذِكْر فلان"، وغير ذلك.
وألفاظه في الجرح والتَّعديل متعددة، زادت على مائة لفظة في كتابه "التَّاريخ"، فمن ذلك: "وَرع، ثقة، ثبت، كان امرأَ صِدْقٍ، أمير المؤمنين في الحديث، معروف الحديث".
وأيضًا: "اختلط، تغيَّر بأَخَرَة، ذاهب الحديث، سكتوا عنه، ضعيف، ضعيف جدًّا، صاحب عجائب، فيه نظر، في حفظه نظر، ليس بالحافظ، كذاب، لا يُعْرَف صحيحُ حديثِه من سقيمه، حديثه ليس بالقائم، في حديثه مناكير، عنده مناكير، منكر الحديث، مضطرب الحديث، كثير الوهَم، تَعْرِف وتُنْكِر، يروي المناكير. . . ".
Trending Plus