"إعلام ما بعد السقوط".. كيف مارست الجماعات المتطرفة الإرهاب زورا باسم الجهاد؟

الإخوان
الإخوان
كتبت ـ إسراء بدر

كما فعلت مع معظم المفاهيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة النبيلة، زيفت جماعات العنف والإرهاب التي تنسب نفسها للإسلام زوراً وبهتاناً، المفهوم الحقيقي للجهاد الذي ظل طوال تاريخ الإسلام وعقوده الطويلة يحمل عشرات المعاني الإيجابية لدى كل المسلمين.

ووفقا لكتاب "الإخوان.. إعلام ما بعد السقوط" للدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فقد شوهت هذه الجماعات مفهوم الجهاد ووضعت تحت عنوانه النبيل ممارساتها الوحشية الدموية ليتحول لدى كثير من غير المسلمين من شعوب ومجتمعات العالم إلى مرادف للقتل والتدمير، والتفجير، والدم.

والحقيقة أن مفهوم "الجهاد" في أصله الشرعي بريء تماماً من كل هذه المعاني السلبية التي شوهته بفعل ممارسات جماعات العنف والتطرف. فالنظرة الأولية له توضح أنه يحمل في معانيه التاريخية والنظرية في التراث الإسلامي محددات واضحة يصعب إخراجه من إطارها، فهو نوعان: أحدهما فردى يقوم به الشخص بنفسه تجاه نفسه، وهو جهاد النفس ضد المعاصي والذنوب والأخطاء؛ بحيث ينجو الإنسان بنفسه مما يهدد صفاءها ونقاءها وفطرتها الأولى. أما الآخر فهو جماعي، ويكون موجهاً إلى من هم خارج حدود "الأمة الإسلامية" بالتعريف التراثي، أو الدولة بالمفهوم الحديث، من دول وأمم ومجتمعات أخرى. وبحسب التفسيرات السائدة له في الفكر الإسلامي، ينقسم الجهاد الموجه إلى من هم خارج الأمة أو الدولة بدوره إلى نوعين: جهاد دفاعي وجهاد هجومي، أو "جهاد الدفع" و "جهاد الطلب". وأما الأول وهو الجهاد الدفاعي، فإنه فرض على المسلمين للدفاع عن عقيدتهم وأرواحهم وأرضهم الإعراضهم عند وقوع أي هجوم عليهم من عدو قادم من خارج الأمة أو الدولة. والمعادل لهذا النوع من الجهاد الخارجي في عالمنا الحديث اليوم، هو حق "المقاومة الوطنية" الذي يجمع القانون الدولي الحديث على اعتباره حقاً لا شبهة فيه للشعوب والأمم التي تتعرض للاعتداء الخارجي.

أما الجهاد الهجومي، فهو في الأصل ممارسة واقعية وليست فرضاً دينياً. ظلت "الدولة الإسلامية الموحدة، أو الخلافة، تقوم به في العصور المتقدمة وصولاً إلى العصور الوسطى، لإدخال شعوب ومناطق جديدة غير مسلمة إلى سيادتها بداخل "دار الإسلام"؛ بحيث تضحى جزءاً من الأمة الإسلامية، أو دولة الخلافة. وكان الجهاد الهجومي في تلك المراحل التاريخية طبيعياً في علاقات الدول والإمبراطوريات، حيث كان التوسع على حساب الغير بحسب القوة والقدرة عليه هو المميز لممارساتها، وظل قائماً حتى العصور الحديثة، ولنا في التوسعات الاستعمارية الأوروبية والحروب الشرسة بين دول القارة العجوز مثال بارز على هذا.

وبخلاف الجهاد الدفاعي الذي اجتمعت كل مذاهب ومدارس الفكر الإسلامي على اعتباره فرض عين للدفاع عن النفس؛ فإن الجهاد الهجومي ظل دوماً فرض كفاية يخضع لتقدير مصالح الأمة أو الدولة ومدى وفائه بها أو تصادمه معها. وفي حالتي الجهاد، فإن ضوابط ممارسته تبدو واضحة جلية في كل تعاليم الإسلام، بما يحول بينه وبين أن يتحول إلى إرهاب أو عنف يروع المدنيين وغير المقاتلين ويهدد حياتهم، وأمنهم وأعراضهم وممتلكاتهم.

في ظل هذه المعاني الأقرب لحقيقة مفهوم الجهاد، يأتي التفسير المغلوط والمشوه له والذي تتبناه كل جماعات العنف والإرهاب التي تنسب نفسها للإسلام زوراً وبهتاناً. فهي تتجاهل تلك الفوارق الواضحة بين نوعي الجهاد. بل وتذهب إلى أبعد من هذا بكثير، حيث انتحلت اسم "الجهاد " لتضعه على ممارسات عنفها وإرهابها التي تقوم بها داخل المجتمعات والدول المسلمة ضد سلطاتها وشعوبها ومصالحها؛ بهدف اقتلاعها وتأسيس ما تسميه "الدولة الإسلامية" بدلاً منها.

والواضح هو أن وضع هذه الجماعات مفهوم "الجهاد" عنوانا لعنفها وإرهابها وعدوانها وممارساتها الدموية ضد دولها ومجتمعاتها. إنما كان يعكس، من ناحية، رؤيتها لتلك الدول والمجتمعات باعتبارها "كافرة" معادية للإسلام، بحسب تصورهم المشوه. كما يبدو واضحاً، من ناحية أخرى، أن جماعات الغلو والعنف والإرهاب قد لجأت لذلك التحوير منذ فجر الإسلام للاستفادة من الشحنة المعنوية والإيمانية الإيجابية التي يحملها المعنى الأصلي الحقيقي للجهاد لدى عامة المسلمين، في تبرير خروجها على المجتمعات والدول المسلمة التي تعيش فيها وشن القتال والحرب عليها وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء فيها.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تياجو سيلفا يتجسس على تشيلسي من أجل حلم فلومينينسي في مونديال الأندية

المرور يبدأ غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

مدرب فلومينينسي يتحدى تشيلسي: هدفنا صناعة التاريخ

اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بقتل طالب فى مشاجرة فى منطقة الزيتون

حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور


الأهلى يجهز بدائل "عادل وفيصل" فى صفوف اليد

سيدة تطالب زوجها بنفقة 50 ألف جنيه بعد شهر زواج بمصر الجديدة.. التفاصيل

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

وزارة الطيران: تأخر محدود في إقلاع الرحلات لعطل بشبكات الاتصالات والإنترنت

أحمد ياسر ريان: رحلت عن سيراميكا بسبب أزمة مالية ولدى الأمل فى العودة للأهلى


7 أخبار لا تفوتك اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025

إعلام عبري: إصابة 16 جنديا إسرائيليا في انفجار عبوة ناسفة بشمال قطاع غزة

تليفزيون اليوم السابع يوثق اللحظات الأولى من حريق سنترال رمسيس.. إخماد النيران وتجددها مرة أخرى والسحاب غطى وسط البلد.. الحماية المدنية سطرت ملحمة بطولية.. ووزراء ومسئولون يتابعون الحادث من موقع الحريق

نقل حركة الإنترنت الثابت لعملاء المصرية للاتصالات لمركز الحركة بالروضة

ختام معسكر الحكام المرشحين للحصول على رخصة VAR

عروس البحر المتوسط تستعد لمولد المرسى أبو العباس.. الاحتفالات تبدأ 20 يوليو وتستمر 7 أيام.. تواشيح وحلقات ذكر من كل المحافظات.. وطعام مجانا للمحبين حتى الصباح.. ومريدوه: نتمنى إقامته وعدم إلغاء الاحتفالات.. صور

ميلود حمدى: المهمة صعبة وسأبذل أقصى جهد.. وجمهور الإسماعيلى الداعم الأول

سر ظهور آمال ماهر بفستان زفاف أبيض.. اعرف الحكاية

يانيك فيريرا يركّز على الجوانب البدنية لرفع معدلات لياقة لاعبي الزمالك

تأثر خدمات الاتصالات جزئيًا بعد حريق سنترال رمسيس.. ومحاولات لإعادة التشغيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى